اللواء الركن حسيب وفيق الربيعي من ضباط الرعيل الأول للجيش العراقي

            

 اللواء الركن حسيب وفيق الربيعي من ضباط الرعيل الأول للجيش العراقي.

           

تمهيد

1- هو حسيب بن وفيق الربيعي، من عشيرة ربيعة العربية، ولد في بغداد عام 1906 وتوفي فيها عام 1956 عن عمر ناهز الخمسين عاماً إثر أصابته بالجلطة القلبية أثناء الخدمة، ودفن في بغداد.

تزوج وانجب ولدا واحداً هو العميد ( هندسة آلية كهربائية - ه. آ . ك) أياد حسيب الربيعي (كاتب هذه الخواطر). كان المرحوم حسيب الربيعي من الضباط المتميزين منذ دخوله الجيش حتى وفاته (رحمه الله). حقق أثناء خدمته العسكرية مآثر كبيرة لم يتم تناولها بشكل مسهب من قبل الباحثين، ولعل أهمها تأسيس صنف الهندسة الآلية الكهربائية عام 1950 وكان تشكيلها على غرار التنظيم البريطاني لصنف الهندسة الآلية الكهربائية (ومن ثم اشغل آمريه الصنف فكان أول مدير لهذا الصنف الفني الحيوي للجيش)، وكذلك تأسيس جمعية بناء المساكن التعاونية للضباط عام 1953.
2- ونظرا لأن سيرته لم يتم تناولها بما تستحق من عناية، بل أن إنجازاته الكبيرة لم يتم التطرق إليها بما ينبغي، بل ربما يتم تجاهلها، إذ نرى مثلا أن تسمية شارع الربيعي في مدينة الضباط، تنسب خطأً من قبل الناس إلى أخيه (نجيب الربيعي) والذي اشغل منصب رئيس مجلس السيادة زمن الزعيم عبد الكريم قاسم، في حين أن الصحيح هو أن تسمية هذا الشارع قد تمت وفاءً لذكرى حسيب الربيعي مؤسس جمعية بناء المساكن التعاونية للضباط وكما سيأتي ذكره لاحقاً. لذا آليت على نفسي أنا ابنه الوحيد العميد (ه . أ . ك ) آياد حسيب الربيعي أن اكتب نبذة عن المرحوم الوالد وإنجازاته، وأحياء لذكراه العطرة بعد أن غادرنا مبكراً كما أسلفت.

         

سيرته الذاتية (كما جاءت في ص 357 من كتاب تاريخ القوات العراقية المسلحة، الجزء الثالث، إصدار مديرية التطوير القتالي وزارة الدفاع عام 1991): 
3- تاريخ الميلاد ومحله، بغداد 1906 م.
4- تاريخ دخوله الخدمة في الجيش: في 12 آيار 1924 دخل المدرسة العسكرية الملكية (الدورة الأولى) وتفوق تفوقا كبيرا في الدراسة النظرية والعملية فأوفد إلى الأكاديمية العسكرية الملكية البريطانية ساندهيرست RMA SANDHURST ، وقد تفوق في هذه الأكاديمية أيضا فمنح رتبه ملازم ثان يوم 21 أيلول 1926 م. وذلك قبل أقرانه من العراقيين الذين كانوا مازالوا في المدرسة العسكرية الملكية.
5- أبرز الدورات التي شارك بها داخل وخارج العراق
أ‌- دورة أكاديمية ساندهيرست العسكرية في بريطانيا .
ب‌- بعد ذلك دخل إلى دورة الأسلحة في مدرسة الأسلحة الخفيفة البريطانية في مدينة (هايث) الساحلية في بريطانيا وتخرج منها بتفوق وتخصص على الرشاشات المتوسطة.
جـ كلية الأركان العراقية الدورة الثالثة
د-كلية الأركان البريطانية (كامبرلي)
6- أبرز المناصب التي اشغلها
‌أ- امر فصيل الرشاشات الآلية .
‌ب- ضابط ركن شعبة التدريب في مديرية الحركات العسكرية.
‌ج- ضابط الركن الأول (تعادل رئيس أركان الآن) الفرقة الأولى.
‌د- آمر الفوج الأول لواء المشاة الحادي عشر.
‌ه- آمر الكلية العسكرية الملكية.
‌و- آمر جحفل لواء المشاة الثالث.
‌ز- معلم في كلية الأركان
‌ح- آمر الهندسة الآلية الكهربائية (أول آمر للصنف – مدير-حيث كان هو من أسس هذا الصنف)
‌ط- المعاون الإداري لرئيس أركان الجيش (وأثناء إشغاله هذا المنصب أسس جمعية بناء المساكن التعاونية للضباط).
7- الأوسمة والمكافئات
‌أ- بطاقة الذكر الحميد
‌ب- وسام الرافدين من النوع العسكر من الدرجة الخامسة، ثم رقيت الدرجة إلى الدرجة الرابعة فالثالثة فالثانية وكما واضح في التصوير في بداية هذه الخواطر.
‌ج- نوط الخدمة الفعلية
‌د- توط الحرب والنصر
‌ه- نوط فيصل الثاني
‌و- نوط الشرطة للخدمة الممتازة
8- توفي بأجله الموعود يوم 23 أيلول 1956 وهو مازال في الخدمة وشيع بموكب مهيب الى مثواه الأخير

نبذة عن تأسيس جمعية بناء المساكن التعاونية لضباط
سأدون في الأسطر أدناه بعض ما علق بذاكرتي عن هذا الموضوع ومن بعض ما تحدث به معي المرحوم الوالد أو ما شاهدته ولمسته شخصيا.
9- لم تكن فكرة إسكان الضباط بالقرب من قطعاتهم ومعسكراتهم بالفكرة الحديثة، إذ كانت المعسكرات الكبيرة في الجيش العراقي بعد تأسيسه تحتوي على عدد من الدور التي تخصص لعدد من الضباط. وقد توسعت الفكرة بعد ازدياد دخل العراق من عوائد النفط اعتبارا من عام 1953 وما بعدها.
10- لكن ما جاء أعلاه لم يكن يتضمن تمليك الضباط أو الموظفين الدور التي تخصص لهم، لذا فان المرحوم الوالد قد طرح فكرة تأسيس مثل هذه الجمعية التعاونية للضباط والموظفين والتي غايتها تمليك المشاركين فيها من الضباط الراغبين دار سكنية. وقد حصلت موافقة رئاسة أركان الجيش ووزير الدفاع في تلك السنة على الفكرة، وكلف المرحوم الوالد بالمضي قدما لتأسيسها.
11- تم في البداية إصدار أمر إداري بتشكيل الجمعية، وتنسب أن تكون لها هيئة مؤسسة برئاسة المرحوم الوالد وعدد من الضباط. وبعد فترة من العمل تم إصدار النظام الداخلي للجمعية وشروط الانتماء إليها، وتحديد مبلغ الاشتراك الشهري الذي يدفعه الضابط الراغب. جابهت الجمعية عراقيل شتى في بداية تأسيسها أهمها المعارضة التي جوبهت بها فكرتها من قبل بعض الوزراء والشخصيات المدنية وتلك المسؤولة عن تخصيص الأراضي السكنية آنذاك. وكان المرحوم الوالد يبذل الجهود الكبيرة لإقناعهم ومناقشتهم موضحا أهمية أن يمتلك الضابط دارا سكنية ليطمئن على عائلته وهو بعيد عنها يخوض غمار الحروب والحركات الفعلية، أو يعمل في معسكرات الجيش المختلفة والمنتشرة في كافة أنحاء العراق، وقد تمكن رحمه الله بعد جهد جهيد من إقناع المعارضين والحصول أخيرا على موافقتهم.
12- وزعت فعلا استمارات الانتساب وطلبات تخصيص الدور، بنفس الوقت الذي كانت الجهود مبذولة للحصول على قطعة ارض مناسبة لتقسيمها إلى مساحات مناسبة لإنشاء الدور للراغبين والمشاركين من الضباط، والتي كان من شروط المشاركة والحصول على دار، أن لا يكون الضابط يمتلك دارا سكنية.
13- لهذا السبب فان المرحوم الوالد لم يقبل أن يدرج اسمه ضمن المشاركين للحصول على دار سكنية، قائلا انه يمتلك دارا، والشروط لا تنطبق عليه.
14- استمرت الجهود للحصول على قطعة ارض بمساحة مناسبة. لكن بعد وفاة المرحوم الوالد تعثرت الجهود عام 1957 وبداية 1958، لأسباب عديدة. وعندما صدر قانون الإصلاح الزراعي عام 1959 تم استملاك المساحة الزائدة من أراضي عائلة (زيونة) الكائنة شرق بغداد وتم تخصيصها إلى جمعية بناء المساكن التعاونية للضباط.
15- لم تكن الفكرة قد استقرت حول توزيع قطع الأراضي للضباط كي يبنوها هم انفسهم ، أم بناؤها من قبل الجمعية بشكل دور بموجب تصاميم موحدة ومتناسقة، ثم توزيعها إلى المستحقين . وبعد مناقشات تم الأخذ برأي الزعيم عبد الكريم قاسم بان يتم بناء الدور (بموجب تصميمين) ومن ثم توزع إلى المستحقين، على أن يتم تسديد الثمن والبالغ 3000 دينار بأقساط شهرية لمدة 25 عام. وتم تكليف المهندس رفعة الجادرجي بوضع التصميمين وتكليفه مهندسا مسؤولا عن المشروع.
16- في احتفالات الذكرى الأولى للثورة عام 1959، قام الزعيم عبد الكريم قاسم، بوضع الحجر الأساس لأول دار ينشأ على الأرض المأخوذة من عائلة زيونة بموجب قانون الإصلاح الزراعي كما أشرنا، لتكون نواة المدينة السكنية التي عرفت باسم مدينة الضباط، وكان احتفالا حضرة الكثير من ضباط الجيش العراقي المتواجدين في بغداد.
17- هكذا اذن تم بناء الوجبة الأولى لمدينة الضباط والتي كانت مؤلفة من دور بموجب تصميمين، ومن الجدير بالذكر انه قد تم تخصيص دارين سكنيين لكل من المرحوم نجيب الربيعي رئيس مجلس السيادة، والمرحوم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء كونها ضابطان ، وكان موقعهما ضمن دور مدينة الضباط وفي احدى مناطقها الداخلية وليست على الشارع العام.
18 -عند عودتي من بريطانيا عام 1961 بعد أن أكملت دراسة الهندسة الميكانيكية وكانت على نفقة وزارة الدفاع، ارسل علي الزعيم عبد الكريم قاسم (حيث كان يعرفني منذ أن عمل بمعية المرحوم الوالد في جحفل لواء المشاة الثالث عام 1944-45) ، ولما قابلته سألني هل تم تخصيص دار سكنية للمرحوم الوالد فأجبته بالنفي، وذكرت له أن المرحوم الوالد لم يسجل على دار بسبب كونه يمتلك دارا سكنية ، ولأن الشروط لم تنطبق عليه آنذاك . لكن الزعيم عبد الكريم قاسم قال كلا، إن والدك هو أول المستحقين كونه هو من أسس الجمعية، لذا سأخصص لكم دارا بصفتكم ورثته. وفعلا خصصت لنا دار في مدينة القاسم (اليرموك حاليا) حيث كانت الدور في مدينة الضباط قد وزعت جميعها. وقال أيضا انه تخليدا لأسم المرحوم الوالد حسيب الربيعي، فقد أطلق اسمه على الشارع الرئيسي في مدينة الضباط، ليكون اسمه (شارع الربيعي)
19-استلمنا نحن الورثة (أنا وشقيقاتي ووالدتي وجدتي لوالدي) الدار وسجلت بأسمائنا، وقمت بتسديد ثمنها من راتبي وراتب تقاعد والدتي اسوه ببقية الضباط ( حيث لم يكن ذلك تمليكا مجانيا )
الخاتمة
20- دونت هذه الصفحات لذكرى المرحوم والدي اللواء الركن حسيب وفيق الربيعي، مؤسس صنف الهندسة الآلية الكهربائية ومؤسس جمعية بناء المساكن التعاونية للضباط، إذ لم تكن سيرته العطرة قد تناولها أحد من الأخوة الذين عملوا معه، نظرا لمغادرته عالمنا الفاني مبكرا وهو ما زال بالخمسين من عمره، لذا انصب الاهتمام نحو المرحوم عمي أخية (نجيب الربيعي) كونه أصبح رئيسا لمجلس السيادة بعد ثورة 14 تموز، لذا عرف اسمه اكثر من المرحوم والدي
21- رحم الله الأخوين حسيب ونجيب الربيعي، فقد كانا من أعلام الجيش العراقي ومن رعيل المؤسسين الأوائل وأسكنهم فسيح جناته.
العميد ه . آ . ك
أياد حسيب الربيعي

  

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

863 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع