سلاح الجو العراقي في الحرب العربية الاسرائيلية الثالثة ٦ تشرين الاول (اكتوبر) / ح٣

                                          

                  اللواء الطيار الركن دكتور
                   علوان حسون العبوسي
                  8 / 10 / 2018

        

سلاح الجو العراقي في الحرب العربية الاسرائيلية الثالثة 6 تشرين الاول (اكتوبر) 1973 الحلقة الثالثة(الأخيرة)

   

موجز لمعارك القوات البرية العراقية 

اعزائي استكمالا لدور القوات البرية المشار اليها في الحلقة الأولى أوجز لحضراتكم هذا الدور بما يأتي مع التقدير
كما اشرت في الحلقة الأولى ففي يوم 9 تشرين الاول (اكتوبر) 1973 صدر الأمر للفرقة المدرعة الثالثة بالحركة السريعة إلى سوريا على محور بغداد – الرمادي – الحدود الدولية – أبو الشامات – دمشق لدعم القطاع الأوسط من الجبهة ،وحركة لواءين مشاة على الفور هما اللواء الخامس الجبلي بقيادة المقدم الركن عبد الجواد ذنون واللواء/ 20 بقيادة العقيد الركن سلمان باقر ، على محو الموصل – حلب – دمشق ،لدعم القطاع الشمالي من الجبهة السورية وهي في معظمها أراضي جبلية وشبه جبلية ،وبمسافة تنقل استراتيجي تزيد عن 1000 كم ،وكانت أسبقيات التنقل لتشكيلات الفرقة المدرعة الثالثة : - الأسبقية الأولى إلى اللواء الآلي/ 8 بالتنقل المباشر على الطريق لعدم توفر ناقلات الدبابات بالعدد الكافي ولخفة حركة عجلاته المدرعة (تم الاستعانة بسرية ناقلات دبابات أردنية لنقل كتيبة الدبابات الثالثة من اللواء /8) يتداخل بالحركة معه محمولا على شاحنات النقل الثقيل اللواء المدرع /12 ،أما اللواء المدرع /6 في الأسبقية اللاحقة .
في صباح يوم 11/10 وصلت طلائع القوات المدرعة من الفرقة المدرعة الثالثة العراقية سوريا وكان توجيه القيادة العسكرية السورية دفع أية قوات عراقية تصل إلى محور دمشق – الصنمين – درعا إذ كانت هذه القيادة تتوقع قيام الإسرائيليون بحركة إحاطة واسعة على محور القنيطرة - غباغب –الكسوة – دمشق ،مع تثبيت القوات السورية على محور القنيطرة – سعسع / كناكر – الكسوة دمشق ،وخلال هذه الليلة وصل اللواء المدرع /12 من الفرقة الثالثة العراقية المحمول على العجلات إلى منطقة الغوطة جنوب دمشق ،إذ أجتاز منطقة اجتماع اللواء الالي / 8 الذي يصل تباعا لإعادة التزود بالوقود ثم تحرك سريعا نحو الجنوب إلى منطقة الصنمين ،وعندها أنزلت دبابات وعجلات قتال اللواء وهما كتيبتي دبابات المعتصم و قتيبة والفوج الآلي/ 3 ،مع كتيبة مدفعية وبطرية مقاومة طائرات ، ثم أنفتح هذا اللواء بتشكيل قتالي ضمن قاطع الفرقة الخامسة السورية في أنخل بعد عناء لضعف الدلالة والتنسيق بعدها أوجز آمر اللواء إيجازا بسيطا قدم من قبل ضابط ارتباط سوري عن الموقف العام ، وكانت المفاجأة بالنسبة للعراقيين بأن الموقف قد أنقلب رأسا على عقب ،وأن القوات السورية قد لجأت إلى الدفاع ،بل إلى القتال التراجعي أمام تعرض مقابل إسرائيلي كبير بقوات مدرعة كبيرة وبإسناد جوي كثيف وفعال ،يقابل ذلك ،أن القوات العراقية لم ترتبط بمقر قيادة محدد.... شرع اللواء المدرع/ 12 العراقي للقيام بأول مهمة قتالية له وبحماسة عالية صباح يوم 12 تشرين اول(اكتوبر) ،دون أية استطلاعات ميدانية أو معلومات تفصيلية كما هو معتاد نحو الغرب على محور الصنمين – قيطة – كفر شمس – كفر ناسج – تل الشعار ، باحثا عن العدو وبعد تقدم 17 كم أصطدم بتشكيل مدرع إسرائيلي في معركة ملاقاة سريعة، فيفاجأ الإسرائيليون بما يزيد عن مائة دبابة وعجلة قتال مدرعة تهاجمهم بقوة وعنف وتكبدهم خسائر غير قليلة ، فيتراجع الإسرائيليون للخلف تاركين عددا من دباباتهم المدمرة والمعطوبة خلفهم ،ذات الوقت الذي وصل اللواء الالي/8 العراقي إلى منطقة كفر ناسج فشكل قاعدة دفاع بالمشاة خلف اللواء/ 12 (وفقا لعقيدة القتال العراقية، أي إسناد انطلاق الوحدات المدرعة بقاعدة قوية من المشاة )، لقد ايقن الجنرال الإسرائيلي (لا نير ) الواقف على قمة (تل الشعار )في تلك الساعة ، أن القوات العراقية قد وصلت بوقت خارج توقعات استخباراتهم ،فأصدر أمراً لقواته بإيقاف التقدم نحو العاصمة دمشق على الفور لمواجهة القوات العراقية التي ستضرب مركز قواته مما يعرض قواته للعزل والخطر،(هنا يكمن الدور العراقي الرئيسي في هذه الحرب في منع الإسرائيليين من مهاجمة واحتلال دمشق .بالوقت الذي لا ننسى حكمة القرار السوري في زج القوات العراقية في هذا الاتجاه ). في هذه الليلة تكامل لوائي المشاة العراقيين/ 5و20 منفتحا للدفاع في القاطع الشمالي من جبهة القتال ، خلال يومي 13 و14 تشرين اول كثف الطيران الإسرائيلي هجماته على اللوائيين العراقيين 8و12 اللذين كانا في اشتباك مستمر مع الدروع الإسرائيلية ،وكانا يعانيان من مشكلة سد النقص بالعتاد والوقود والتعويض عن الدروع المدمرة أو تصليح الإعطاب الكبيرة ، ألا أن الدروع الإسرائيلية قد تضاعف عددها من خلال تراجع القوات الإسرائيلية من المحور الشمالي من اتجاه دمشق ، لتغير اتجاهها إلى المحور المركزي لمواجهة التهديدات العراقية الجدية المفاجئة ،في ذات الوقت وصل الفوج الثاني قوات خاصه بقيادة الرائد الركن نزار الخزرجي الى منطقة قتال اللواء/ 12 و نظم اشتباكه ضمن هذا اللواء ضد القوات الاسرائيلية مكبداً اياها 12 دبابة مستعيناً بأسلحة م/دب وباقي اسلحة الفوج (1) ، في صباح يوم 15تشرين اول وبعد إعادة تنظيم سريع للوضع القتالي للوائي الفرقة المدرعة الثالثة العراقية ،تقرر استئناف الهجوم على القوات الإسرائيلية غرب تلول المال والعدسية على الرغم من أن نسبة التفوق كانت لصالح الإسرائيليين بنسبة 3 إلى 1 ،ناهيك عن تداعي منظومات الدفاع الجوي السورية وزيادة مطردة في الهجمات الجوية الإسرائيلية ،في هذه الاثناء تكامل للقوات العراقية 5 كتائب مدفعية عيار 122 ملم لإسناد الهجوم دون انتظار وصول اللواء المدرع /6 من الفرقة العراقية الثالثة الذي بات على مقربة من ميدان المعركة ،لكن حال ما شرعت هذه الفرقة هجومها جوبهت بهجوم إسرائيلي مدرع بثلاث شعب ،الشعبة الأولى بلواءين مدرعين على محور تل الشعار – تلول المال – كفر ناسج ، الشعبة الثانية من الهجوم توخي تل الحرة لضرب الجناح الأيسر للقوات العراقية ،والشعبة الثالثة من الهجوم الإسرائيلي بقوة لواء مدرع قام بإحاطة القوات العراقية من الجناح الأيمن محاولة في عزلها ويستهدف احتلال تل عنتر وكفر شمس باتجاه قيطة لتطويق القوات العراقية . في الساعة 1330 من نفس اليوم شنت عشرات الطائرات الإسرائيلية سلسلة من الهجمات الجوية المكثفة ،مكنت القوات الإسرائيلية من التقرب بسرعه نحو أهدافها والحقت الفوضى والخسائر الكبيرة بالدروع العراقية ،فدارت بين الجانبين معركة دروع عنيفة ومروعة وباشتباكات قريبة جدا إذ اختلطت الدروع بعضها ببعض في احيان عديدة ، وكما هو معروف فقد أظهر الدرع الإسرائيلي براعته المعهودة في القتال المدرع لكن الدروع العراقية على الرغم من فداحة خسائرها وقلة أعدادها ،إذ صمدت بهذه المعركة بندية عالية ولم تسمح للدرع الإسرائيلي من تطويقها ، لكنهم نجحوا في دفع العراقيين إلى الشرق كثيرا بما يزيد عن 10 كم ،وتم لهم احتلال كفر ناسج وتل عنتر وتل الحارة ، ،لقد كانت ليلة ليلاء وقاسية جدا على الفرقة المدرعة الثالثة . في صباح يوم 16تشرين اول زج قائد الفرقة الثالثة اللواء المدرع/ 6 الواصل توا في المعركة وهو من الحركة ،محاولا استعادة (تل عنتر) فدارت معركة عنيفة تمكن هذا اللواء من احتلال الهدف بسرعة ،لكن هجوما إسرائيليا مقابلا مسندا بالطيران الحربي تمكن من دفعه إلى الخلف قليلا أسفل التل ودارت معركه شرسة بين الدرع العراقي والاسرائيلي تكبد الطرفان خسائر كبيرة بالدروع والاشخاص ، ليلة 18/19تشرين أول(اكتوبر) شنت الفرقة المدرعة الثالثة العراقية وهي بأقل من نصف قوتها لحجم خسائرها الكبيرة بالدروع في المعارك السابقة ،هجوما مقابلا على القوات الإسرائيلية (اللوائيين المدرعين 19و20 ) على محور تل عنتر – كفر ناسج ،فدارت معركة كبيرة وعنيفة إذ تمكن مشاة اللواء /8 من استعادة تل عنتر بعد دفع الدروع الإسرائيلية إلى الخلف ،لكن الطيران الإسرائيلي ومنذ طلوع شمس يوم 19 تشرين اول هيمن على ساحة المعركة فدعم هجوما مقابلا للدروع الإسرائيلية وتمكن من دفع القوات العراقية خارج مكتسباتها مستعيدا احتلال تل عنتر مرة أخرى .
كانت هذه المعركة الفرصة الأخيرة للفرقة المدرعة الثالثة للقيام بالتعرض، إذ خسرت 137 دبابة وعجلة قتال مدرعة مع 323 شهيدا وجريحا خلال أكثر من أسبوع من القتال المستمر والعنيف، ذات الوقت الذي أنهك الطرف الإسرائيلي أيضا، إذ تحول إلى الدفاع ولسد النقص بمواد تموين القتال، بالوقت الذي وصلت طلائع الفرقة المدرعة السادسة العراقية إلى مسرح العمليات وباشر القادة والآمرون استطلاعاتهم الميدانية، وعليه أصبح الموقف في القطاع الأوسط من مسرح العمليات مطمئنا نوعا ما. خلال 72 ساعة اللاحقة وهي مدة تكامل تشكيلات ووحدات الفرقة المدرعة السادسة وإعادة تنظيم الفرقة المدرعة الثالثة العراقيتين ركز الإسرائيليون في معركتهم على المدفعية والطيران فقط محاولين ألحاق أكبر ما يمكن من الخسائر بالقوات العراقية ،يوم 21/10 كانت هناك خطة مشتركة قد وضعتها القيادة السورية مع القيادة العراقية لشن تعرض مقابل كبير لدفع الإسرائيليين إلى حدود 5/10 على أن تنفذ هذه الخطة في الساعة 600 يوم 23/10 ،وقد اتخذت كافة الاستحضارات والإجراءات اللازمة للهجوم ،لكن ليلة التنفيذ بلغت القيادة العراقية بإلغاء الخطة لاضطرار القيادة السورية بالقبول بقرار وقف أطلاق النار الرقم 338 الصادر من مجلس الأمن الدولي في 22 تشرين الاول ( اكتوبر) 1973 ،والذي قبلت به مصر قبل ليلة واحدة ،(كي لا يسمح للقوات الإسرائيلية في تركيز جهدها على جبهة الجولان وتحقيق تفوقا ساحقا على القوات السورية ،كان هذا هو التبرير السياسي السوري للقبول بهذا القرار).
المراجع:
1 . الفريق الركن رعد مجيد الحمداني (مصدر سابق).
2. مهاتفة مع الفريق الاول الركن نزار عبد الكريم الخزرجي (رئيس اركان الجيش سابقاً) يوم 16كانون الاول 2011: الشارقة.

   

للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:

https://algardenia.com/maqalat/37301-2018-10-07-09-20-08.html

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

656 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع