عقلنا المجتمعي الرجعي الماضوي هو السبب الأساسي في جميع إشكالياتنا وكوارثنا

                                                            

                             علاء الدين الأعرجي
           مفكر عربي عراقي متخصص بالتخلف الحضاري العربي

استناداً إلى نظريتنا في" العقل المجتمعي أرى أن  السبب الأساسي لتخلف العرب عن اللحاق بالحضارة الحديثة الصاعدة، لاسيما في ميدان العلم والتكنولوجيا والمعارف المتفجرة،  هو سبب ذاتي، في المقام الأول،(مع وجود سبب ثانوي خارجي مساعد يناهض أي تقدم عربي ).

ويتصل هذا السبب الذاتي بما أطلقنا عليه "العقل المجتمعي " ٍSocietal  Mind ،  وهو، حسب  هذه النظرية،  كيان معنوي يتمتع بسلطة قاهرة وسائدة، يخضع لها معظم أفراد المجتمع، إن لم يكن جميعهم، بـ"عقلهم المنفعل" به ،  من حيث لا يشعرون، أي يعتقدون أنهم يتصرفون بآرائهم التي اختاروها بمحض إرادتهم. بل يدافعون ويتحمسون لهذه الآراء، المفروضة من تلك السلطة ، ويضحون أحيانا في سبيلها بكل شيء.
وتتكون بنية هذا "العقل المجتمعي" تدريجياَ ، من المحصلة النهائية  لسيرورة المجتمع التاريخية وصيرورته الاجتماعية، بما فيها الفكرية والاقتصادية والسياسية، وتفاعلاتها المعقدة.          
وهكذا تتجلى هذه السلطة  في منظومة واسعة من القيم والمعارف والمبادئ والمفاهيم والأعراف والأفكار والمعتقدات، بما فيها الإيديولوجيات، والتطلعات . . . إلخ، السائدة في ذلك المجتمع.
ومع أن معظم  أفراد المجتمع يخضعون، في العادة، للعقل المجتمعي بعقلهم المنفعل،  بيد أن بعض أفراده من الرواد يشرعون باستخدام  عقلهم  الفاعل، فيتساءلون  عن مشروعية سلطته وصلاحية مبادئه،  ثم يقومون بمعارضته سراً أو جهراً. و قد عانى  هؤلاء الرواد  الكثير من  الصد  و القمع  بل العقاب والقتل أحيانا.  ومنهم الأنبياء والفلاسفة من أمثال سقراط  والرسول عيسى بن مريم و الرسول محمد ، وصولاً  إلى المفكرين  والكتاب  العرب المعاصرين  من أمثال  الشيخ علي عبد الرازق وعلى الوردي و نصر حامد أبو زيد، وفرج فودة( قــُتـِل) ونجيب محفوظ( شـُرع بقتله).       
وإذ أرى أن  "نظرية العقل المجتمعي" تنطبق  على جميع المجتمعات، في كل زمان ومكان، فإن   تطور هذا "العقل المجتمعي" وتغيّره ، يتوقف  على مدى تطور كل مجتمع واستعداده للتجديد. ومن جهة أخرى،  يرتبط تطور المجتمع بمدى تطور ذلك  العقل المجتمعي. وهكذا يرتبط أحدهما بالآخر على نحو جدلي( ديالكتيكي) متبادل. ففي المجتمعات التي ينجح روادها الثوار، في التغلب على سلطة العقل المجتمعي المتخلف  فيعملون على تعديله أو  تغييره، يصبح هذا العقل  أكثر ديناميكيةً  وتسامحاً، ما يؤدي إلى تقدم المجتمع.          
فالمجتمعات الأوربية التي تقدمت، بعد أن عانت من سيطرة العقل المجتمعي المتخلف خلال القرون الوسطى،  ثم انتصرت عليه بعد كفاح مرير وسقوط ضحايا كثيرة، فحققت النهضة الأوربية  Renaissance  ، الفكرية والعلمية والسياسية ، بما فيها الأمريكية، وتجلت بالثورة الصناعية فالمعرفية فالتكنولوجية  فالإعلامية،  أقول في مثل هذه المجتمعات يتغير العقل المجتمعي أو يتطور بوتيرة أسرع مما يتغير في المجتعات  المتخلفة التي يكون فيها العقل المجتمعي راكداً أو ثابتا. وهكذا نلاحظ مثلا أن الأفارقة الأمريكيين الملونين  الذين كانوا يعانون من الأمرّين من الفصل العنصري حتى أواسط القرن الماضي، احتل رجل أسود من أب أفريقي مسلم أكبر منصب في البلاد، في أكبر وأهم بلد في العالم، لمدة ثمانية أعوام .
بينما ظل العقل المجتمعي الإسلامي العربي راكداً وثابتاً خلال مئات السنين، فالمرأة ماتزال تعتبر مواطنا من الدرجة الثانية، (ناقصة عقل ودين) ومستعبدة من جانب الرجل في الغالب، في 99 في المائة من الحالات. وهي معرضة للقتل غسلا للعار حتى إذا اغتـُصبت جبراً . في حين أن الرجل يتباهى بفحولته وممارساته الجنسية غير الشرعية مع النساء، حتى إذا كان متزوجاً. وغير ذلك من الاعراف والتفاليد القابعة في العقل المجتمعي.
كذلك انتشر المبدأ  الفقهي القائل "مَنْ اشتدت وطأته وجبت طاعته" السائد في العقل المجتمعي العربي الإسلامي منذ سقوط الخلافة الراشدة قبل 14قرنا. لذلك ما تزال السلطات الحاكمة المستبدة في البلدان العربية تتحكم في رقاب العباد وفي موارد البلاد بلا حساب أو كتاب.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1179 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع