محاربة الفساد في العراق تتجنب إصابة 'الحيتان' الكبيرة

                 

مدحت المحمود ونوري المالكي، نموذج عن الحصانة المتبادلة بين السياسي ورجل القضاء


العرب اللندنية/بغداد - أصدر القضاء العراقي أمس مذكرة توقيف بحق وزير التجارة ملاس محمد عبدالكريم وشقيقه على خلفية اتهامات تتعلق بفساد مالي، في خطوة اعتبرها البعض دليلا على جدّية رئيس الوزراء حيدر العبادي في محاربة الفساد، لكنها لم تسلم في المقابل من انتقادات البعض الآخر باعتبارها محاولة لإحداث ضجيج إعلامي يصرف الأنظار عن «حيتان» أكبر بكثير من الوزير المطلوب للتحقيق.

ولم يخل أمر توقيف وزير التجارة العراقي من شبهة تصفية حسابات قديمة مع ملاس وعائلته الكبيرة ذات الصيت في المجالات السياسية والدينية والتجارية، والتي ماتزال تضم معارضين للعملية السياسية الجارية في العراق منذ سنة 2003، حيث ينتمي الوزير إلى عائلة الكسنزان الكردية، وكان والده من أبرز رجال طريقة الكسنزانية الصوفية، وسبق له أن لعب دورا في القتال إلى جانب القوات العراقية في عهد الرئيس السابق صدام حسين ، كما ربطته علاقة متينة بالرجل الثاني في النظام العراقي السابق عزت الدوري الذي مايزال مصيره مجهولا بعد أن ادعت الميليشيات الشيعية قتله منذ أشهر.

ويشير المنتقدون للأسس التي يتم على أساسها اختيار الشخصيات المطلوبة للمحاسبة، إلى كبار القادة السياسيين وقادة الميليشيات الذين يمتلكون من القوّة والنفوذ ما يوفّر لهم حصانة ضدّ المحاسبة رغم ثبوت تورّطهم في قضايا فساد كبيرة ومتشعّبة ومن الخطورة بحيث أثّرت فعلا على واقع البلاد.

ويذكر بعض العراقيين مثل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي تشير مختلف الدلائل من أرقام وغيرها إلى مسؤوليته المباشرة على استشراء الفساد في العراق طيلة فترتي حكمه بين سنتي 2006 و2014، حيث اعترف رئيس الحكومة الحالي حيدر بأنّه ورث عنه ميزانية شبه خاوية.

كما شهدت فترة حكم المالكي فسادا في صفقات تلّسح بمليارات الدولارات، وانتشرت في القوات المسلّحة ظاهرة ما يعرف في العراق بـ”الفضائيين” وهم عبارة عن عشرات آلاف الأشخاص المسجّلين باعتبارهم منتمين إلى تلك القوات في مختلف الرتب والاختصاصات ويتقاضون رواتب على ذلك، فيما الحقيقة أنه لا علاقة لهم بالخدمة في المؤسسات العسكرية والأمنية.

وما يجعل نوري المالكي عصيا عن المحاسبة استناده إلى دعم سياسي كبير من حزب الدعوة الحاكم الذي يقوده، ومن الكتلة البرلمانية، دولة القانون التي يتزعمها، ومن ميليشيات شيعية مسلّحة مشاركة في الحشد الشعبي المنخرط في الحرب ضد تنظيم داعش، فضلا عن دعم إيران له باعتباره أحد أقوى حرّاس نفوذها في العراق.

وفي مقابل حصانة هؤلاء النافذين، فإن التضحية ببعض الوزراء الذين لا يستندون إلى كتل قوّية، يبدو حلاّ مناسبا لحكومة العبادي بهدف إثبات جديته في محاربة الفساد، وتخفيف الضغط الجماهيري الذي مازال يمارس عليه في الشارع من خلال المظاهرات التي لم تنقطع منذ أشهر.

وقال المتحدّث الرسمي للسلطة القضائية الاتحادية القاضي عبدالستار بيرقدار أمس إن “محكمة التحقيق المركزية أصدرت أمرا بالقبض على وزير التجارة وشقيقه عن تهم فساد مالي”. ورأس السلطة القضائية في العراق القاضي مدحت المحمود بحدّ ذاته من أكبر الذين يطالب العراقيون بمحاسبته باعتباره شريكا أساسيا لكبار الفاسدين بتسخيره القضاء لحمايتهم.

وأكد بيرقدار إحالة القضية الخاصة بالمتهمين على محكمة التحقيق المتخصصة بقضايا النزاهة في الرصافة شرق بغداد.

وأفادت مصادر مقربة من الوزير أنه موجود في البلاد وحضر اجتماع مجلس الوزراء.

ويشغل منصب وزارة التجارة ائتلاف الوطنية بزعامة نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي الذي أقيل من منصبه ضمن حزمة الإصلاحات التي ينفذها رئيس الوزراء حيدر العبادي.

ولم يوضح القضاء تفاصيل حول الاتهامات ضد الوزير، لكن مصادر إعلامية تحدثت عن منحه عقود تجهيز بصورة مباشرة دون مناقصات كانت تجهز عبر شقيقه المقيم في عمّان.

ومذكرة التوقيف التي صدرت بحق وزير التجارة هي الأولى بحق مسؤول رفيع منذ بدء حملة الإصلاحات للحكومة إثر موجة الاحتجاجات التي تطالب بمكافحة الفساد.

وشرع العبادي في تنفيذ جملة من الإصلاحات بينها إلغاء مناصب نواب رئيسي الجمهورية والوزراء، وتقليص عدد حمايات كبار الشخصيات وإلغاء المخصصات المالية لبعض المسؤولين الكبار وتخفيض رواتبهم. لكن معظم الإجراءات لم تر النور.

وصدرت قبل هذه المذكرة، أوامر قبض بحق عدد من المسؤولين حاليين وسابقين في وزارة الكهرباء وأمانة بغداد، لكن لم يتم تنفيذها بسبب وجود معظم هؤلاء خارج البلاد.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

838 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع