قرار انهاء عضوية مشعان الجبوري خاطئ ومعيب قانونا

                                                   

                              د.عبدالقادر القيسي

انهت رئاسة البرلمان العراقي في يوم الثلاثاء 26/5/2015 عضوية النائب مشعان الجبوري بعد وصول كتاب الى المجلس من مفوضية الانتخابات مشار فيه الى ان وزارة التربية ابلغت المفوضية بكتاب رسمي بان الوثيقة الدراسية للثانوية العامة للسيد مشعان الجبوري (مزورة)..

لذا فان السيد مشعان فاقدا لشرط من شروط الترشح والعضوية في مجلس النواب العراقي، وحسنا فعل مجلس النواب لاسيما أن عضوية الجبوري كانت محلّ شكوك منذ البداية، بخاصة أنه تجاوز وبسهولة الكثير من الموانع القانونية، وبمساعدة أطراف في الحزب الحاكم.        
والمثير للاستغراب ان لجنة النزاهة النيابية والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات أعلنتا في 29 من نيسان الماضي فقدان النائب مشعان الجبوري لشرط الترشيح وصحة العضوية في مجلس النواب لكونه "لم يجلب ما يثبت صحة معادلة شهادته الدراسية النهائية لحد الان"، لكن البرلمان صوت في جلسته في 2 من ايار الجاري على صحة عضويته، ووجه رئيس مجلس النواب في الجلسة لجنة النزاهة البرلمانية الى اتخاذ الاجراءات الخاصة ومحاسبة مفوضية الانتخابات التي سمحت بخوض مرشحين للانتخابات من دون التأكد من شهاداتهم الدراسية مطالبتهم بتقديمها لاحقا في حال فوز المرشح من بينهم النائب مشعان الجبوري"
ولا نعرف ما هذا التناقض كيف يقوم مجلس النواب على التصويت على صحة عضوية نائب مزور ولم يقدم ما يثبت معادلته لشهادته الإعدادية وبعدها بشهر يقوم بأنهاء عضويته؛ اية فوضى هذه التي نحياه؟ ولا نعرف كيف انقلب الامر من معادلة شهادة الى تزوير شهادة؟ اليس كان من الاجدر عدم التصويت على صحة عضويته بداية الا بعد استكمال كافة المخاطبات والكتب الرسمية المتعلقة بصحة شهادته وهذا من صلب عمل لجنة شؤون اعضاء مجلس النواب، وعضوية أي نائب في مجلس النواب من الممكن إبطالها بداية في حالة عدم تقديمه المؤهل الدراسي، لأنه بذلك يخالف فق4 من المادة 8 من قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (45) لسنة 2013 المعدل، التي تنص على أن يكون المرشح حاصلا على شهادة الإعدادية أو ما يعادلها كحد أدنى، والمادة 13 من النظام الداخلي لمجلس النواب لعام 2007.
ومفوضية الانتخابات أرسلت كتاباً رسمياً إلى رئيس البرلمان تطالبه بتزويدها بالمستمسكات الرسمية التي تؤيد حصول النائب مشعان الجبوري على شهادة الإعدادية او ما يعادلها، التي تعد شرطاً أساسياً في خوض انتخابات مجلس النواب العراقي، مع العلم ان الملف الكامل لمشعان الجبوري والمحفوظ في الأرشيف الرسمي للبرلمان العراقي يخلو نهائيا من أي شهادة دراسية، بالرغم من مطالبة الجهات المختصة له في سنة 2004 حين ترشح للجمعية الوطنية، وكذلك الحال في سنة 2005 عندما أعلن ترشحه لمجلس النواب العراقي.
بالطبع جزء كبير من المسؤولية عن هذه الحالة وسواها من حالات الخروج على القانون يقع على عاتق رئاستي البرلمان، الحالي والسابق، فمن مهام وواجبات رئاسة مجلس النواب التثبت من صحة وقانونية الإجراءات المتعلقة بعضوية الأعضاء وبخاصة الذين تُثار في حقهم اعتراضات أو تُقدّم معلومات تفيد بالتزوير وسائر أشكال انتهاك القانون.
واحدة من الحالات التي تجاوزت فيها مفوضية الانتخابات على القانون هي حالة مشعان الجبوري الذي قبِلت المفوضية بترشيحه وخوضه الانتخابات واحتلال مقعد في مجلس النواب مرتين من دون أن يقدم وثيقة دراسية مصدّقة، غير متناسين ان مشعان الجبوري لم يكن من الفائزين التي أعلنت المفوضية عن أسمائهم وتم إرسالها الى المحكمة الاتحادية للمصادقة عليها وحسب الدستور وكان الجبوري قد أدى اليمين في أيلول 2014 نائباً في مجلس النواب بديلاً عن النائب احمد الجبوري، بموجب قانون استبدال الأعضاء رقم (6) لسنة 2006 ولم يكن للمفوضية رأي في تلك العملية والبت بصحة العضوية من عدمها هي من صلاحية البرلمان وفقا للدستور، مشعان هذا الذي كان محكوماً من القضاء العراقي بتهمة الفساد الإداري والمالي، وطرد من البرلمان العراقي عام 2004 بعد اتهامه بسرقة عشرات ملايين الدولارات من المبالغ المخصصة لأفواج حماية أنابيب النفط العراقي، أعيد الى البلاد بتسهيلات لا نظير لها من الحكومة السابقة، وألغيت الأحكام الصادرة في حقه (مع كل الاحترام لقرارات قضائنا العراقي) وكانت التسريبات تقول انه شمل بقانون العفو العام من منطلق أنه كان يحرض ضد الأمريكيين وبالتالي لم يعد هناك مبرر لاتهامه بالتحريض على الإرهاب، أما قضية الفساد التي حكم بموجبها 15 عاما فإنه يملك طبقا لما قال، الادلة التي تثبت براءته ولا نعرف مدى دقة ذلك، وسُهّلت له عملية الترشّح في الانتخابات واحتلال مقعد في البرلمان، وقد يكون هناك تواطأ من مفوضية الانتخابات في الأمر فلم تطلب منه معادلة شهادته أو كتاباً بصحة الصدور.
ان تجاوز رئاسة البرلمان جميع هذه الاتهامات، كانت تنفيذا لرغبات سياسية داخلية وخارجية، تريد لمشعان الجبوري ان يقوم بدور لصالحها، وتأكيدا لذلك؛ التبدل السريع الحاصل في مواقفه طيلة الفترة التي تلت الاحتلال الأمريكي للعراق 2003، حيث ظهر مؤيداً بقوة للمقاومة العراقية، وبعدها أعلن نصرته لتنظيم القاعدة في العراق، ثم انتقل إلى سوريا بعدما بات ملاحقا من قبل القضاء العراقي، وافتتح قناة تلفزيونية مناهضة للأمريكيين والحكومة العراقية، وكان يستخدم كل إمكانياته الإعلامية والمالية للتحريض على الإرهاب والعنف، ويشتم الحكومة والعملية السياسية ليل نهار، وكانت قناته(الزوراء والراي والشعب) تعلّم كيفية صنع المفخخات والعبوات الناسفة والأدلة موجودة على شبكة الانترنيت.
ان المادة (٥٢) من الدستور النافذ تشترط موافقة ثلثي عدد اعضاء البرلمان وتعني موافقة (٢٢٠) لأجل انهاء عضوية أي نائب، بينما لم يصل عدد الحاضرين في جلسة التصويت على انهاء عضوية النائب مشعان إلى هذا النصاب، والقرار غير نهائي وجواز الطعن فيه حسب ما اعلنته رئاسة المجلس، ونحن نرى ان المادة 52 من الدستور لا تنطبق وحالة النائب مشعان لأنها  تدخل حيز التطبيق مباشرة بعد تأدية اليمين الدستورية لنواب البرلمان وفي حالة وجود حالة اعتراض على صحة العضوية وهذا الامر قد غادره  مجلس النواب في جلسة يوم 5/2 /2015 عندما صوت على صحة عضويته وما حصل بعدها، ورود كتاب من مفوضية الانتخابات المعطوف على كتاب وزارة التربية يشير الى عدم صحة الشهادة الدراسية للنائب مشعان الجبوري، فبالتالي نحن امام واقعة جنائية بالجرم المشهود، فكان على المجلس تطبيق نص المادة 20 من النظام الداخلي لمجلس النواب المستندة على نص المادة 63 من الدستور النافذ؛ والمادة 63 فيها شقين ممكن تطبيقها وحالة النائب مشعان الجبوري الأولى، بموجب(63/ثانيا/ب) كونه متلبس بالجرم المشهود والثانية بموجب (63/ثانيا/ج) بان يقوم رئيس مجلس النواب الطلب من نواب البرلمان بالتصويت على رفع الحصانة عنه واحالته للقضاء العراقي لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه.
والمؤسف ان رئاسة مجلس النواب عندما انهت عضوية النائب المزور ولم تطلب حتى احالته الى القضاء العراقي لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه لاسيما ان واقعة التزوير؛ جناية بموجب قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لعام 1969 وتعديلاته وبالمواد 286 وما بعدها، وان اثبات واقعة التزوير من عدمها من اختصاص القضاء العراقي، وكان من المفترض ان ترفع حصانته ويحال الى القضاء العراقي؛ وبعدها إذا ثبت تزويره تنهي عضويته وان لم يثبت تزويره عبر قرار قضائي، يعاد الى مجلس النواب ويستحق كامل حقوقه التي فقدها بسبب الاتهام.
ولا نعرف لماذا لم يتم السير وفق ذلك؛ لاسيما ان رئيس مجلس النواب دكتوراه بالقانون ورئيس اللجنة القانونية قاضي؟   
ولا نعرف اين دور لجنة شؤون الاعضاء والتطوير البرلماني المنصوص عليها في المادة 109/ثانيا من النظام الداخلي لمجلس النواب لعام 2007 والتي من واجبها، التحقق في الشروط الواجب توفرها في عضو مجلس النواب؟

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

926 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع