محبوب ستالين كان يكره الشيوعية!

  

روسيا اليوم:يحتفل العالم يوم الـ 15 من مايو/أيار بمرور 125 عاما على ميلاد الكاتب الروسي العملاق ميخائيل بولغاكوف الذي وصف نفسه " بالذئب المطارد في الآداب" .

ولد بولغاكوف عام 1891 في كييف وتوفي في الـ10 من مارس/آذار عام 1940 في موسكو.

وعقد قرانه على تاتيانا لابا عام 1913، وفي 1916 نال شهادة الطب بامتياز، وتصفه زوجته الأولى  بأنه محب لصرف ما في الجيب من المال وكان مندفعا إلى حد كبير،  وحاول التطوع كطبيب في الأسطول ولكن بدون جدوى لأسباب صحية وكان يعاني من قصور كلوي، وخلال الحرب العالمية الأولى خدم طبيبا في الجبهة.

وأثناء الحرب الأهلية في روسيا تمت تعبئته في جيش جمهورية أوكرانيا الشعبية كطبيب عام 1919. وخدم بعد ذلك في الجيش الأبيض طبيبا عسكريا أيضا وخلال ذلك أصيب بمرض التيفوئيد، وأثرت تلك الفترة في نفس الكاتب ويمكن أن يلاحظ هذا الأمر في إبداع بولغاكوف في روايته " الحرس الأبيض " و مسرحيته " أيام آل توربين" و قصته " مغامرات طبيب غير عادية " عام 1922.

 ومارس بولغاكوف العمل الصحفي ونشر أول مادة له مقالة صحفية تحت عنوان " آفاق المستقبل" عام 1919 وكتبها انطلاقاً من موقع رفض "الثورة الاجتماعية العظيمة " التي أوقعت الشعب في معمعة من المآسي والمصائب وكانت تنذر بعواقب وخيمة وبجزاء كبير من جرائها في المستقبل، لم يتقبل بولغاكوف الثورة، لأن سقوط القيصر بالنسبة له كان يعني سقوط روسيا ذاتها بدرجة كبيرة وسقوط الوطن كمصدر لكل ما هو منير وعزيز في حياته، وفي أعوام الانهيار الاجتماعي حسم الكاتب خياره النهائي وتخلى عن مهنة الطب وكرّس كل حياته للعمل الأدبي.

وتعرض الكاتب للصدام مع النقاد " اليساريين " أصحاب التوجه البروليتاري في الثقافة، والذين هاجموا المؤلف الشاب على تمسكه بالتقاليد الثقافية المرتبطة بأسماء بوشكين و تشيخوف.

وانتقل الكاتب في سن الثلاثين من القوقاز إلى موسكو في خريف عام 1921 ليبقى فيها إلى الأبد. وقد كانت أولى أيام بولغاكوف في موسكو صعبة جداً، لا من حيث الإقامة والحياة وحسب، بل ومن الناحية الإبداعية أيضاً. إذ كان مضطراً للقيام بأي عمل لكي يعيش. ولكن مع الوقت أصبح بولغاكوف يكتب في عدد من الصحف في العاصمة. في تلك الفترة كتب روايته الرائعة " قلب كلب" التي أظهر فيها كرهه واحتقاره للبروليتاريا ولحكم البلاشفة. ومن الأعاجيب المحيطة بحياة بولغاكوف أنه لم يمت في حروب تلك الفترة ولم يلق حتفه في أهوال وفوضى الثورة البلشفية الدموية والدكتاتورية الستالينية. مرة واحدة فقط استدعي إلى المخابرات عام 1926، وفتش مسكنه على أساس وشاية من شخص حضر " تلاوة سرية ودية" لروايته "قلب كلب".

 وفي موسكو عاش بولغاكوف داخل غرفة صغيرة في شارع " سادوفوي بناء 10" وهي نفسها الشقة التي وصفها " بالشقة رقم 50 السيئة" في روايته " المعلم ومارغريتا" وهناك كانت تقيم في غرفة أخرى من نفس الشقة، جارته أنّا غورياتشوفا التي باتت " أنوشكا التي اشترت الزيت ودلقته" في نفس الرواية . أجل لقد كانت كل شخصيات تلك الرواية الخالدة مستقاة من سكان تلك الشقة المشاعية ( في الاتحاد السوفيتي ساد لفترة نظام الشقق المشاعية حيث تسكن في كل غرفة من الشقة، عائلة).

وكان بولغاكوف يكره نمط العيش السوفيتي الجديد وينتقده بكل حقد واحتقار. والذي أنقذه من الاضطهاد وربما من القتل هو أن ستالين كان معجبا جدا برواياته التي كانت محظورة في غالبيتها، على سبيل المثال قال ستالين معلقا عام 1931 بخصوص رواية " المنتحر" المحظورة للكاتب  إردمان: "خفيف تأثيره وسطحي ولا يقارن ببولغاكوف الذي يغوص في الأعماق ويمسك المرء من اليد التي تؤلمه. أنا أحب ذلك ".

وكان ستالين معجبا بإبداع بولغاكوف وبمدى الجراءة لديه. وأعجب جدا بمسرحيته " أيام آل توربين" وقال ذات مرة معلقا:" إذا كان أشخاص مثل آل توربين يستسلمون أمام البلشفية فهذا يعني أن فائدة رواية بولغاكوف للبلشفية أكثر من ضررها". ولكن على الرغم من ذلك تعرض بولغاكوف للملاحقة ومنعت رواياته ومسرحياته على اعتبارها معادية للنظام القائم. ولم تعد الصحف ودور النشر التي باتت تابعة للدولة تنشر له أي عمل وهذا ما دفعه للكتابة للسلطات عدة مرات. ذات مرة كتب رسالة للزعيم ستالين أخبره فيها أنه بدون عمل وطلب منه السماح له بالهجرة. وفي نفس اليوم اتصل به ستالين هاتفيا وامتدحه وقال له إنه على الأغلب سيحصل على عمل. وهو ما حدث فعلا. وحصل بولغاكوف على وظيفة كاتب سيناريو في أحد مسارح موسكو.

وقد باءت بالفشل محاولة بولغاكوف تجديد علاقة التعاون مع مسرح   MKHAT  عن طريق وضعه مسرحية " باتوم " (التي تدور حول فتوة ستالين) والتي كان لمسرح موسكو الفني مصلحة كبيرة في إخراجها بمناسبة العيد الـ60 لولادة القائد. فقد حظر عرض المسرحية وفسرت من قبل الجهات العليا على أنها سعي من قبل الكاتب لمد الجسور مع السلطات.

لقد عاش بولغاكوف سنواته الأخيرة مع إحساس بأن مشواره الإبداعي قد مضى سدى. وهكذا مات بولغاكوف في موسكو عام 1940 بعد أن أحرق مخطوطة رواية "المعلم ومرغريتا " التي أنقذتها فيما بعد زوجته لترى النور متأخرة حوالي ثلاثة عقود عن تاريخ ميلادها الحقيقي، وليستمتع بها ملايين القراء في العالم ولتضاف بذلك درة أخرى إلى درر الأدب الروسي والعالمي، وفي عام 2007 قررت بلدية موسكو تحويل البيت الذي كان يقطن فيه بولغاكوف إلى متحف.

وكان غوغول وسالتيكوف شيدرين من أحب الكتّاب إلى قلب بولغاكوف وذلك منذ نعومة أظفاره أما سالتيكوف شيدرين فكان يعتبره بولغاكوف معلِّماً له وقد عبّر عن ذلك في أكثر من مناسبة وبصورة مباشرة.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1124 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع