هل مات الضمير العربي

                                                     

                            د علوان العبوسي
                             ١-١١-٢٠٢٠

هل مات الضمير العربي

في السابق كانت مدارسنا الابتدائية في كل صباح تنشد للعراق ووطننا العربي الكبير قصيدة الشاعر فخري البارودي مطلعها (بلادُ العُربِ أوطاني منَ الشّـامِ لبغدان ومن نجدٍ إلى يَمَـنٍ إلى مِصـرَ فتطوانِ) ...ومعها نشيد موطني لابراهيم طوقان مطلعه ( موطني ..موطني ألجلال والجمال والسناء والبهاء في رباك في رباك)..وكان الشعور السائد انذاك يتمحور لكل شعوبنا العربية في الوحدة والحق الفلسطيني بارضه المغتصبة من الكيان الصهيوني بعد تهجير الملايين من الشعب الفلسطيني خارج وطنه السليب تسانده في ذلك جامعة الدول العربية بمواقفها المميزة انذاك ، وكان الشباب وانا منهم قد تركت مستقبلها ورغباتها المنشودة ، من اجل هدف واحد هو تحرير فلسطين وطرد هذا الكيان ، واصبحت القوات المسلحة ملاذنا لتحقيق هذا الهدف .

بعد ان اقامت مصر والاردن الصلح مع الكيان الصهيوني لاسباب مهمة ومعروفة للجميع قامت القيامة في ارجاء الوطن العربي لهذا الصلح بالرفض والتنكيل والمقاطعة ولا ارغب التوسع فيها الان ، اليوم بدأت تتوسع دائرة المصالحة تحت مسمى اشمل هو التطبيع مع هذا الكيان دون اسباب ضرورية وموجبة رفضها شعبنا الفلسطيني ارجح ذلك بالضغط على بعض دولنا العربية من قبل دولة الشر امريكا لاسباب ايضا معروفة اهمها ضعف هذه الدول وتجردها من عروبتها وتاريخها ومستقبلها مع باقي دولنا العربية والقبول بالهوان والخنوع دون ادراك المستقبل المظلم لهما والابتعاد عن التفكير بالاجماع العربي الذي قد يكون قوة لها ، فمن واجبنا نحن العرب ان ننبه عن هكذا ممارسات غير مسؤولة تؤدي الى كوارث لاجيالنا القادمة تخل بالامن القومي العربي ناهيك ان قضية فلسطين والقدس والتطبيع مع اليهود وماجاء بكتاب الله سبحانه من الغدر والخيانة بالمسلمين وغير المسلمين ...الخ ، ففلسطين والارض المحتلة هي قضية اسلامية بحتة غير مرتبطة بمنظمة او شعب او عروبة او حزب او حكومة عليه فالقضية ليس فلسطين حسب بما يعانيه شعبها من انتهاكات لحقوقة ولكن هي قدسية الارض الفلسطينية ومكانتها الانسانية والاخلاقية في العرف الاسلامي ووجود هذا الشعب يزيد من قدسيتها ، فموضوع التطبيع جديد على العلاقات الدولية فهو بالمعنى اعادة العلاقات بشكلها الواسع والشامل فهناك مثلا المعاهدات والاتفاقيات والصلح بين الدول متعارف عليها بمواضيع معينة ( تجارية ، سياسية ، عسكرية ، اجتماعية ، معونات ...الخ )، عليه التطبيع مسح شامل لكل مافعله هذا العدوا من انتهاكات وقتل وتشريد للفسطينيين ولعروبتنا في العراق ولبنان ومصر وسوريا ...الخ ) بتعاون مع امريكا وايران اعداء الشعوب ، في ذلك يقول الله سبحانه ، بسم الله الرحمن الرحيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّ)(الممتحنة 1 )، ثم قال سبحانه (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (الممتحنة 9)، ونزيد من كلام الله سبحانه (لتجدت اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود واللذين اشركوا ..) (المائدة 82 )،
فلو تكلمنا بايجاز عن تطبيع دولة الامارات العربية المتحدة والبحرين مع الكيان الصهيوني دون اسباب ودوافع موجبة تخل بامنهم الوطني فهاتين الدولتين لم يكن لهم يوما اي رد فعل تجاه قضايانا العربية ضد الكيان الصهيوني سواء في الحروب التي خاضتها البعض من دولنا العربية تجاه هذا الكيان وهذا معروف لنا لانها لم تمتلك زمام المبادرة بيدها ولكن بيد بريطانيا التي منحتهما الاستقلال في كانون الاول / ديسمبر 1971 ناهيك عن مواقفهما المتشددة تجاه العراق وبعض الدول العربية الاخرى تسيرها قوى دولية غير عربية عليه كانت ملاذ امن للجيوش في الحربين ضد العراق في 1991 و2003 ، فالدولتين ينقصهما الشعور العربي تجاه قضايا الامة في التحرر والتوحد والمستقبل الافضل وعلى راسها قضية العرب المركزية فلسطين ، عليه عند عقد التطبيع المشين مع الكيان الصهيوني والذي اشار اليه وزير الخارجية الامريكي بومبيوا (بانه جاري العمل له منذ سنوات طويلة ) وواضح ان الهدف منه الابتعاد عن الاجواء العربية المتشنجة لاسباب عربية / عربية هو الاختباء تحت ظل هذا الكيان بعيدا عن كل مايمس قضايا امتنا العربية وليس كما اعلنه وزير الدولة الاماراتي للشؤون الخارجية انور قرقاش ( انه يعزز السلام في الشرق الاوسط ويضمن تحقيق الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية) ، وكما اعلنه البحرين بان التطبيع هدفه تعزيز السلام في الشرق الأوسط ، وسوف يستمر في التحول الإيجابي للشرق الأوسط ويزيد الاستقرار والأمن والازدهار في المنطقة.) ، وهذا واضح من التصريحين بان القرار خارج الارادة الاماراتية والبحرينية متناسيتان عدد الاتفاقيات والمعاهدات الاممية / الفلسطينية مع الكيان الصهيوني لم تجدي نفعاً وانما من اجل الضغط للتطبيع الكلي الشامل مع العدوا اسرائيل وكما هو حاصل الان فاي تعزيز للسلام في الشرق الاوسط الذي تتكلمان عنه .
لنترك الامارات والبحرين ونسلط الضوء على التطبيع المزعوم من قبل السودان البلد العربي المساهم والفعال بكل قضايا الامة العربية بصدق وروية فقد اعلن الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادي الانتقالي للسودان ان للسودان فرصة لرفعها من القائمة الامريكية للدول الراعية للارهاب ( وفق التصور الامريكي / الاسرائيلي لاوضاع السودان ) ، في اشارة واضحة للتطبيع مع الكيان الصهيوني ، بينما اوضح رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ان ذلك يتطلب نقاشاً مجتمعياً شاملا ومعمقاً ، عليه هناك بعض التناقض بين التصريحين فموضوع السودان بواقعه العربي والتاريخي يختلف عن الامارات والبحرين ، عليه ايضا عرضت كلا من الامارات والولايات المتحدة الامريكية والكيان الصهيوني مبالغ بسيطة لمساعدة السودان شرط التطبيع مع اسرائيل ، بالاضافة الى شروط امنية ضد التعاون السوداني الفلسطيني وكل ذلك لم توافق عليه السودان واوضحت ان لايكون موضوع رفع العقوبات ذريعة او شرط للتطبيع مع الكيان الصهيوني ، ناهيك عن عدم تقبل الشعب السوداني هذا التطبيع المذل مقابل امور سوف لايتم تحقيقها وهذا ماعهدناه مع الكيان الصهيوني سواء للاتفاقيات الدولية او الاقليمية .
المهم في ذلك كله اين موقف جامعة الدول العربية ولماذا لم تسعى جاهدة اذا كان الموضوع يتعلق بالدعم المالي والمعنوي للسودان مما قد يجبرها واقع الحال على التطبيع ، اذن للجامعة العربية دور مهم لتشجيع التطبيع خروجاً عن واقع تاسيسها في دعم الواقع العربي بين دولها اقتصادياً وعسكرياً ومعنوياً بالاضافة ألوقوف بوجه الاحتلال الصهيوني لفلسطين ، لم نشعر دور لهذه الجامعة سواء قبل التطبيع او بعده اذن بات وجودها معوق لشؤوننا العربية لامعالج لها واوامرها تاخذها من دولة الموقع وهذا مالمسناه عند التدخل في حل مشكلة الانسحاب العراقي من الكويت والقبول بتدخل اجنبي لطرد العراق منها وفي اسقاط النظام الوطني الليبي ، ناهيك عن اجتماعاتها الدورية الفاشلة مع رؤساء الدول العربية المتضمن المجاملة والتبريرات دون ان يكون لها اي تاثير لاوضاع امتنا العربية .
في ختام مقالي استذكر دماء شهداء امتنا العربية التي سالت على ارض فلسطين التي لايستشعر بها البعض من اليعارب كما استذكر عدد من مقولات ألرئيس القائد العربي الشجاع جمال عبد الناصر عندما قالها بعد حرب حزيران /يوليو1967 منها (مااخذ بالقوة لايسترد الا بالقوة ، الخائفون لايصنعون الحرية والمترددون لن تقوى أيديهم المرتعشة على البناء، كلنا سنجاهد، كلنا سنكافح، كلنا سنفدى أوطاننا بأرواحنا وبدمائنا ، أللهم أعطنا القوة، لندرك أن الخائفين لا يصنعون الحرية، والضعفاء لا يخلقون الكرامة، والمترددين لن تقوى أيديهم المرتعشة على البناء.)،حيث بدأت حرب الاستنزاف مباشرة بعد الحرب واستمرت إلى 6 تشرين /أكتوبر 1973 حيث اندلعت حرب العبور واستطاعت مصر بالقوة استرجاع شبه جزيرة سيناء التي احتلتها إسرائيل ، لقد عشنا كذبة كبيرة مع الكيان الصهيوني اسمها الاتفاقيات والمعاهدات واليوم التطبيع والسلام بينما اسرائيل تعد العدة لما هو اشمل باستغلال حفاة اليعارب لتحقيق اهدافها المعلنة والمكتوبة على جدار الكنيست الاسرائيلي من النيل الى الفرات ارضك يا اسرائيل. ) دون ان يتحقق ذلك الا بمعونة خونة الامة ، وان غد لناظره قريب .

  

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

611 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع