قراءات في صحف عراقية قديمة

                                                

                      ماجد عبد الحميد كاظم

م/ قراءات في صحف عراقية قديمة

نشرت جريدة الشعب بعددها المرقم 3 الصادر في بغداد في يوم الاثنين 10 رمضان المبارك سنة 1342 الموافق 14 نيسان سنة 1924 المقالة التالية :-

حديث المعاهدة
ليس اليوم في العاصمة ناد او محفل او مقهى الاوللمعاهدة البريطانية العراقيةالقسط الاوفر والنصيب الاوفى من الاحاديث الجارية فيها وبديهي ان هذه الامة التي ضحت ما ضحته في سبيل حريتها و استقلالها لابمكن ان تقف مكتوفة اليدين في هذه الايام العصيبة التي يبت خلالها في مصيرها ومستقبلها، وهذا الاهتمام الذي نرى آثاره في كل زاوية من زوايا هذا الوطن ليس الا دليلا على يقظة الامة لكل ما يجري حولها من خير او ضير فهي وان منحت ثقتها لفريق من ابنائها وخولتهم الكلام بأسمها والتعبير عن مطالبها الا انها تقف اليوم موقف المراقب المدقق لتميز بين من يتساهل بواجب الامانة وبين من يفي بوعده وعهده فتعطي كل ذي حق حقه من شكر وتقريع واحترام.
لقد احال المجلس مسألة تدقيق المعاهدة وفحصها وتقديم تقرير عنها الى لجنة مؤلفة من خمسة عشر نائبا يمثلون الوية العراق كلها ونحن وان كنا لم نستصوب الطريقة التي اتبعت في انتخاب اعظاء اللجنة الا اننا مع ذلك لانزال نعقد آمالا كبيرة عليها في فحص المعاهدة وتقديم تقرير ضاف عنها يوقف النواب الكرام على الجليل والحقير من شؤونها، فاللجنة اليوم في امام تبعة تاريخية كبرى من هذا القبيل وهي المسؤلة امام الله والتلريخ عن كل حركاتها وسكناتها في هذه الساعة الرهيبة.

يعلم النواب ولا ريب ان الامة وان شرفتهم بثقتها ومنحتهم حق الكلام باسمها الا انها من جهة اخرى صاحبة الكلمة الاخيرة في شؤونها وهي لاتعدم وسيلة من املاء ارادتها على من يحاول مس كرامتها والحط من شأنها، وتاريخ الامم الحديثة حافل بالوقائع التي اثبتت لذوي البصائر النيرة ان ارادة الامة فوق ارادة المجالس والبرلمانات اذا لم تنزل هذه على رأي شعوبها واقوامها.
ان اللجنة الفاحصة وان كانت لاتملك حق البت في المعاهدة وابرامها غير ان لها ولا ريب رأيا رفيعا في هذا الصدد فهي التي تتولى اماطة اللثام عما احتوته المعاهدة من المنافع والمضار فاذا شاءت اللجنة المحترمة تحليل هذه المعاهدة تحليلا دقيقا فما عليها الا ان تقيسها بالمعاهدات التي عقدت بين الدول المستقلة في العصر الحاضركما تقابل بينها وبين جوهر المادة 22 من نظام عصبة الامم وصك الانتداب البريطاني على فلسطين الذي قدمته انكلترةالى عصبة الامم على العراق ونشرته جريدة التايمز النيوركية عام 1921 وصك الانتداب الافرنسي على سورية لتعرف ماذا اذا كانت هناك فروق ومميزات بين هذه المعاهدة والمعاهدات المستقلة اوبينها وبين صكوك الانتداب ومتى عملت اللجنة الموقرة بهذا الاقتراح فانها ولا ريب سوف تتمكن من ابداء رأي صريح صحيح عن هذه المعاهدة التي اشغلت الامة عن بكرة ابيها .
ليس من ينكر ان بلادنا اليوم محفوفة بالمخاطر والمكاره وانها بأشد الحاجة الى اصدقاء اقوياء نتعاون واياهم على رفع الاخطار عن كياننا. وهذه حقيقة يسلم بها كل ذي عقل سليم مجرد عن الاهواء والغايات ولكن علينا من جهة آخرى ان نعرف مقدار هذه المعونة ونحددهاوان لاتكلفنا ثمنا غاليا وحملا ثقيلا ينوء تحته كاهلنا الضعيف لكيلا يصح فينا قول العربي "تعددت الاسباب والموت واحد"

وتقبلو تحيات معد قراءات في صحف عراقية قديمة
ماجد عبد الحميد كاظم

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1197 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع