في فلسفة التربية نحن مُسيَّرون بالعقل المجتمعي الذي يخلق العقل المنفعل

                                            

                      علاء الدين الأعرجي
        محام/ مفكر  وباحث عراقي يقيم في نيويورك

في فلسفة التربية نحن مُسيَّرون بالعقل المجتمعي الذي يخلق العقل المنفعل

خلق الله الإنسان بـ"عقلٍ فاعلٍ"أصلاً، فهو يَتوقُ إلى المعرفة ويَعشقُ الاستكشاف . فالطفلُ يطيرُ فرحًا حين يكتشف عُلبةٍ متهرية قد تحتوي على أزرار وخيوط  وقطع نقود قديمة أو أية أشياء بسيطةٍ مُهمَلة، كانت تختفي تحت مِنضَدةٍ عتيقة، أو حين يتلفُّظ كلمةٍ جديدةٍ أو استكشافِ الحيوانات الأليفةِ ومُعاشرتها؛ فكلُّ الأشياءِ العاديَّة والمألوفة في نظرنا، تُشكِّلُ اكتشافاتٍ جديدةً في نَظر الطِفل ابتداء من سن مبكرة. ولكن كثيراً ما يُنهر الطفل وقد يعاقب أحياناً على رحلته الاستكشافية الناجحة، لأنه بعثر صندوق الحليّ أو علبة الكبريت أو أو.... وقد لا يُعاقب ولكن مجرد أن يلاحظ بدقَّه وجه امه المتجهم، وهي تجمع قطع الأشياء المبعثرة ينفجر باكيا. فهو شديد الحساسية إذ يفهم  من وجهها أنه أخطأ.
وهكذا فإن هذا العَقل الفاعل والمتطلع للطفل الناشئ ، يتحوَّلُ تدريجيًّا إلى "عقلٍ مُنفعل"، عن طريق مواقف الآخَرين السلبية من تصرفاته التلقائية: الآباء والمعلِّمين والكبارِ بوجهٍ عامّ، بل المجتمعِ ككلّ (العقل المجتمعيّ). جميعُ هؤلاء يَفرضونَ عليه قواعدَ ومَوانع، ونواهيَ وقيودًا تتسلَّلُ إلى "عقلِه الفاعل" فتحوِّلهُ إلى "عقلٍ مُنفعل". "وهكذا يكتبُ المربُّون، سواء كانوا آباءً أو معلِّمين، في صفحةِ عَقل الطِفل أو الناشئ، ما يُمليهِ عليهم عقلُهم (أي عقلُ المربِّين) المُنفعِل بدوره، والخاضِع للعَقل المجتمعيّ السائد في ذلك المجتمع؛ أي إنَّهم ينقلون إليه قيَمهم ، الخاصة بهم، التي تمثِّل قِيَمَ مجتمعِهم ومفاهيمَه ومُعتقداتهِ ومُسلَّماتِه، إذا اتَّبعها يكون عُضوًا مُنسجمًا صالحًا في مُجتمعِه، وإذا خالَفها سيتعرَّض لعقوبةٍ إمَّا مُباشَرة من جانبِ هؤلاء المربِّين ، أو من جانب المجتمع نفسِه الذي سيرفُضه أعضاؤُه أو سيسخرون منه على الأقلّ.
لذلك ثار الفيلسوف المعروف برتراند رَسْل على هذا الأُسلوبِ في التربيةِ وأطلقَ عليه "مؤامرة كُبرى" على حُرِّية الأفراد وتجليات عقولهم الطبيعية . وهنا يمكن القولُ إنَّنا جميعًا سُجناءُ في سِجنِ العَقل المجتمعيّ الضيِّق أو الرَّحب حسبَ الأحوالِ والظروفِ التي تُحيقُ بالمجتمع الذي نعيشُ فيه. وهذه مسألةٌ أشرنا إليها سابقًا، ولكنَّها تحتاجُ إلى تَعمُّقٍ وسَبْرٍ وتفصيلٍ قمنا به في كتابنا المتاح مجاناً:
إشكالـيَّة  التربـيــَّة والتعليم وإعادة   إنـتاج التخلف في الوطن العربي
http://www.e-kutub.com/index.php/2012-11-20-00-14-54/1762-2015-12-17-07-05-57
أو
https://drive.google.com/file/d/0B7-yP9NKQgUrVFNhcWxGdEtvYzg/view?usp=sharing
  

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

576 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع