لوثة القنوات الفضائيّة!

                                                               

                                         زينب حفني

لا أعرف ما الذي أصاب إعلامنا المرئي؟ هل أصابته لوثة في عقله أو تسرّبت جرثومه لبدنه؟ هل قنواتنا الفضائيّة أساءت استخدام مساحة الحريّة الممنوحة لها، خاصة مع تراجع مكانة القنوات الرسميّة وقلة عدد مشاهديها؟ ما أن يفتح أحدنا التلفاز على أحد البرامج الحواريّة المنتشرة بقنواتنا، حتّى يتفاجأ بالضيفين يُكيلان الشتائم لبعضهما دون أدنى مراعاة لمشاعر المشاهدين الذين يُتابعون البرنامج على الهواء!

وأصبح من المعتاد أن نرى ضيفا يقلب الطاولة في وجه الضيف الآخر، ناعتاً إياه بالعمالة والخيانة لمجرد أنّه خالفه في الرأي أو التوجه! وليس هذا فحسب! بل أحياناً كثيرة نُلاحظ المذيع الذي يُدير دفّة الحوار، يتعمّد تسخين الحوار حتّى يضع توابل على برنامجه، كي يستقطب نسبة عالية من المشاهدة، وبالتالي يُحقق قدراً أكبر من الإعلانات، التي ستؤدّي حتماً إلى رفع أجره وتحقيق مكاسب ماديّة لأصحاب القناة. وليس مهماً إن أدّت هذه النوعيّة من الحوارات إلى تشويش فكر المشاهد العربي!

ليس هذا بحسب ما يجري، ولكن هناك أمر آخر مُشين! ففي مصر على سبيل المثال لا الحصر! يتمُّ يوميّاً الاستعانة بفنانات أنصاف موهوبات لتقديم برامج يصبُّ مضمونها في إثارة بلبلة اجتماعية بالشارع وعلى الأخص ما يتعلّق بأحوال المرأة العربيّة، والهدف كالعادة «جر رجل الإعلانات» بعد أن أصبحت هي الحصان الرابح لاستمراريّة أي قناة، مع تزايد أعداد القنوات الفضائيّة التي أدّت إلى سُعار تنافسي واسع على الساحة الإعلاميّة. وبدلاً من أن تُساهم هذه القنوات في توعية مجتمعاتنا، غدت تُساهم في إلهاء أفرادها بقضايا هامشيّة تافهة.

وهناك أمر ثالث ساهمت فيه القنوات الفضائيّة العربيّة، وهي صنع نجوم من العدم لم يكن لهم وجود يُذكر كالفقاعات الهوائيّة الفارغة! وقامت بتلميع صورهم وقدّمتهم للرأي العام على أنهم نجوم المستقبل! رغم أنهم لا يملكون تاريخاً مُشرّفاً ويعلم الجميع أنهم أتوا من الأبواب الخلفيّة وسلكوا طرقاً مشبوهة للوصول إلى مقدمة الصفوف! مما يعني بأن القنوات الفضائيّة أضحت هي الأداة السحرية للولوج لدنيا المجد وإن كان مرتادوها لا يملكون أياً من مقومات النبوغ ولا يحملون فكراً راقياً! وحدّث ولا حرج عن أسماء أطلقت على نفسها صفة مؤرخين، وقاموا بتأليف قصص وحكايات عن تاريخنا الإسلامي، وفلكيين تنبأوا بالمستقبل لملوك وسياسيين وفنانين، وساهمت الفضائيات في نشر توقعاتهم السخيفة!

ما يهمني من كل هذه المظاهر السلبية التي تسببت بها القنوات الفضائيّة، الشباب.. نعم الشباب! ما شعوره وهو لا يجد له موقعاً بمجتمعه؟ ما موقفه من كل السلبيات التي يُمارسها الإعلام المرئي في حقّه، بتجاهله لقضاياه ولهثه خلف سياسي أفّاق أو راقصة مبتذلة أو فنان لا يملك أدنى موهبة؟ هل يكفر بالمبادئ والقيم التي تجرعها على مقاعد الدراسة، ويُحاول تقليد هذا أو ذاك ليصل لمراده بسرعة الصاروخ؟ هل يجعل من هؤلاء مثله الأعلى في الحياة ليضمن مستقبله؟

نعم، أغلبية القنوات الفضائيّة العربيّة مرّغت سمعة الحرية في التراب وفضحتها على الملأ لتحقيق المكسب السريع! تناسى القائمون على هذه القنوات أن الكلمة المصوّرة أعمق تأثيراً على الناس من الكلمة المكتوبة لأنها موثّقة بالصوت والصورة. هناك مثل مصري جميل «أعطوا العيش لخبّازينه»! فإذا كان المسؤولون عن هذه القنوات يرون بأن الإعلام شطارة ما دام لم يخرج عن دائرة القانون! عليهم كذلك أن يُدركوا أن البضائع العفنة التي يقومون بالترويج لها سيحملون وزرها وستؤدي إلى تدمير أوطانهم. الإعلام له دور خطير وسلاح نفّاذ في حماية عقول شبابنا من التلوّث إن أُحسن استخدامه!

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

684 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع