القبض عـلى حريـم السلطان في شوارع بغداد

  

     المدى -تحقيق/ قيس عيدان.. تصوير: محمود رؤوف

لم تشكُ سَحر من أية مشكلة صحية او مرض مزمن سوى بعض الزيادة بالوزن لذا نصحتها احدى صديقاتها حين شكت لها الزيادة المطردة بوزنها والاحراج الذي تشعر به، سواء  أكان ذلك في اختيار الملابس او أمام زوجها او العائلة.

اذ اشارت عليها ببعض المستحضرات التي تباع في الاسواق والمنتجة من الاعشاب ان كانت المنحِّفة او المسمِّنة او تلك الخاصة بالبشرة وجمالها. هذه النصيحة ظلت تدور مع سحر حتى قصدت احد تلك الاماكن التي تباع فيها هذه الكبسولات ، التي يطلق عليها عنوان (حريم السلطان). وبعد خمسة أيام تقريبا من استخدامها الكبسولات تعرضت سحر الى أزمة صحية خطيرة ، الأمر الذي تطلب نقلها الى احدى صالات الانعاش في أحد مستشفيات بغداد حيث تبينت اصابتها بجلطة دموية نتيجة تناول تلك الكبسولات، علما انها ليست الحالة الاولى التي تصيب من يستخدم هذه الحبوب والكبسولات مجهولة مصدر التعبئة والصنع.

    


فرق السلامة الصحية
حسين عبد المجيد "صاحب احد المحال التجارية في منطقة الشورجة" يقول لـ(المدى) : يظهر بين حين وآخر عدد من المنتجات المحلية غير واضحة المعالم. مشيرا  الى : مجهولية جهة التعبئة والرقم الصحي ورقم الاجازة وما شابه. مبديا أسفه لانتشار مثل هكذا انواع من الأدوية خاصة بين النساء المتزوجات وبعض طالبات الكليات اللواتي يشكون من السمنة وزيادة الوزن.
واضاف عبد المجيد: من بين تلك المنتجات ما يعرف بـ كبسولات( حريم السلطان). مبينا: انها تباع في بعض المحال على شكل علب ملونة تحتوي على عشر كبسولات على انها مسمِّنة. منحِّفة. ومشهّية. مقوٍ عام. تبييض الوجه. مستدركا: بعد عرض هذه الكبسولات على احد الاصدقاء الصيادلة نصحني بعدم التعامل بها لما تحويه من مواد ضارة على مستخدميها. موضحا: انه بعد فترة وجيزة قامت فرق الأمن الوطني والصحة بالبحث عن هذة المواد ومصادرتها لما تشكله من مخاطر. داعيا: الى ضرورة وجود هذه الفرق بشكل دائم في الاسواق المحلية للحفاظ على  صحة وسلامة الناس .

الشباب وتفتيح البشرة
ستار حسين "بائع مواد تجميل وعطور" تحدث لـ(المدى) عن بعض هذه الانواع ومنها منتوج "حريم السلطان" الذي يباع بعدة أشكال وأنواع ، فمنه علب صغيرة، واخرى بأكياس تحوي عشر كبسولات. منوها: انهم لايعرفون جهة الصنع والتعبئة بل فقط دواعي استخدام الكبسولات وألوانها. لافتاً الى :ان الكثير من النساء يقدمن على شراء هذه الحبوب والكبسولات سواء المشهّية او المنحّفة.
وبين البائع: ان بعض الشباب ايضا اخذ يستخدم هذه المنتجات خاصة المفتحة للبشرة مثلما مدون عليها. مردفا: ان بعض الاشخاص شكوا له عدم فائدة هذه المنتجات التي سببت اشكالات صحية لبعض مستخدميها، مثلما ذكروا ذلك. مبينا: انها سببت مشاكل جلدية لعدد من الشباب خاصة في منطقة الوجه اذ اصطبغ بالاحمرار ، مثلما ذكر احدهم قبل ايام.

المصادرة والإتلاف
الطبيب الاختصاص مصطفى ابراهيم  يوضح لـ (المدى): انتشرت في الآونة الاخيرة ظاهرة  بيع مستحضرات التجميل والمنشطات الجنسية والهرمونات والخلطات مجهولة المصدر والتركيب الكيمائي والعشبي. مردفا: وللاسف الشديد كان الإقبال على هذه المنتجات كبيراً من قبل بعض فئات المجمتع التي تجهل الثقافة الدوائية والصحية.
واضاف ابراهيم: قد يكون سعر البيع عامل جذب لأنه رخيص قياسا ببقية المستحضرات الدوائية المعتمدة ان كانت للتنحيف او لفتح الشهية او لمشاكل البشرة. مشيرا الى: ان هذه الظاهرة باتت من المشكلات المتزايدة التي تؤكد على اهمية دور الجهات الرقابية في متابعة مثل هكذا منتجات ووضع اليد على ما موجود منها في الاسواق ومصادرته وإتلافه كذلك غلق أماكن التعبئة ومحاسبة مالكيها.

تشريح الجثث والسرطان
واشار الطبيب الاختصاص الى : تزايد حالات الموت المفاجئ لبعض مستخدمي هذه المنتجات غير المرخصة, مردفا: ان الكثير من الحالات التي وصلت المستشفيات وبعد طلب التشريح من ذويهم تبين ان سبب الموت يعود لاستخدام كمية كبيرة من الكبسولات او حبوب التنحيف مجهولة مصدر الصنع. منوها: ان بعض العوائل ترفض تشريح الجثة لاسباب دينية لكن العلامات تدل على سبب الموت.
وبين ابراهيم ايضا ان تلك المواد تتسبب بأمراض صحية عديدة خطيرة على الصحة العامة مثل السرطان والفشل الكلوي وامراض الكبد وفقدان الذاكرة وغير ذلك. موضحاً أن العديد من النساء والشباب يشكون من حالات غير طبيعية في أجسامهم كارتفاع ضغط الدم أو انخفاض السكر او بعض انواع الاكتئاب. مشددا: ان كل ذلك طبيعي بسبب كميات الاعشاب او المواد الكيميائية غير الدقيقة والتي تستخدم في تلك المنتجات غير المعروفة المنشأ والتعبئة.

المتابعة والإبلاغ
المفتش العام في وزارة الصحة الحقوقي أحمد الساعدي تحدث لـ( المدى) عن جهود الوزارة وفرق السلامة والرقابة الصحية. مبينا: ان الفرق التفتيشية المنتشرة في عموم المحافظات وبغداد تقوم بمتابعة الاسواق والصيدليات وحتى محال وصالونات الحلاقة ومراكز التجميل. مضيفا: انه اثناء احدى الجولات لوحظ بيع منتوج ( حريم السلطان ) في الاسواق ومنها منطقة الشورجة وهي عبارة عن مستحضرات عشبية مغلفة بكبسول وبعناوين مختلفة. مستطردا: وبعد ان تم اخذ عينات منها وارسالها الى دائرة الطب العدلي والمختبر المركزي  اتضح أن هذا المنتوج  غير مطابق للمواصفات وله تاثيرات جانبية عدة.
واوضح الساعدي: على وجه السرعة تم تشكل فريق مشترك بين مكتب المفتش العام في وزارة الصحة والأمن الوطني وتمت مصادرة كميات كبيرة من هذا المنتوج. مشددا: ان البحث جارٍ لحد الآن عن مكان تصنيع هذا المنتوج غير الصحي.  داعياً: المواطنين الى ضرورة الامتناع عن تداول اية ادوية لاتحمل تاريخ وجهة الصنع. داعيا اياهم الى ضرورة الإخبار عن اية اماكن مشبوهة تصنع فيها مواد طبية او غذائية مضرة بالصحة العامة.

هشاشة العظام والجلطة
مدير قسم المؤسسات غير الحكومية في وزارة الصحة الصيدلاني جعفر ستار شياع اوضح في حديثه لـ(المدى) أنة تم ضبط  ومصادرة كميات كبيرة من منتجات دوائية عشبية غير مرخصة في منطقة الشورجة. مؤكدا: انه تم ارسال عينات منها الى دائرة الطب العدلي والمختبرات المركزية واظهرت نتائج التحليلات أن الكبسولة العشبية تحتوي على مواد كيماوية غير مطابقة للمواصفات وليس كما هو مبين على الغلاف الخارجي للمنتوج.
واشار شياع: الى التاثيرات الجانبية لهذا المنتوج على القلب وضغط الدم بشكل خاص الامر الذي قد يؤدي الى وفاة مفاجئة. لافتا: الى جملة من الامراض الخطيرة الاخرى مثل عجز الكلى وهشاشة العظام والجلطة الدموية. داعيا الى ضرورة تجنب استعمال هذا المنتوج وعدم شرائه حتي من الصيدليات والمذاخر والمحال التجارية والتعاون مع الجهات الرقابية ذات العلاقة للإبلاغ عن مكان تصنيع مثل هكذا كبسولات.

اعتقاد خاطئ
اما الدكتور الصيدلاني مشتاق راضي فقد بين في حديثه لـ(المدى) : ازداد في الوقت الحاضر ظهور عدد من  المنتجات ذات الخلطات العشبية المختلفة. متابعا: ان هذه مشكلة كبيرة تواجه الملاكات الصحية والرقابية. مشيرا: الى ان مجهولية مواد الخلطات وجهة الصنع تجعل منها خطرا على صحة الانسان خاصة ان الكثير منهم يعتقد انها عشبية لاضرر فيها. مبينا: ان هذا امر خاطئ على الجميع الانتباه اليه من اجل سلامتهم.

عجز شركات الأدوية
واضاف راضي: ان بعض هذه المنتجات تكون على شكل أعشاب بشكلها الطبيعي أو على شكل مستحضرات صيدلانية على شكل كبسولات معبأة يدويا. مشيرا: الى ان العديد من هذه الانواع موجود في محال العطارة او محال بيع المواد التجميلية وبعض الصيدليات على أنها العلاج السحري لأمراض كثيرة من بينها أمراض مستعصية. مستدركا: لكنها في الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك.
واستطرد الصيدلاني: إن أبرز شركات الأدوية في العالم لم تفلح في إيجاد علاج ناجع لبعض الأمراض التي تعالج بالخلطات والاعشاب كما يدعي من يبيعها. مشيرا: الى ان الى غش بعض الخلطات العشبية بكميات غير محسوبة من الادوية الكيماوية. موضحا: لذلك قد يجد مستخدمو الخلطات العشبية أن لها مفعولاً في بداية الأمر سرعان ما يتحول الى ضرر صحي.

الفطريات والبكتريا
ميسون نعمان ،صاحبة صالون تجميل ومحل لبيع مواد التجميل بقربه، تحدثت عن الخلطات التي تباع في بعض المعاشب والمحال مبينة: ان أضرار تلك الأدوية التي تضاف للخلطات بطريقة غير محسوبة تظهر بسرعة وتؤدي إلى مشكلات صحية كثيرة. موضحة: ان اغلب تلك المواد سامة أو قد  تكون كذلك اذا استخدمت بكميات كبيرة. مشيرة الى :ان سوء التخزين يعد عاملا اخر مثل الرطوبة والحرارة وضوء الشمس التي تؤثر على فعالية العشبة وقد تجعلها بيئة خصبة لنمو البكتيريا والفطريات.
واسترسلت نعمان: ان الكثير من زبوناتها يتحدثن عن بعض المنتجات التي توصف بالسحرية والسريعة في المعالجة. مردفة: انها غالبا ما توجه النصح لهن بضرورة اقتناء المواد المرخصة ومعلومة المصدر وتاريخ الانتاج. مستدركة: لكن البعض منهن وللاسف الشديد رغم ذلك يستخدمن هذه المنتجات لكنهن بعد فترة وجيزة يطلبن المساعدة بالقضاء على اثارها الجانبية. خاصة الخلطات التي يتم تسويقها على انها  تجميلية تضاف لها مواد كيميائية لا يجوز استخدامها بكميات عشوائية او خلطات التنحيف التي تضاف لها ادوية ممنوعة تسبب خطرا على الصحة.

القبض على طبيبة تجميل!!
احد العاملين في قسم التفتيش التابع لدائرة صحة بغداد الرصافة ،رفض الكشف عن اسمه، يقول لـ( المدى) ان اكثر المواد التي تتم مصادرتها في البسطيات أو الصيدليات  كونها غير مرخصة هي مواد التجميل للنساء والمنشطات الجنسية للرجال والبعض الاخر يستخدم للنساء. مبينا : سبب ذلك ان هذه المواد مطلوبة في السوق من قبل الكثير من شرائح وفئات المجمتع. موضحاً انه :قبل فترة وجيزة وبعد ورود معلومات من مصادرنا وبتوجيه من مكتب المفتش العام الحقوقي احمد الساعدي تم تشكيل فريق مختص برئاسة المشاور القانوني وبتعاون كبير من قبل مجلس القضاء الاعلى وهيئة النزاهة. مؤكدا: ضبط  احدى النساء تدعي انها طبيبة نسائية تمارس عملها ومنها عمليات التجميل حيث تم ضبطها بالجرم المشهود في عيادتها الواقعة في منطقة الشعب وبعد إجراء التحقيق المتكامل تبين بأنها لاتحمل اية شهادة تذكر .

ثقافتنا محدودة
مروة عبد الكريم ،موظفة في جامعة بغداد، تقول لـ(المدى) : إن ثقافتنا محدودة الى حد كبير في كيفية التعامل واستخدام مواد التجميل خصوصاً عند النساء. موضحة: ان الكثير من النساء يبحثن عن الرشاقة والجمال لذا تجدهن يلجأن الى اي علاج او مستحضر يساعدهن في ذلك. مشددة. لكن للاسف البعض من التجار اخذ يستورد مواد غير صحية لعلاج السّمنة او البشرة او يتم تصنيعها في اماكن بعيدة عن الرقابة. مشيرة الى اطراف العاصمة التي تعج بالعديد من المعامل غير المرخصة سواء أكانت لصناعة وتعبئة المواد الغذائية او الماء. مردفة: ان البعض منها يستخدم لصناعة مثل هكذا منتجات.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1238 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع