أين العروبة وأين الإسلام؟

                                       

                        د. علي محمد فخرو

لنسأل قادة أمة العرب وأمم الاسلام: هل سمحت لهم مشاغلهم بأن يشاهدوا أطفال الملايين من المهاجرين العرب والمسلمين الهائمين على وجوههم في كل أصقاع الدنيا، أن يشاهدوهم وهم يتسولون في شوارع المدن بذلة وانكسار وانحناء نحو أرجل المارة؟

هل سمحت مشاغلهم بأن يروا بنات ونساء أولئك المهاجرين وهن يتوسلن المارة اعطاءهن قليلا من الطعام أو بضعة قروش لشراء حليب للأطفال الرضع ويتعرضن للتحرش الجنسي وغواية البغاء؟ هل سمحت مشاغلهم بأن يروا على شاشات تلفزيونات بلادهم، بعد أن تفرغ من قصائد المدح والشكر على النعم، دموع ولطم شيوخ وعجائز وأطفال المنكوبين في صحراء نقب فلسطين المحتلة وبين خرائب المدن المدمرة في سوريا والعراق وليبيا واليمن وأفغانستان والصومال والسودان؟
لا يعتقد الشعب العربي المنهك المنكوب المضيع المشتت الذهن أن لدى القادة الوقت، الا من رحم ربي، للانشغال بتلك التفاهات، اذ لديهم ما هو أهم وأجدى. لديهم ادارة معركة الاسلام الكبرى، التي تبزُ في أهميتها وخطورتها معركتي بدر وأحد، بين مذاهب السنة والشيعة الاثني عشرية، بين الوهابية والصفوية، بين الزيدية والشافعية، بين الحركات الاسلامية السياسية السلفية والحركات الوسطية الحداثية، الخ......... من انقسامات وصراعات أمنية وسياسية تحت رايات دينية طائفية ما أنزل الله بها من سلطان.
يسأل الناس: أين رسالة الله العلي القدير التي تحدثت عن أمة الوسط وأخوة المؤمنين وتراحمهم فيما بينهم؟ أين الأخلاق والحكمة المحمدية؟ أين الحق والعدل والقسط والميزان والاحسان والتساوي في الخلق وعدم الفحش في القول؟ أين تقوى الله؟ وبمعنى آخر أين الاسلام فيما بين دول الاسلام وسلطات المسلمين؟ هل حقاً ان هناك في عالم المسلمين اسلام محمد وقرآن رسالة السماء؟
الجواب القاطع الذي يجب أن يتحمل مسؤوليته الكاملة قادة العرب والمسلمين هو النفي المخزي الموجع للقلب، هو: كلا. وهم يتحملون هذه المسؤولية أمام شعوبهم وأمام رب العالمين.
قد يكون هذا الحكم قاسياً وموجعاً، لكنه يعبر بصورة صادقة وصريحة عن مشاعر الخوف والهلع واليأس التي تنتشر بسرعة مذهلة بين مواطني أقطار وطن العرب ودول عالم الاسلام. وهي مشاعر اما ستلهب الأوطان والشعوب وتحرق الأخضر واليابس واما أنها ستؤدي الى حالة من اللامبالاة وفقدان الثقة في جدوى أي عمل أو نضال سياسي في ارض العرب البائسة.
واذا كان بعض القادة يعتقدون بأن الخروج من مأزقي وهن رابطة العروبة القومية الجامعة ووهن رابطة الاسلام هو عقد تحالف مع الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة أو التحاور مع المؤسسات الصهيونية الدولية والاستعانة بنفوذها لهزيمة هذا النظام العربي أو ذاك النظام الاسلامي، فليتأكدوا أن الصهاينة سيستعملون مالهم وأوطانهم لأهداف صهيونية استعمارية استيطانية معروفة وثابتة في كتبهم ومقررات مؤتمراتهم، ثم بعد ذلك سيرمونهم في مزابل التاريخ أو في جحيم الفوضى.
وينطبق الأمر على كل محاولات الاستعانة بأميركا أو أوروبا أو روسيا أو غيرهم.
ان الوجود العربي، الذي يمتد الى أعمق أعماق التاريخ، هو في خطر كبير، ويحتاج الى تغييرات كبرى قبل أن يخرج العرب من ركب حضارة العالم ويصبحوا على هامش الركب الانساني. وان الاسلام هو في محنة، بعد أن أدخله الجهاد التكفيري المجنون العبثي في ورطة التصادم مع العالم كله.
فإذا كان كل ذلك لا يحرك في ضمائر وعقول بعض مسؤولي العرب والمسلمين استعمال أخوة العروبة والتزاماتها التضامنية، ان لم تكن الوحدوية، ولا استعمال واجبات واملاءات الدين الاسلامي، فانه لا يحق للمسؤولين أن يجلسوا في حجرة قيادة سفينة تغرق دون الاستعانة والاشراك للآخرين الذين سيغرقون معهم.
اذا كانت كل المؤسسات والروابط والأحزاب وغيرها، والتي تدعي بأنها تعمل لتقوية الروابط القومية العربية وتفعيل العمل الاسلامي المشترك، اذا كانت لا تستطيع ان تستجيب لمتطلبات ومسؤوليات مرحلة تاريخية خطرة ومعقدة، كتلك التي نعيشها الآن، فلتتنح أو حتى تختفى لتحل محلها مؤسسات وروابط وأحزاب وأنظمة قادرة على أن تقوم بمسؤوليات هذه المرحلة من خلال تفعيل رابطتي العروبة والدين الاسلامي بشكل ديناميكي عاقل وجاد الى ابعد الحدود.
أيها القادة والمسؤولون رفقاً بأنفسكم وبنا قبل فوات الأوان.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

566 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع