القرطاسية تطارد العوائل الفقيرة

   

المدى/إيناس طارق:لم يكن (ابو احمد) يتوقع ان كلفة شراء القرطاسية لأولاده الأربعة ستصل الى قرابة (100) الف دينار، والسبب هو تأخر وزارة التربية بتسليم الطلبة القرطاسية. اربعة طلاب تكلف فقط قرطاسيتهم من دفاتر واقلام ومستلزمات اخرى، من غير الحقائب والملابس خاصة اذا كان هناك زي موحد.

قد يكون بمقدور عدد من الناس شراء القرطاسية لابنائهم لكن هناك نسبة كبيرة لاتستطيع توفير ذلك، فهل تنتظر رحمة وزارة التربية ومتى يطيب لهم توزيع القرطاسية التي يفترض انها موزعة قبل بداية موسم المدارس ...

لماذا ترتفع الأسعار ؟

المواطن (ستار خالد) -كاسب بأجرة يومية- تساءل في حديثه لـ(المدى): لماذا ترتفع الأسعار مع بداية كل موسم دراسي؟ موضحا ان هذا يعد استغلالا لحاجة الناس تتسبب به السياسية الخاطئة لوزارة التربية. لافتا الى وجود عوائل لاتستطيع شراء كامل المستلزمات المدرسية مرة واحدة خاصة اذا كان لديهم اكثر من طالب . منوها الى ان لديه ثلاثة تلاميذ وكل واحد منهم بمرحلة ،ابتدائية ومتوسطة واعدادية، وهو يعمل بأجر يومي لايتجاوز 15 الف دينار وشراء القرطاسية يكلفه 50 الف دينار، فكيف سيقوم بتوفير احتياجاتهم مع بداية الموسم الدراسي؟

عجز وزاري أم ماذا ؟

بينما شددت (نبراس الموسوي) -موظفة في وزارة التجارة- في حديثها لـ(المدى ): ان توزيع القرطاسية يجب ان يكون قبل بداية موسم الدراسة بايام. مستدركة: لكن وزارة التربية مصرة على ان تضع العوائل في موقف محرج مع بداية كل عام دراسي. موضحة : ان الطالب يحتاج في اول يوم دراسي ما لايقل عن 7 او 8 دفاتر لتسجيل الدروس والواجبات اليومية.

واوضحت الموسوي: ان على وزارة التربية ان تعيد النظر (بمجانية التعليم) التي تتحدث عنها. مبينة: ان الكثير من العوائل تقوم بشراء القرطاسية والكتب من الاسواق بعد عجز الوزارة عن توفيرها في وقت مناسب. مؤكدة: ان على وزارة التربية ان تخفف من الأعباء على العوئل لا ان تزيدها مثلما نلاحظ.

مشكلة مزمنة

فيما بينت الطالبة في المرحلة الإعدادية (مها احمد) لـ(المدى): الموضوع ليس فقط قرطاسية وملابس بل يتعداه الى الكتب ايضا التي تغيب في الايام الاولى من العام الدراسي. مشيرة الى ظاهرة الملازم التي تباع لهم بدل الكتب والتي تعد بمثابة تلخيص للكتاب. منوهة الى ان بعض المدرسين لايعتمدون مادة الكتاب بقدر اعتمادهم على الملزمة.

وبشأن القرطاسية ذكرت احمد: في العالم الماضي تأخر استلام القرطاسية قرابة الشهر، ما اضطرنا الى شرائها من الاسواق التجارية. مشيرة الى ان القرطاسية التي وزعت لم تكن بمستوى جيد يليق بالطالب العراقي الذي اهمل كثيرا من قبل الحكومة. داعية الى اهمية توزيع القرطاسية قبل شهر باقل تقدير من بدء العام الدراسي.

حلحلة الواقع العلمي وتسرب التلاميذ

(منار محمد) -باحث اجتماعي- ذكر لـ(المدى): ارتفاع اسعار القرطاسية والمستلزمات الدراسية بات سببا اضافيا لتسرب التلاميذ من مقاعد الدراسة. مضيفا: ان الكثير من الأسر ارهقتها تكاليف شراء القرطاسية وبعضها لاتستطيع توفيرها، محملا وزارة التربية المسؤولة الكاملة عما يحدث في قطاع التعليم.

وتابع محمد حديثه: وزارة التربية بالرغم من كل مما يحدث تقف مكتوفة الأيدي دون ان تستوعب التلاميذ المتسربين او تحاول اعادتهم. مردفا: بالعكس نجدها في واد والتلاميذ وعوائلهم في واد اخر الامر الذي تسبب بحدوث حلحلة في المستوى العلمي لدى التلاميذ ولكافة المراحل الدراسية. مشيرا الى وجود تلاميذ وعوائلهم فقدوا المعيل بالتالي صعوبة توفير ثمن القرطاسية التي هي ليست الوحيدة في طلبات الطلاب الدراسية.

دفاتر مستوردة فقط !

من خلال جولة في سوق القرطاسية تبين ان هناك عدة انواع من الدفاتر ولكل نوع ومنشأ سعر حيث نجد القرطاسية الصينية تختلف عن الاندونيسية من حيث نوع الورق والتجليد. وحسب قول التجار انهم قاموا باستيراد انواع عدة تماشياً مع المستوى المادي والطبقي للعراقيين فهناك من يفضل شراء القرطاسية الغالية لانها اندونيسية حيث يبلغ سعر درزن الدفاتر فئة (100) ورقة ثمانية الاف وخمسمئة دينار ، بينما الدرزن الصيني ولنفس الفئة الورقية (4500) اربعة الاف وخمسمئة دينار. اما بالنسبة الى الاقلام كمثال الدرزن ايضا الاندونيسي والامريكي يبلغ (12) الف دينار بينما الصيني (5000) الاف دينار وهكذا بقية المواد وهناك حقيقة لابد من ذكرها هي أن تأخير توزيع القرطاسية على الطلاب في الايام الاولى يدفع بالتجار الى رفع اسعار الدفاتر الى اكثر من الضعف، وتزايد الاقبال على شراء المستلزمات رغم ارتفاع ثمنها بسبب حاجة الطالب اليها مع اليوم المدرسي الاول.

الأسعار نفسها والمواطن يتذمر

(فارس محمد) -صاحب مكتبة لبيع القرطاسية في شارع المتنبي- اوضح لـ(المدى): ان اسعار الدفاتر هي نفسها منذ سنوات ولم تتغير. مبينا: ان سعر الدفتر فئة المئة ورقة (1000) دينار. مردفا: ان هناك انواعا عدة من الدفاتر الصينية والاندونيسية وهناك التركية ايضا وغير ذلك من مناشئ تختلف اسعارها حسب الجودة والمتانة ونوع الورق.

واسترسل محمد: رغم زيادة المعوقات واجراءات الاستيراد من الكمارك والنقل والتكاليف الباهظة الاخرى، الا ان الأسعار لم تتأثر كثيرا. مستطردا: رغم ذلك نجد الكثير من المواطنين يتذمرون ويدّعون ارتفاع اسعار القرطاسية. مشيرا الى ان الزيادة تحصل عند باعة المفرد في المناطق البعيدة حيث يضيفون لها الربح فمن غير المعقول ان يعمل اي شخص دون ارباح.

التعليم .. نحو الهاوية!

التربوي (علي قاسم) اكد في حديثه لـ(المدى): ان الواقع التربوي في العراق يتدهور عاما بعد عام نحو الهاوية وسط تفرج الجهات المعنية بواقع التعليم دون ان تتخذ اجراءات للحد من ذلك. مشيرا الى ان بعض التكاليف ،خاصة شراء القرطاسية والكتب، تسببت بترك العديد من الطلاب مقاعد الدراسة والاتجاه الى العمل لمساعدة آبائهم في سد تكالف العيش التي ترتفع بشكل مستمر. لافتا الى المشكلة الكبرى في توزيع القرطاسية انها تحولت الى مرض ترك اثره على مستوى التعليم في البلد.

معامل الورق العراقية

الخبير الاقتصادي (احمد فلاح) ذكر في حديثه لـ(المدى) : ان هناك الكثير من العوائل الفقيرة التي لا تستطيع شراء القرطاسية بأسعارها المرتفعة. مشيرا الى الأزمة المالية والتقشف اللذين كانا سبباً في تسريح عدد كبير من العمال والموظفين في الشركات والمؤسسات الأهلية. لافتا الى ان ذلك تسبب بزيادة نسبة الفقر في البلاد.

وتساءل فلاح: لمَ لاتقوم الحكومة بإنشاء معامل جديدة لصناعة الدفاتر والقرطاسية او اعادة روح العمل والانتاج للمعامل القديمة من خلال تحديث وسائل الانتاج فيها. مستطردا: اذ يمكنها توفير القرطاسية بما يسد حاجة المدارس او بيعها بأسعار رمزية طوال العام الدراسي . مشيرا الى القانون الذي اصدرته لجنة التربية والتعليم البرلمانية الذي يمنح طلبة المدارس الابتدائية من العوائل المتعففة مبالغ مالية تصل إلى (100) ألف دينار شهريا. متسائلا: لماذا لم ينفذ القرار ولو لشهر واحد فقط اذ سيكون كفيل بحل مشكلة الكثير من العوائل الفقيرة وسيمنح الأولاد فرصة كبرى للتعلم واتمام الدراسة. بالتالي سيكون مساعدا هاما في القضاء على الأمية التي وللأسف اخذت اعدادها تزداد بشكل مستمر.

توزيع المناهج والقرطاسية

المكتب الإعلامي الخاص لوزير التربية في تصريح له ذكر : حرصت وزارة التربية على توفير كافة المستلزمات من كتب وقرطاسية لمديريات بغداد والمحافظات لطلبتنا الأعزاء مع بدء العام الدراسي الجديد. مضيفا: يتم تجهيز 30 الى 35 ادارة مدرسية يوميا ضمن قاطع مديرية الكرخ الثانية ولاتزال المديرية مستمرة بعملية التجهيز حتى استكمال المواد الدراسية كافة مع مراعاة ما تم تغييره من المناهج الدراسية.

المتحدثة الرسمية لوزارة التربية (هديل العامري) بينت لـ(المدى): ان وزارة التربية وبكافة مديرياتها تقوم بتجهيز الطلاب بكافة مراحلهم الدراسية المختلفة بالكتب والقرطاسية الجديدة لتجنب الضغط على اولياء الامور في شرائها من الأسواق من اجل تسهيل العملية التربوية. مضيفة: ان جميع المناهج الدراسية متوفرة في مخازن الوزارة وسوف تقوم ادارات المدارس بتوزيعها بشكل انسيابي، اما بالنسبة الى القرطاسية فلا يختلف الامر في ذلك وسوف تسلم الى الطلاب عند بدء العام الدراسي.

رغم تصريحات وزارة التربية المتكررة بشأن توزيع وتوفير القرطاسية إلا أن ذلك موجود على الورق فقط دون تطبيق على ارض الواقع. الموظف في وزارة الصحة (حيدر كامل) قال : اشتريت اليوم دفاتر بسعر (10) آلاف دينار تقريبا.. متسائلا : فكيف يستطيع الفقير الذي لديه 4 ابناء مثلا توفير المبالغ الكافية لشراء القرطاسية والتي تطلب من التلميذ في اليوم الاول للدراسة. مضيفا: من المسؤول عن ذلك ؟ ولماذا لاتوزع الدفاتر منذ اليوم الاول للدراسة كي تتجنب العوائل الإحراج؟؟ ولماذا يتكرر هذا التأخير كل عام. مستدركا: لكن الذي يبدو ان هناك جهات منتفعة من هذا التأخير وتعمل على ان يكون ملازما لكل عام دراسي كي تزيد ارقام ارصدتهم على حساب الفقراء طبعا.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

791 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع