كلما دخلت امة’ لعنت اختها

                                      

                        محمد علي الامام

اسست دوله العراق الحديث بعد سنوات قليله من الاحتلال البريطاني بعد الحرب العالمية الاولى وتفكك الامبراطوريه العثمانيه وقيام الثوره العربيه الكبرى ونكول الانكليز بوعودهم بانشاء دوله عربيه واحده موحده ولذلك عمدت لارضاء قادة الثوره العربيه بمناصب هنا وهناك

ونصبت فيصل الاول ملكا على سوريا ثم على العراق وبدأ عصر جديد حاول فيه العاهل  النجدي الجديد ان يعوض خسارة الثوره العربيه بتقديم نموذج هو الافضل لكي يثبت انهم كانوا على صواب في ثورتهم ..
بدأت دوله العراق والحق يقال من لاشيء يذكر من ركائز الدوله او البنى التحتيه او الاموال الازمه ولم يكن في بغداد مايمكن الاعتماد عليه عدا ان تكون البدايه من الصفر لجمع اشتات مختلفه في الرأي والدين والقوميه والطائفه والنوازع والاراء مضافا الى كل ذلك شعب يحمل خصال اهمها انه من الصعب ارضائه وقد تعود دائما ان يكون معارض للسلطه مهما كانت ..
بدأت الدوله الحديثه بخطوات حثيثه معتمدة على الحليف البريطاني وخبرته وكوادر العراقيين وبعض الاتراك وسارت فيها الامور بشكل جيد ولمدة قاربت العقود الاربعه حققت فيها الكثير من الانجازات الكبيره حتى اصبح العراق واحدا من دول الشرق الاوسط التي يشار اليها ويستشهد بما حققته من تقدم قياسا بدول الجوار..
ولاسباب عديده ليست هناك مجال للتطرق اليها في هذا المقال كان لابد لقوى الشر العالميه ان لاتسمح لبلد عربي مسلم في موقع يتوسط الشرق الاوسط والعالم العربي ان يخطو بهذه السرعه وهو يمتلك الكثير من مقومات الدوله الحديثه وكان القرار لابد منه وهو تغيير الاتجاه وحرف الخط الذي كان يسير عليه هذا البلد النامي وابقائه في فوضى مستمره فكان ماكان .. وسيعترض علينا الذين لايؤمنون بنظريه المؤامره بالرغم من وجودها ..
في صبيحة الرابع عشر من تموز 1958 بدأت عملية التخريب الموجه والمنظم لتخلف العراق وابقائه في خانة الدول المتخلفه وان كان البعض قد يختلف معنا لاسباب نفهمها جيدا منها سياسيه ومنها طائفيه ومنها مصلحيه ولكن نقول واعتقد لايختلف اثنان من ان تموز كانت بداية التمزق العراقي والاساس في كل ماحدث لاحقا وقد يقول البعض ان العسكر كان يحاول وقد نفذ بعض المحاولات قبل تموز 1958 نقول نعم انها لم تكن بمعزل عن بريطانيا ومسيطر عليها .
من طبيعة الشعب العراقي انه يثار بسرعه ومتغير الاهواء ولايثق بالسلطه وممكن خداعه ببساطه وسرعه بالرغم من صفاته الحميده و هي سرعة البديهيه والفراسه والشجاعه والكرم وغيرها ولكن تلك الصفات جعلته يرقص مع الطبال كلما تغير العزف بدون تدقيق وبدون حساب ولكنه يخشى السلطه عندما تستخدم القوه ويكون عندها ناعما ومؤيدا وودودا والتاريخ يروي لنا الكثير من ذلك من حوادث معارك الاسلام مع الامام علي بن ابي طالب وولديه عليهم السلام واستمرارا الى يومنا هذا والغريب ان كل من يستلم السلطه في العراق يتعمد اظهار الذي سبقه بانه خائن وعميل وسارق ومجرم وطاغيه وديكتاتور ولكنه من حيث يدري  وحتما يدري انه اسوء بكثير ممن سبقه والدليل ان العراق في كل العهود التي تلت هو في تراجع عدا فتره قصيره لم تتجاوز العقد الواحد خلال السبعينانت من القرن الماضي  ..
في العراق لابد للسلطه الجديده ان تنحر البعض كفجران دم وكسنه كما فعل سيدنا ابراهيم لابد من كباش فداء ولابد لكرسي الحكم ان يعمد ويعفربالدم والتنكيل والقسوه والاستهتار وضياع الحقوق وامتهان الكرامات ومع كل هذه الافعال يبقى المتسلط الجديد يلعن سلفه لانه افضل منه ولم ينبئه احد انه اسوء من اخيه الذي سبق ..
الغريب فينا نحن العراقيين اننا نرقص ونطبل ونغني مع كل تغيير حتى وان كان بايادي غير عراقيه او بأيادي غير نظيفه وبأشخاص ملوثون بكل المايكروبات الضاره والقاتله ومع الاسف فنحن نرقص لكل من يعزف لنا ونمدح لمن يشتمنا ويسرقنا ونسجد لمن يسومنا القسوه ونضحك عندما تسلخ اجسادنا وتنتهك اعراضنا .. هكذا نحن ؟؟ نرقص ونغني للقائد ونسير المسيرات والهتافات والاعلام وننشد الشعر ولكننا نعود فنلعنه في بيوتنا وقرارة انفسنا ؟؟
كل من استولى علي السلطه في العراق يستفتح عهده الجديد بانه سيدأ من الصفر وكأن الذي سبقه كان في خانة الصفر وينسى ان مكانه وقصره والشوارع والبناء هي من فعل الذي قبله هكذا نحن نتجرأ على الحقيقه بدون حياء ولا استحياء وياريته يحافظ على الصفر ولكنه ينزل بنا الى تحت الصفر بل انه يسيء ويخرب ماكان موجود قبله ..
لو راجعنا معدلات القتل العراقي منذ ان فتح ابوابها الاخوه الرفاق في الحزب الشيوعي وابتكروا اسلوب السحل والحبال وحتى اليوم نجد ان القتل يسير بمتواليه عدديه بدأ بعشرات ثم تضاعف الى المئات تصاعد بالمئات واصبح في القادسيه بالالاف واليوم يقال انه تجاوز المليون ونصف ولاندري ماذا سيحصل غدا هل نستمر الى ان ينتهي شعب العراق تحقيقا  لاجندات جيران السوء والدول الكبرى في امكانياتها وصغيره حقيره في افعالها  ؟؟
هل العقاب الالهي للعراقيين الذي غدروا بخلفائهم وائمتهم وولاتهم ونكثوا عهودهم وسايروا الاعداء وفضلوا انفسهم على اوطانهم وتركوا ضمائرهم واخلاقهم ودينهم ام انها ليست مصادفه واننا نحصد مازرعنا وهل نتأمل في الامه الجديده التي ستدخل وبالتأكيد انها ستلعن ابو اسراء وحزب الدعوه والعمائم والطائفيه والنهب والسلب وهنا لابد من قول ان الامه التي ستأتي بعد هؤلاء ليس عليها ذنب ان تلعن التي قبلها لان الموجود اليوم لايملك من الخير شيئا ولم يقدم شيئا ويستحق اللعنه حتى وان كنا لانريدها لااحد ..
وكلما دخلت امة لعنت اختها .......


محمد علي الامام
اكاديمي عراقي / بغداد

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

540 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع