لا تكسروا أقلام المبدعين بمطرقة معي..اوضدي

                                      

                         صبري الربيعي

في محاولة لاستقراء الأسباب الكامنة وراء ذلك الإخفاق الذي منيت به مؤسسات ألأداء في العراق في أعقاب ألاحتلال ألأمريكي يبرز إمامنا احد العوامل الجديرة بالاهتمام ويتعلق بالنظرة ألأحادية للأمور التي تتجاهل انعكاسات هذا العامل المستقبلية.

ولعل موضوع التصرفات ألاقصائية الأخيرة الصادرة عن الجهة الحكومية أزاء بعض الكتاب والصحفيين والأدباء العراقيين من غير المؤيدين للعملية السياسية تشكل المدخل لمناقشة هادئة لهذا الموضوع. علينا أولا إدراك حقيقة أن هؤلاء المبدعين العراقيين لم يمار سوا يوما أي أداء ضار بالشعب العراقي. وهم أناس امتهنوا القلم لسنوات طويلة بدأها بعضهم منذ الستينات وتدرجوا في حقول اختصاصهم, وتحصلوا على خبرات صحفية وإعلامية وأدبية مميزة.. وكونهم في موقف معارض للعملية السياسية الجارية في ظل الاحتلال الأمريكي لايعني معاداتهم للشعب العراقي ولا يضعهم ذلك تحت طائلة القانون. مثلهم مثل أولئك الداعمين للأنشطة العدائية الموجهة ضد الشعب العراقي والمتمثلة يرفع السلاح, وتفجير المدارس والجامعات والمستشفيات والأسواق. في وقت ينبغي أن توجه هذه الأعمال إلى مؤسسات ومعسكرات الاحتلال الغاشم.
وعلينا الاعتراف بالحقيقة الساطعة في أن أي عراقي أصيل لا يرضى بالاحتلال الأمريكي للعراق..ألا أن ثمة آراء متباينة في الضرورات المرحلية لوجود القوات الأمريكية في العراق

لن يتحول المبدع إلى عدو للشعب

بالعودة إلى موضوع هؤلاء المبدعين, فأننا نذكر بأن هذا الصنف من المبدعين لا تنتجه الجامعات, ومراكز الإعداد المهني فحسب..بل أن استعدادهم الفطري وموهبتهم وثقافتهم الذاتية ودأبهم. هو الذي أوصلهم إلى مركزهم المرموق.. وليس لنا أن نتحصل على كاتب أو أديب أو فنان جيد في كل يوم..وإذا ما جمعت أسماء أبرز الكتاب والأدباء والفنانين والمبدعين العراقيين في شتى شئون العلوم لايمكن أن يصل عددهم إلى رقم يوازي5% من الشعب العراقي..إذن هؤلاء مبدعون ينبغي الحفاظ عليهم كأحد عناوين ثروتنا الوطنية . حتى وان اختلفت آراؤهم مع آراء ونظريات وممارسات سياسية فترة معينة من الفترات. ولما نزل نتحسر على مبدعين غادرونا غيلة. في المرحلة الماضية. كعزيز السيد جاسم وضرغام هاشم وعبد الجبار عبد الله وعبد الرحمن البزاز.لا يتسع المجال لذكر المزيد.. كما أن اضطرار المئات من هؤلاء المبدعين إلى الهجرة والبحث عن ملاذات آمنه.في أرض الله الواسعة قد جعلنا نخسر الكثير من منجزاتهم.التي تمثل احد عناوين حيوية أي شعب..ولقد وافى الموت كثير منهم وأبرزهم محمد مهدي الجواهري وعبد الوهاب ألبياتي ونازك الملائكة وآخرين.. ولازال عديد منهم ( يغفون ) على مقاعد المقاهي الأوربية والعربية بعد أن أضنتهم الغربة والعوز..لا نريد أن يتشكل في خارج العراق رأي عام نخبوي معاد لأهداف بناء العراق. بعيدا عن المحددات وعوامل الفرز الطائفية والمذهبية والعرقية. وربما بنى بعض المسئولين العراقيين موقفهم المضاد من هؤلاء المبدعين. نتيجة كتابات أو تصرفات معينة.. وهذا لا يبرر إلقاء القبض عليهم عن طريق ( الانتربول) وتحويلهم ربما ( رغما عنهم)إلى أعداء لبلدهم الذي يحبون وهو يرزح تحت الاحتلال ألأمريكي.

هذا ما فعله عبد الناصر وهتلر


ولنا في مواقف أشار لنا التأريخ أنها حصلت حيال المبدعين تعبر عن ألاعتزاز بهم. واعتبارهم النخبة المؤثرة في ثقافة وتطور المجتمع..ومثال ذلك الرئيس جمال عبد الناصر, عندما منع محاسبة أي من الكتاب والمبدعين المصريين الذين واكبوا مرحلة النظام الملكي المصري وقال لهم ( نبدأ من هنا) فتحول هؤلاء إلى رموز في الثقافة والفكر والعلوم المختلفة.
وفي زيارة عمل لي إلى دار ( الأهرام) في عام 1990 وجدت أن هناك طابقا مخصصا للكتاب ( الاقدمين) يمارسون أعمال الاستشارة وإبداء الملاحظات التقويمية.
وربما لا نأتي بجديد عندما نشير إلى أن ( هتلر) وقبيل إدراكه أن قوات الحلفاء سو ف تطبق عليه لا محالة. أمر بجمع ما يتيسر من العلماء والمبدعين وتحفظ عليهم في مكان آمن قائلا( إذا فنيت ألمانيا..فان هؤلاء سيبنونها من جديد).
لا نريد لأقلام المبدعين أن تكسر بمطرقة ألإقصاء وألا فق الضيق. وعد م تقبل الرأي ألأخر.. ولا نريد رؤية هؤلاء المبدعين عرضة للاستغلال من قبل أعداء الشعب العراقي.. ولا نريد خنق إبداعاتهم ونحرها على مذبحة معي..أو ضدي ..ولننتظر منهم بعد ذلك أن يكونوا أعلاما في زمن الحرية التي ستنتهي أعمارنا دون أن نملا صدورنا بعبيرها..

   

الگاردينيا: المقالة اعلاه ارسلتها الأخت عقيلة المرحوم  فقد كان قد نشرها في موقع اخر قبل فترة طويلة.. لأهميتها نعيد نشرها..

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

897 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع