الحفاظ على الدول ليس بالكلام

                                                     

                              د.ضرغام الدباغ

الحفاظ على الدول ليس بالكلام

الحفاظ على الدول ليس بالكلام، هذا مقولة للعبقري الشهير ميكافيلي، والمفكرين والحكام ومعظم المجتهدين في عالم السياسة يوافقون ميكافيلي في طروحاته سراً ويعرضونه علناً، ويقول البعض أن معظم الحكام الفالحين، يضعون نسخة من كتبه وأعماله تحت وسائدهم كمراجع لهم فيما يقولون ويفعلون.

ما كنا فيه، نريد أن ندلو بدلونا في موضوع الساعة....الخلاف الخليجي / الخليجي. فمن الأكيد المؤكد الذي لا شك فيه ولا ريبة، أن علاقات دول الخليج ببعضها وبالخارج معروفة ولا تحتاج لشرح، ولا تنطوي على ما هو جديد. هذا يعني بالتالي كأستنتاج حتمي، أن ليس هناك ما هو جديد كلياً بين الأخوة في الخليج. وليس هناك أسراراً، وإذا قبلنا هذه الفكرة الأكيدة وأن لا نتحدث هنا بلغة العيب والحلال والحرام، ولكن دعونا نسترسل في الأستنتاجات، أن معظم ما يدور هو مبرمج ومرتب، بدرجات متفاوتة، فهناك درجة الإدراك أولاً والمعرفة والتبليغ ثانياً، والمشاركة ونسبتها ثالثاً وتختلف من هذا النظام لذاك، ومن هذه الشخصية لتلك، وهناك دائماً ممثلين رئيسيين، وثانويين، ومنهم من لا يطلع على المسرح ربما إلا لدقائق، ثم يذهب لبيته راضياً مرضياً ...

في أول دخول داعش للموصل أجرت معي التلفزيون الجزائري مقابلة (18 / أيلول / 2014) طرحت علي المذيعة سؤالاً، هذا نصه ونص الإجابة عليه دون تحريف أو تعديل:

السؤال :ــ ما رأيكم بأنشطة داعش.؟

الجواب : ــ وحول موقفنا من أنشطة داعش، فقد توصلنا وفق أدلة مادية وعقلية، أن داعش هو عبارة عن منتوج لأجهزة المخابرات السورية والإيرانية، للإساءة للثورات الشعبية وللإسلام، ودليلنا المادي في ذلك أن داعش أنقذت نظام بشار الذي كان يحتضر، وكذلك أنقذت نظام بغداد بعد كان مصيره محسوماً. وربما أضافت عليها أجهزة الولايات المتحدة بعضاً من لمساتها الفنية، أو أنها استفادت منها لفترة من الوقت، إلا أن وبعد تفاقم أمرها، وانتشار شعاع ضررها على أكثر من ساحة، صار الإعلان عن قرار التصدي لها، والأنباء حول ذلك متواترة، بين عدم اشتراك قوات برية، إلى اقتصارها على الهجمات الجوية، إلى إعلان أمد طويل للعمليات العسكرية، كل ذلك يضيف غموضاً غير مفهوم عن طبيعة العمليات وهدفها النهائي. نحن في المجلس السياسي نراقب بدقة هذه الأفكار والتحركات، وموقفنا منها هو المزيد من التمسك بأهداف المجلس، ألا وهي تحرير العراق، وإسقاط النظم الطائفية، وأستعادة العراق لأستقلاله وسيادته، وتخليصه من النفوذ والهيمنة الأجنبية، والسعي لنظام ديمقراطي تعددي والبدء بعملية تنمية وإعمار شاملة.

ولو يتسنى لي اليوم الإجابة على نفس السؤال، لربما أضفت كلمة أو جملة قصيرة، ولكي سأحتفظ بجوهر الجواب ولبه.
لنفعلها كالكلمات المتقاطعة :  
علاقات دول الخليج مع طهران (منذ أيام الشاه) موضوع قديم جديد، ولا نعتقد أن فيه أمر جديد مجهول. أما داعش وسواها من المنظمات المتطرفة فقد انكشفت اللعبة تماماً وطار أمير المؤمنين إلى حيث جاء، ويجري ترتيب اتفاق سلمي لتسليم الرقة، وستختفي داعش كما ظهرت لغزاً لا يفقهه إلا الراسخون في العلم.

بعد نهاية دور داعش، الحشد ايراني يصل الحدود السورية. انتبهوا لردود الأفعال أطرف المعادلة على الخلاف الخليجي وأقرأوا ما وراء السطور... وإذا قرأنا أن هناك بعض من تناقض طفيف في قواعد الموقف، فذلك يرجع للتداخل الشديد في اللقطات على الشاشة، وبعض من تلك (التناقضات) أو اللعب خارج الخطة، هي ضمن الخطة، ولكن في صفحة التمويه.

لا أريد أن اتهم أحداً، ولا أعتبر ما يدور سراً وعلانية في لقاءات رسمية أو غير رسمية عاراً، هذا لا يهم البتة ولا أقترح طريقة لحل الإشكالية، لسنا في مناسبة عائلية لنتحدث في العيب وما شابه من مصطلحات، نحن نتحدث عن مصالح، وأية مصالح ...؟ حماية البلد ووجوده وكيانه ...

ولكن الخطأ الذي أرتكب(بتقديري) هو الدخول في تحالفات رسمية وقانونية مع جيرانها (مجلس التعاون لدول الخليج)، ولهذا الاتحاد مؤسساته السياسية والعسكرية والأمنية بطبيعة الحال، ومنذ تأسيس الاتحاد (25 / أيار / 1981) أي من 46 عاماً وشهر واحد، والاتحاد بين دول الخليج هو أتحاد بين كيانات سياسية متشابهة لدرجة التطابق تقريباً، وإذا كانت هناك ثمة فقرة يختلفون عليها، فستبدو تافهة جداً حيال التحديات المصيرية التي يواجهها دول الاتحاد، والمنطقة والعالم بأسره.

مقبول تماماً في الحياة بصفة عامة، والسياسة بصفة خاصة، أن يكون لك رأيك الخاص، سواء كنت فرداً أم دولة فهذا شأن شخصي للفرد، وسيادي للدولة، ولكن إذا كان لرأيك وموقف ينطوي على إلحاق أضرار خطيرة... نؤكد خطيرة، فآنذاك سيكون لمن جالس معهم في البيت رأي آخر وموقف آخر ... فآنذاك ينطبق القول : أتسرح مع الغنم يا أخونا وتأكل مع الذئب ؟
ولكن ...
الغير مقبول هو أن تكون توجهاتك تتعارض مع الخط العام تعارض وتناقض جوهري تام ..!
الغير مقبول هو أن تضع قدماً هنا وقدماً هناك ..!
الغير مقبول هو أن تكون ضمن كيان سياسي، ثم تعمل ضده في الخفاء ..!
الغير مقبول هو أن تخوض مغامرات سياسية إن كانت بقناعتك أو مفروضة عليك من وراء ظهرنا ...!

لا بأس أن تلعب أدوراً ولكن لمصلحة البيت وليس خدمة لمن يريد أقتحام البيت ... ولكن أن  تلعب معهم  دور سمعان بطرس ... وتلعب معنا دور يهوذا ... * لا .. يا أخينا .. إذا كان يصعب عليك أن تكون سمعان بطرس، حسناً .. ولكن لا تكن يهوذا ..!

اليوم صعب لا جدال.. وللأيام الصعبة خلق الرجال هناك من واقف على قدميه يجالد، وهناك من يؤيد، هناك من يدعم، وهناك من يرتجف قلبه فتجيبه قدماه، ولكن من يطعنوك في الظهر فهذه مصيبة المصائب، خطوطنا مخترقة .. نعم وياللأسف

يهوذا رأي الدم يسيل من أشداق القتلة، فغلبه الخوف فوقف مع الجزارين خادماً صغيراً، ولم تغلبه الشجاعة ليقاتل مع أخوته، واهماً بأعتقاده أنهم سيوفرونه حين تحين ساعة الاحتفال الكبير ..؟
اللهم لا تُزِغْ  قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ

فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي لكم.

وما خفي كان أعظم ....

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* سمعان بطرس أحد حواري السيد المسيح المخلصين وصلب من أجل مبادئ المسيح، ويهوذا هو أيضاً من حواري السيد المسيح، ولكن سلمه لليهود ...!

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

709 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع