دولة العسکر

                                            

                          سعاد عزيز

دولة العسکر

مع إتجاه الازمة في المنطقة من مختلف النواحي و على مختلف الاصعدة الى التصعيد، فإن الاوضاع و التطورات المستجدة على الساحة، تطرح العديد من التفسيرات و الاحتمالات المتباينة و التي يبدو أن المسار العام لها يسير بإتجاه المزيد من التصعيد و التوتر، وهذا الامر بات واضحا في الاحداث التي جرت خلال الاسابيع الماضية و التي تٶکد بأن هناك رسائل عملية متبادلة بين دول المنطقة و العالم ولاسيما بين واشنطن و موسکو و الرياض و طهران بما يشير الى إنها قد تسفر عن أمور و مستجدات قد لاتکون إيجابية للسلام و الامن و الاستقرار في المنطقة.
التهديدات الامريکية لطهران و حالة الاستعداد و التهيٶ العربي ـ الخليجي للوقوف بوجه التمدد الايراني الذي لم يعد بوسع المنطقة السکوت عنها و تحمل نتائجها و تداعياتها و الاحداث و التطورات التي جرت عقب تفجيرات طهران و ماقيل و يقال عنها، تشير جميعها الى إن منطق القوة هو الذي يتکلم و في ضوء ذلك فإن خيار طاولة المفاوضات مستبعد حاليا، بل وحتى إن الاوضاع الداخلية لدول المنطقة و إيران نفسها تسير بإتجاه الاستعداد لمواجهة لامناص منها.
الجمهورية الاسلامية الايرانية التي ترى دول المنطقة بأنها تتحمل القسط الاوفر من جر المنطقة الى أجواء التوتر و التصعيد، وترى إنها السبب في نشوء و تقوية و دعم الاتجاهات الاسلامية الراديکالية بشقيها الشيعي و السني، وهذا الاتهام قد سبقه إتهام تم توجيهه من قبل قيادي بارز في المعارضة الايرانية التي تتخذ من باريس مقرا لها، وهو محمد محدثين، رئيس لجنة الشٶون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، حيث کان قد أصدر کتابا في عام 1993، تحت عنوان(التطرف الاسلامي..التهديد العالمي الجديد)، حذر فيه بقوة من الدور الذي يقوم به رجال الدين في إيران بهذا الخصوص ومن إن نشاطهم و تحرکاتهم تشمل الشيعة و السنة على حد سواء.
إيران التي تبذل کل جهودها للرد على هذه الاتهامات و السعي للتأکيد على إنها بنفسها ضحية للإرهاب و تشارك في مکافحته، لکن دفاعها المسميت هذا تفنده و تدحضه الکثير من الامور الموجودة و الجارية على أرض الواقع في المنطقة، خصوصا وإن التطرف الديني الذي تحاول طهران جاهدة التنصل من حقيقة کونها مصدره و بٶرته الاساسية بفعل العلاقات الوثيقة التي تربطها بالکثير من الاحزاب و التنظيمات و الميليشيات و الشخصيات الاسلامية المتطرفة سواء شيعية کانت أم سنية، کل هذا يجعل من موقفها و تأکيدتها مهزوزة و ضعيفة و غير قابلة للإعتداد بها.
في خضم التطورات الجارية في المنطقة، و بعد أن تزايدت المٶشرات التي توجه أصابع الاتهام لطهران، فإن الاخيرة کما يبدو بدأت بالتصعيد من جانبها وهي تسعى لتحقيق أکثر من هدف بإستهدافها مدينة دير الزور السورية التي هي الان بمثابة العاصمة لتنظيم داعش الارهابي، خصوصا عندما تريد الربط مابين السعودية و داعش و توجيه إتهام ضمني واضح للأخيرة بکونها تقف خلف تفجيرات طهران وإن الصواريخ الموجهة لدير الزور رسالة لها و لدول اخرى في المنطقة و العالم.
التطور الاخير في السعودية بإختيار محمد بن سلمان وليا للعهد و مايعني ذلك إن السعودية بدأت تميل الى تقديم صقورها على حمائمها الوديعة ازاء الاحداث و التطورات الجارية في المنطقة و المرتبطة بإيران بشکل خاص، قابله جنوح إيران ملفت للنظر بإتجاه التصعيد، لکن الذي يجب الانتباه إليه أيضا هو إن الرئيس الايراني الذي يعول عليه البعض لکي يلعب دورا بإتجاه دفع ايران نحو الاعتدال، يقوم هو الآخر بإرسال رسالة واضحة جدا للمنطقة و العالم من خلال تصريح أخير له يوم الخميس الماضي أمام حشد من رجال الاقتصاد عندما قال:  "هناك من كان يخشى الدولة غير مسلحة، لكن الآن بات الاقتصاد والسلاح والإعلام بيد العسكر ولا يستطيع أحد منافستهم"، وهذا الکلام الذي يبدو واضحا جدا ولايحتاج الى أي تفسير، والذي کان أيضا قائما قبل ليس تصريح روحاني وانما حتى إنتخابه، لکن الجديد فيه هو إن روحاني يعلن من خلاله و بشکل واضح عجز تياره عن القيام بأي شئ، والاهم من ذلك إن تصريح روحاني هذا کان قد سبقه تصريح ناري للمرشد الاعلى للجمهورية علي خامنئي، قبل إطلاق الصواريخ على معقل داعش قال فيه:" ليعلم العدو صمود الجمهورية الإيرانية القوي، واعلموا أنهم لن يتمكنوا من صفعنا وإنما نحن سوف نصفعهم."، والکلام کما تم تفسيره و تأويله موجه لداعش و السعودية بوجه خاص و دول في المنطقة، غير إن الذي يجب أن نأخذه بنظر الاعتبار هنا هو إن الموقف و الاوضاع في إيران لاتکاد أن تکون ثابتة و مستقرة کما هو الحال في دول المنطقة التي تنافسها و تسعى للمواجهة ضدها، کما إن موقفها الدولي و الاقليمي أيضا يشهد تضعضعا و تراجعا و إحتمالات من أن تصبح في النهاية اسيرة صفقة روسية ـ أمريکية لايمکن إستبعادها خصوصا وإن للروس باع في عقد هکذا صفقات خصوصا إذا ماتذکرنا صفقة إدارة ظهورهم لما کان يسمى"جبهة تحرير عمان و ظفار"، والتي تمت مقايضتها مع التمرد الکردي في شمال العراق عام   1975، وقبل ذلك صفقة تخليها عن جمهورية أذربيجان الآذرية و مهاباد الکردية اللتين أعلنتا في إيران في عام 1946، و في ضوء ذلك يمکن إنتظار و توقع أکثر إحتمال بهذا الصدد وان الشهور القادمة قد تحمل الکثير من المفاجئات.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
کاتبة مختصة في الشأن الايراني.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

767 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع