الحرب العظمى الثالثة

                                      

                          عدنان حسين

نعم، إنها حرب عظمى، أو كونيّة أو عالمية، مكتملة الأركان .. أطرافها المتحاربة بالعشرات من الدول في مقابل تنظيم إرهابي دولي عابر للقارات، له دولته القائمة بحدودها المتحركة وامتداداته وحواضنه عبر العالم، بينها حكومات كحكومة قطر.

الحرب العالمية الثالثة التي تقودها الآن الولايات المتحدة، عدا عن الأربعين دولة التي ستنخرط فيها بقواتها العسكرية أو بأموالها أو باستخباراتها وتسهيلاتها اللوجستية، من استراليا في أقصى الشرق والجنوب الى كندا في أقصى الغرب والشمال ، وبينها أكثر من عشرين دولة عربية وإسلامية بما فيها إيران التي ستتهادن و"الشيطان الأكبر" هذه المرة، ستمتد رقعة جبهاتها الى أكثر من قارة. الجبهة الرئيسة ستكون في العراق وسوريا حيث أقام (داعش) دولته، لكن الولايات المتحدة وحلفاءها عازمون في هذه الحرب على التحرك أيضاً نحو الجبهات الخلفية حيث توجد الخلايا النائمة ومراكز التعبئة والتطويع لهذا التنظيم الإرهابي. الرئيس أوباما أكد أثناء إعلانه مساء الأربعاء الماضي ستراتيجيته للحرب ضد (داعش) : " سنلاحق الإرهابيين الذين يهددون بلدنا أينما وجدوا"، وتابع: "هذا مبدأ أساسي لرئاستي: إذا هددت داعش أميركا، فلن تجد ملاذاً آمناً".
هذه الحرب، كما الحربان العالميتان السابقتان، لا يجوز أن تنتهي الى معادلة من قبيل لا غالب ولا مغلوب أو بتسوية ما.. لا مناص من النصر المؤزر فيها وفي وقت قصير نسبياً، والا تواصلت العمليات الحربية عقوداً، بل قروناً، والكلفة ستكون فظيعة ومهولة للغاية.
هذه ليست حرب نجوم، فرحاها تدور على الأرض .. وعلى الأرض، وبالذات أرض العراق وسوريا، يتوجب أن تتوفر كل الظروف والوسائل الكفيلة بهزيمة (داعش) ومنظمات الإرهاب الأخرى متعددة الأسماء، العاملة على امتداد القارات الخمس.
بتخطيط أو من دون تخطيط تتكدس الجماعات الإرهابية الآن بمعظمها على امتداد دولة داعش الإسلامية في العراق وسوريا، والمنطقي ان تكون هذه المنطقة هي الجبهة الأمامية .. لم تعد (داعش) مجرد مجموعات تمارس إرهابها على طريقة حرب العصابات .. إنها الآن دولة بجيش شبه نظامي لديه الجحافل من المقاتلين والمعسكرات والآليات المدرعة والصواريخ وحتى الطائرات التي "تبرع" له بها، بقصد أو من دونه، الجيشان السوري والعراقي .. هذه الدولة لديها أيضا بنوك وآبار نفط.. الولايات المتحدة وحلفاؤها سيقدمون كل ما يلزم للحرب من إسناد جوي وخدمات تجسسية وأخرى استشارية، فضلاً عن الأسلحة والذخائر والأموال، لكن الميدان الحاسم لهذه الحرب هو الميدان البري .. لابدّ من قوات مشاة وقوات مدرعة وقوات استخبارات تحارب على الأرض .. في العراق هذه مهمة الجيش العراقي، وفي سوريا مع تأكيد أوباما وحلفائه من ان الدكتاتور السوري لا يمكن أن يكون شريكاً في هذه الحرب، فالمهمة لابدّ ان تُناط بالجيش السوري الحر والائتلاف الوطني السوري.
في العراق الجيش غير مؤهل تماماً بعد.. هذه حقيقة بانت جليّة واضحة قبل ثلاثة أشهر (هزيمته المخجلة في الموصل وتكريت وسواهما أمام داعش) .. وكيما يُعاد تأهيل هذا الجيش تتعيّن إعادة هيكلته وتشكيله من جديد على أسس وطنية مهنية وليست طائفية أو قومية .. هذه العملية يمكن لها أن تستغرق سنتين أو اكثر، لكن يمكن تسريعها لإنجاز قاعدتها الأساس في غضون ستة الى تسعة أشهر، بشرط أن تترافق عملية إعادة الهيكلة مع إجراء مساءلة لكشف كيف جرى الذي جرى منذ ثلاثة أشهر. اما في الجبهة السورية فالحلفاء ملزمون بمغادرة ترددهم حيال الجيش السوري الحر والائتلاف الوطني لتمكينهما من أن يكونا بديل نظام الأسد ودولة (داعش) على السواء.
الانتصار على داعش في العراق لا يكفي، فسوريا ولبنان والأردن يمكن أن تكون المركز البديل لدولته إذا ما خسر أرض العراق، وفي هذه الحال فان هذه الخسارة ستكون مؤقتة فحسب.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

662 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع