صورة نادرة تجمع المرحوم عبدالسلام عارف قبل سقوط طائرتهم بساعة واحدة وتبدو في الصورة والد زملينا أحمد فخري المرحوم ( جهاد أحمد فخري) مدير عام كهرباء الوطنية الثاني من اليسار.
تُوفي الرئيس عبد السلام عارف إثر سقوط المروحية السوفيتية الصنع طراز ميل موسكو في ظروف غامضة، والتي كان يستقلها هو وبعض وزرائه ومرافقيه بين القرنة والبصرة مساء يوم 13 نيسان/ أبريل 1966، خلال زيارة تفقدية للألوية.
في يوم 11 نيسان/ أبريل 1966، تجول الرئيس عبد السلام عارف في موكب رسمي مهيب في شوارع البصرة حيث احتشدت جموع غفيرة من محبيه من المواطنين وذلك في سيارة شفروليت مكشوفة، وتفقد الميناء ومنطقة المعقل ثم وضع الحجر الأساس لمصنع الأسمدة الكيماوية وبعدها افتتح مصنع الاسمنت وكان أكبر معمل إسمنت في الشرق الأوسط في حينها.
ولقد أجرت بعض الصحف المقابلات الصحفية معه، ومن المقابلات المثيرة هي تصريحه عن آفاق عمله المستقبلية وخططه الخاصة بـإعمار العراق حيث قال للصحفي نحن لدينا لجنة وزارية خاصة بخطط البناء والإعمار وبالتعاون مع جميع الوزارات، ثم درج في القول مازحاً، أما على الصعيد الشخصي فأقول لك الآية الكريمة "وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت".
أما في اللقاء الثاني وكان في المطار عند إقلاع الطائرة قبل وفاته بساعات، حيث كانت الشائعات تروج عن محاولة انقلابية، فأجاب الرئيس "لا يهم إن بقيت حياً أم مت فتلك مشيئة الله وأنا نذرت نفسي للعراق".
وتذكر السيدة عقيلة الرئيس عارف بأنه أخبرها بأنه قد رأى رؤيا في منامه قبل أيام، وقد تكررت الرؤيا بأن زيارته للبصرة ستكون محطته الأخيرة، وعندما حاولت ثنيه عن السفر قال لها: "لكل أجل كتاب، لا يمكننا تأخير إرادة رب العالمين إذا شاء". بعد التقائهِ بعشائر العمارة في منطقة النشوة وإلحاح شيوخ العشائر له بالبقاء معهم أطول فترة ممكنة، تجاوز الوقت فترة الغروب حيث ينبغي مهنيا على الطيار أن يتهيأ لأسلوب الطيران الليلي. وبعد انتهاء الضيافة العربية وبعض الكلمات المرحبة والخطب المتبادلة عن خطط إعمار العمارة وأقضيتها والإجابة عن أسئلة الصحفيين والشيوخ، ودع المضيفون عارف وموكبه بشكل حافل ومهيب. وبعد أن استقل الرئيس طائرته الرئاسية الخاصة التابعة للرف الجمهوري حلقت الطائرة بشكل غير مستقر حيث بعد إقلاعها المباشر كانت اهتزازات متقطعة تحدث للمحرك وبعد ذلك شوهدت بعض النيران تندلع في الطائرة وبقيت فترة محلقة خارج سيطرة الطيار تطير باتجاهات مختلفة فوق النهر وعلى ارتفاع منخفض، حسب ما أدلى بهِ الطيار من خلال جهاز اللاسلكي مع الطائرات الأخرى ومع القاعدة الجوية.
ولم ينتظر الرئيس عارف تحطم الطائرة التي كانت تحلق فوق بساتين النخيل على حافة النهر فانتظر اقترابها من الأرض فقفز من الطائرة محاولاً السقوط في النهر إلا أن اتجاه سقوط الطائرة أبعدها قليلا عن مجرى النهر مما أدى إلى سقوطهِ على الحافة الترابية للنهر فارتطم على جبينهِ مباشرة فأدى إلى إصابته بحالةِ إغماء ثم نزف شديد مع كسر في الجمجمة تسببت في وفاته بعد دقائق من سقوطهِ وتشكلت لجنة تحقيق عسكرية لم تتوصل بدقة إلى سبب الحادث وقد أعلن بان سبب الحادث كان جراء خلل فني في الطائرة الرئاسية جراء عاصفة رملية، مما حدى بالقيادة السوفييتية إلى إرسال لجنة تحقيق فنية حيث توصلت إلى قرار بأن الطائرة كانت سليمة ولم يكن سقوطها بسبب خلل فني وبقيت التكهنات هل هي مؤامرة أم سوء الملاحة الجوية أم ارتطام الطائرة ببعض أشجار النخيل.
وكان يقود طائرة الرئيس النقيب الطيار خالد محمد كريم، ولم يكن ذا خبرة كبيرة في طيران الآلات في الأجواء الرديئة. ومن المثبت تاريخياً بأن منطقة النشوة في محافظة البصرة تكثر فيها العواصف الترابية، وقد اقترح أحد المسؤولين الكبار في قاعدة الرشيد الجوية في حينها على الرئيس عبد السلام عارف عدم العودة إلى بغداد إذا حل الظلام وهم ما يزالون في البصرة وذلك لقلة خبرة الطيارين في الطيران الليلي لكون هذا النوع من الطائرات كان حديث العهد في القوة الجوية العراقية.
المصدر:المشرق
901 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع