الوحدة الألمانية

                                                    

                      ترجمة : ضرغام الدباغ

الوحدة الألمانية

يعاني الشعب الألماني كالشعب العربي على امتداد تاريخه، معاناة تشبه كمعاناة الشعب العربي في التجزئة وفي الصعوبات والعراقيل الذاتية والموضوعية التي توضع لعرقلة وحدته، وأن يعيش في دولة وكيان واحد. فهناك من القوى الكبرى والعظمى من يعتقد أن هذه الوحدة هي خطر على طموحاتهم وكياناتهم.

هذا تقرير مقتضب يشير إلى بعض تلك المصاعب الذاتية والموضوعية التي واجهت مساعي الوحدة الألمانية الأولى وبطلها التاريخي بسمارك، قبل نحو ثلاثة قرون، ولكنه يكفي لأستخلاص الدروس والعبر، فالعراقيل هي مصطنعة ومخطط لها أن تكون، وتتمثل خارجياً بإرادة القوى الكبرى، وداخلياً بإرادة الحكام الصغار الذين لا يريدون أن يخسروا كراسيهم.

التقرير يشير أيضاً أن هدف الوحدة يجب أن يتحقق، ولاحظ الطريقة التي توحد بها الشعب الألماني، والعبرة الأكبر في وحدته الثالثة (1990) بقيادة مهندس عبقري هو المستشار هيلموت كول، ووزير خارجية ذكي هانز غينشر، اللذان استطاعا تطمين القوى الخارجية بطرق مختلفة ! والداخل الملتهب المتناقض بسياسة احتواء الجميع ...

أرفق بالتقرير ثلاثة صور عن حالات الوحدة الثلاث ... وعيوننا ترقب اليوم الذي تتوحد فيه أمتنا العظيمة يوم تحرر ذاتها وتجد طريقها للوحدة المنشودة

ضرغام الدباغ

   

الوحدة الألمانية

في عام 1848 هبت موجة من الثورات في أوربا، وفي ألمانيا أيضا انتفض الشعب وشكل رجال النخبة في جميع الولايات ما أطلقوا عليه البرلمان الأول، والانتخابات جرت دون أذن من حكومات الأمراء وفي 18 / أيار / 1848عقدت في كنيسة باول في فرانكفورت الاجتماع الوطني الألماني من اجل وضع دستور وحكومة لكافة الأرجاء الألمانية
(الصورة : الاجتماع التاريخي في كنيسة باول بفرانكفورت عام 1848)

وتمثلت إحدى أهم واكبر المشكلات بمشاركة مندوبي النمسا. وكان هناك من بين رعايا الملك النمساوي ليس فقط مواطنون ألمان بل ومن الهنغار والتشيك، وشعوب أخرى أيضا. وارتأى بعض النواب أن ألمانيا الجديدة ستكون دولة متعددة القوميات وهذا ما لم يكن مقبولا من الجميع. ومن جهة أخرى لم تكن الحكومة النمساوية مستعدة ل، علىزل عن المناطق الغير ألمانية. وهكذا أتخذ النواب قرارا صعبا بقلوب ثقيلة تأسيس " دولة ألمانية صغيرة " بدون الألمان النمساويين.

وعرض نواب المؤتمر الوطني ما توصلوا إليه من قرار،على الأمراء تأسيس أقوى دولة ألمانية بعد النمسا. كما عرضوا على القيصر فريدرك فيلهام السادس ملك بروسيا تاج وعرش الدولة. والقيصر الذي قبل العرش والتاج بسرور، ولكن لو كان هذا العرض قد قدم له من الأمراء الألمان الآخرين. وبموقفه هذا لم يكن شاكرا لعرض ممثلي الشعب برفضه عرضهم الكريم، وهكذا فان أمل الشعب بالوحدة أحبطه الأمراء.

ولكن في النهاية نجح رجل الدولة البروسي اوتو فون بسمارك (Otto von Bismarck) بتوحيد ألمانيا، وكبداية لهذا المسار، أصبح بسمارك رئيسا لوزراء بروسيا عام 1862 ليتمكن من مواجهة رفض النمسا التي كانت تفضل بقاء ألمانيا مجزأة على توحدها بقيادة الألمان البروسيين. وثم تمكن بسمارك من الانتصار على النمساويين في حرب قصيرة. ثم شكل هذا السياسي العبقري تحالفاً من الدول الألمانية الشمالية، وتحالفات مع دول ألمانيا الجنوبية، الذين كانوا حتى تاريخه حلفاء للنمساويين.

وعندما وقعت الحرب مع فرنسا عام 1870، قاتلت كافة الدول الألمانية جنباً إلى جنب، ومن خلال دبلوماسية ذكية قام بها بسمارك، تمكن من إعاقة محاولات الملك الفرنسي نابليون الثالث أن يجد حلفاء يقفون إلى جانبه، ولهذا خسرت فرنسا الحرب بسرعة. وتحت ضغط الرأي العام دخلت دول جنوب ألمانيا في تحالف مع دول شمال ألمانيا، والآن عرض كافة الأمراء الألمان عرش وتاج الإمبراطورية الألماني على الملك البروسي فيلهام الأول. وفي 18 / كانون الثاني / 1871 نودي بالملك فيلهام، في قصر فرساي (بالقرب من باريس)، وبهذا توحدت ألمانيا مرة أخرى.

تولى بسمارك منصب المستشار (رئيس وزراء) الدولة الألمانية الموحدة، الرايخ الألماني، وكان يشعر بالسعادة والرضا بنجاحه وجعل من الوحدة والحفاظ عليها الواجب الرئيسي للسياسة الألمانية، وحماية السلام. وطالما تواجد هذا السياسي والدبلوماسي البارع في سدة الحكم لم تكن أوربا تشهد الحروب ...!

وفي مجالات السياسة الداخلية انهمك بسمارك بتخفيف التوتر الاجتماعي، وكان تحقيق ذلك يقتضي المضي قدماً في التصنيع . وفي الأعوام 1883 وحتى 1889 أتخذ الرايخستاغ (البرلمان الألماني ) القوانين لرعاية وتأمين المرضى والمصابين في الحوادث، وكبار السن، والمعاقين. ولأول مرة في تاريخ العالم تمكن بسمارك من تحقيق الرعاية للعمال وجعلها من واجبات الدولة .

المصدر : د. ستبات ، د. كلوفر : معهد غوتة

       

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

760 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع