الطفل أكبر ضحايا "إرهاب" الإنترنت.. كيف يُستدرَج؟

     

الجماعات المتطرفة تخلق عبر الإنترنت جيلاً مهزوز الإيمان بدولته

هناء الكحلوت - الخليج أونلاين:تستهدف الجماعات المتطرّفة الأطفال عبر الإنترنت، وتحاول استدراجهم لصفّها، وتنمّي فيهم السلوك العدواني لتخلق جيلاً متطرّفاً خائفاً من الواقع الحالي، مهزوزاً إيمانه في دولته والمجتمع، وبنفسه أيضاً، ومسلوباً بمفاهيمه وثقافته الدينية.

وباتت جرائم التقنية والتطرف على الإنترنت خطراً يهدّد الأطفال واليافعين، في ظل علاقتهم المتلازمة بوسائل التواصل الاجتماعي.

ويرتبط التطرّف والإرهاب بالواقع، ولهما أبعادهما النفسية والمجتمعية والسياسية والثقافية، ومن دون تنمية ثقافة حُرة نقدية يصعب مواجهتهما.

تسعى دول الخليج والدول العربية إلى توعية الأطفال ضد المخاطر التي تهددهم عبر الإنترنت، وأقامت العديد من ورشات العمل، والدورات، والحملات، وافتتحت جمعيات ومراكز، وأنشأت تطبيقات وألعاباً لمحاربة الجريمة، ولتوجيه سلوك الأطفال ليكونوا حصناً منيعاً ضد التطرف في بلدانهم.

- كيف يُستدرج الطفل؟

وعن كيفية استدراج الطفل، وجعله ضحية للتطرف عبر الإنترنت، تقول الدكتورة هند ناصر الدين، عضو مديرية الإصلاح والوساطة والتوثيق الأسري التابعة لدائرة قاضي القضاة في الأردن: إن "الجماعات المتطرفة تعمل على تغيير تفكير الطفل وتوجيهه دون أن يشعر؛ وذلك بالبحث عن مواطن الضعف لديه والنقص وتعبئتها، ومحاولة استقطابه لمصلحتهم".

وتضيف دكتورة الإرشاد النفسي لـ "الخليج أونلاين": "تحاول هذه الجماعات تغيير أفكاره نحو السلام والأمن؛ في دعوة لعدم الاستقرار، بحيث يوجهون كلاماً للطفل حول بلاده بأنها غير مهتمّة لقدراته وإمكاناته، حتى يثور عليها".

وفي ذات السياق تستهدف هذه الجماعات فئة الصم والبكم، ويشركونهم في نشاطات، وبعد ضمان استقطابهم يتم سحب هذه الفئة لمصلحتهم دون أن يشعروا، وهذا الاستهداف لا يكون للأطفال فقط، بل للكبار أيضاً، وفق المختصة.

وأكدت المختصة ناصر الدين لـ "الخليج أونلاين"، أن "هناك الكثير من الأطفال الذين وقعوا ضحية للدعوة للمثاليات، والانخراط بالمجتمع، ليكتشفوا أنهم تابعون لجهات متطرّفة، توجههم -دون أن يشعروا- لصالح أفكارهم وجرائمهم، فالطفل في بداية الأمر لا يعلم أنه أصبح ضحية لهم".

- ابني تغيّر فجأة

وضربت المختصة مثالاً لطفل بالصف الثامن الإعدادي، في الأردن، لاحظت أمه تغيّراً مفاجئاً على شخصيته، إذ إنه أصبح يُبدي رأيه بالأمور السياسية، ويصلي ويذهب للمسجد بكثرة، كما باتت تعليقاته على غيره مختلفة وعدوانية، وأصبح له أصدقاء جدد ومن طابع مختلف عن سابقه، ولأن الأم متابعة لأمور ابنها استطاعت معرفة الفروقات.

وأضافت: "في حال لم تكن الأم متابعة لتحركات ابنها وحياته، ولا تعرف هل تغيّر عندها، يتسبب ذلك بمشكلة أكبر"، مشيرة إلى أن "هناك فرقاً بين هداية الشخص للدين مثلاً، وبين اتباع طريق متطرف دون تعمّق".

ويكون التأثير في الطفل عبر الإنترنت بعدة وسائل، وفق ما أوضحت ناصر الدين لـ "الخليج أونلاين"؛ منها الألعاب والصور، والتطبيقات، والمواقع الإباحية، ومواقع ترويج المخدرات بطريقة جمالية، وغيرها، التي تصوّر له حياته أنها ستصبح أفضل.

فالصور التي فيها عدوان تؤثر في عقل الطفل، والألعاب التي ترتكز على الصراخ والعدوان، والتنافس غير الشريف، تدعو للعدوان، بحيث يصبح الطفل يحاكي هذه الألعاب في واقعه، وهو غير مدرك لخطورة ذلك على شخصيته ومجتمعه.

ونوّهت المختصة بأن الطفل يبدأ بالقراءة في عمر 7 سنوات، ويبني العديد من الصور بمخيلته وعقله، وعلى الأم مراقبته على الإنترنت، ومراقبة محيطه، كما يمكنها التعاون مع مستشار أسري لتوجيهه.

وأكّدت أهمية تكاتف المجتمع بمؤسساته للتصدي لهذه المخاطر، وقالت: "في المدارس بالأردن هناك ورشات مختصة للتوعية بالتصدي للعنف والإرهاب عبر الإنترنت. كما أن شرطة السلم المجتمعي تدرّب عناصرها، وتنظّم لهم العديد من الدورات المختصة لمحاكاة المهاجمين عبر الإنترنت؛ حتى تستطيع التصدي لهجماتهم وتوعية المجتمع بها".

وتعرض "السلم المجتمعي" قصصاً لضحايا استدرجهم تنظيم الدولة بالأردن، واستطاعوا الفكاك منهم بمساعدة الشرطة، وبعدها أعطتهم الشرطة الحماية والأمن، وباتوا يُحدّثون بتجاربهم ويحذّرون من الانسياق وراء المتطرفين.

فالمجتمع أصبح يُشعر أفراده بالأمان في حال ترك هؤلاء المتطرفين، ويؤكد احتواءه لهم ووجوده بجانبهم من بعد ذلك، ولكن هناك العديد من الأشخاص لا يستطيعون الفكاك من المتطرفين؛ إذ يقتلون من قبل هذه الجماعات قبل ذلك.

وشددت ناصر الدين في حديثها لـ "الخليج أونلاين" على أهمية تعاون مؤسسات المجتمع جميعها لعمل حملات توعوية حول هذه المخاطر؛ كالمساجد، ووسائل الإعلام، والتلفاز، والمدارس، مؤكدة أهمية دور الأسرة، التي تعد أساس المجتمع، وأن يتعاون الآباء مع المدرسة لمتابعة أبنائهم.


- طرق فعّالة

هناك العديد من الطرق الفعّالة لمحاربة التطرّف والإرهاب، وزيادة وعي المجتمع، وتعزيز ثقته بنفسه، بحسب ورقة عمل دروس من الحدث في مكافحة الإرهاب والتطرف، التي نشرها مركز الدراسات والاستشارات في الجامعة الأردنية، في يوليو/تموز الماضي.

ومن هذه الطرق؛ تقديم البديل المُقنع للأطفال والكبار عن الخيارات التي تطرحها الجماعات المتطرفة؛ فللكبار يجب تقديم برامج تدريبية وتأهيلية للوعاظ والأمّة من قبل وزارة الأوقاف، وتوفير المنابر الإعلامية والدينية والمجتمعية للقيادات الدينية البارزة المعتدلة التي تتمتع بالكاريزما.

وعلى صعيد التربية والتعليم والمناهج والكتب المدرسية عليهم تعزيز قيم التعايش والحوار، وتشجيع التفكير النقدي والعلمي لدى الأجيال الصاعدة، وتعزيز النشاطات اللامنهجية التي تنمّي شخصية الطفل وتعزّز ثقته بنفسه.

كما نوّهت ورقة العمل بأهمية التركيز على "المنهج الخفي" المرتبط بالمعلمين، فعلى المعلم أن يُشرّب الطالب بأفكاره وآرائه الرافضة للتطرف والعنف، مع أهمية تطوير ثقافة المعلمين وقدراتهم وأساليبهم.

وعلى صعيد المنابر الإعلامية، فإن عليها بحسب هذه الدراسة أن تكون ذكية في صياغتها ومحتواها.

- الخليج درع ضد الإرهاب

من الخطوات الخليجية التي اتخذت درعاً لمحاربة التطرف عبر الإنترنت، أقام المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة بالإمارات، في بداية الشهر الجاري، حملة تحت عنوان "سلامة الطفل"، هدفت لتعزيز الاستخدام الآمن للتكنولوجيا الرقمية لدى الأطفال والناشئة.

وتعتزم الكويت إقامة "مؤتمر الكويت الإقليمي الأول لحماية الأطفال من مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي"، في الـ 21 من الشهر الجاري؛ لإيجاد حلول واقعية للقضايا الخطرة المنبثقة عن الإنترنت، بمشاركة دولية واسعة من الخليج والشرق الأوسط.

وكانت الحكومة الكويتية أقرت في عام 2015 قانون "الجرائم الإلكترونية" في البلاد لينظّم آلية التعامل مع الوسائط الإلكترونية، ومن ضمنها وسائل التواصل الاجتماعي، التي يعدّ "تويتر" الأكثر استخداماً من بينها في الكويت.

وتبنّى مجلس التعاون الخليجي مقترحاً يقضي بتشكيل جيش إلكتروني لمواجهة الإرهاب إلكترونياً، وفقاً لما نشرت صحيفة عكاظ السعودية، في يناير/كانون الثاني 2016.

وعُقد في البحرين، في سبتمبر/أيلول الماضي، ملتقى "الأمن الإلكتروني"، الذي ناقش "التحديات والتهديدات والاستراتيجيات".

كما أعلنت الشركة الرائدة عالمياً في مجال التكنولوجيا (لوكهيد مارتن)، في يوليو/تموز الماضي، تعاونها مع جامعة حمد بن خليفة في قطر؛ من أجل تطوير القدرات الوطنية القطرية في مجال الأمن الإلكتروني.

جاء ذلك بعد أن دشنت دولة قطر رسمياً، في 1 يونيو/حزيران من العام الماضي، المرحلة الأولى من مشروع "الدرع الأمنية الإلكترونية".

وشهد عام 2015 انطلاق مركز صواب الإماراتي، بشراكة إماراتية أمريكية؛ لمحاربة تنظيم الدولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي السعودية، أطلقت وزارة الشؤون الإسلامية "حملة سكينة"، وغرضها الأساسي حماية الشباب المسلم، ضمن استراتيجية إلكترونية توعوية للحيلولة دون نشر أفكار الترويج للعنف، أو التحريض عليه بالمجتمعات.

وعلى صعيد التطبيقات، أطلقت وزارة الداخلية السعودية تطبيق "كلنا أمن"، لتسهيل مهمة المواطن العادي بإبلاغ الجهات المختصة عن أي حادث يصادفه، أو شخص يشتبه بأنه إرهابي، أو يعتزم شن هجوم إرهابي، وأطلقت شرطة دبي تطبيق خدمة "تواجدي"، ونظام "sos"، لمساعدة المواطنين في الخارج بالإسهام باستتباب الأمن والتدخل السريع في الحالات الطارئة داخل البلاد.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

754 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع