في الذكرى الرابعة للثورة

                                            

                        علاء الدين الأعرجي
                محام/مفكر عراقي يقيم في نيويورك

في الذكرى الرابعة للثورة أيهما أهم: تحرير الذات من قهر الآخر؟أم تحرير الذات من قهر الذات؟

داعش وأخواتها

عندما كنا وما نزال، نحن العرب نناضل في سبيل تحرير أرضنا، وتحقيق استقلالنا، لم نفكر، في ذات الوقت، بتحرير أنفسنا من قهر أنفسنا أولاً، أي تحرير عقولنا من قهر عقولنا. وبعبارة أوضح، تحرير عقلنا الفردي من الخضوع لعقلنا المجتمعي المتخلف. وذلك عن طريق استخدام عقلنا الفاعل بدل عقلنا المنفعل.
ومع أن هناك مظاهر وتجليات كثيرة لهذا "العقل المجتمعي" المتخلف ما تزال باقية تنخر في جسد المجتمع العربي المعاصر بقسوة ، ( كما شرحته في كتابي "أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي" ثم فصّلته في كتابي  الأخير" الأمة العربية بين الثورة  والانقراض")، الأمر الذي أدى إلى تخلفنا عن اللحاق بركب الحضارة العالمية المتفجِّرة، وبالتالي خضوعنا بل خنوعنا لسيطرة الآخر؛ إلا أننا سنكتفي اليوم بالإشارة السريعة إلى واحد من أهم مظاهر هذا العقل المجتمعي، ألا وهو: التعصب الديني، والتعصب المذهبي أو الطائفي،  وعدم قبول الرأي  المخالف الآخر.
 هذه الآفة تكاد تكون السبب الأول لمعظم الكوارث التي أدت إلى إجهاض الثورة العربية التحررية، (التي نمر اليوم بذكراها الرابعة) ،وانتشار الفوضى، غير الخلّاقة، السائدة اليوم في الوطن العربي. كما نرى أن دوافع التعصب الديني والمذهبي أو الطائقي قد أسفرت عن معظم  الحروب الأهلية أو الحروب البينية  الجارية بالوكالة، في المنطقة. ونحن نعتبر ظاهرة"داعش وأخواتها" واحدة من أبرز تجليات هذا العقل  المجتمعي العربي المتخلف، مما قد يؤدي، إذا لم نسارع  إلى القضاء عليها، أن تصبح الفصل الأخير من كارثة انقراض الأمة العربية، كمجتمع بشري متميز بخصائص مشتركة، أهمها اللغة والثقافة والإقليم والتاريخ والتراث، بالإضافة إلى الإشكاليات والطموحات والتطلعات. وهذا ما يهدف إليه الكيان الصهيوني، لأجل أن يطلق أذرعه الأخطبوطية على جميع أجزاء المنطقة العربية، ونحن نساعده على ذلك بجهلنا المركب، من حيث لا ندري، وأكرر البيت المأثور:
لا يُدركُ الأعداءُ من جاهلٍ      ما يُدرك الجاهلُ من نَـفسهِ
فعلى الرغم من أن تلك الثورة الشعبية التي اشتعلت قبل أربع سنوات،  قد رفعتْ شعارات تقدمية مشروعة وواضحة هي؛ العيش الكريم(الخبز)، والحرية والعدالة الاجتماعية، ونجحت بإسقاط حاجز الخوف ومعه أربعة زعماء مستبدين، فإن الذي ركب الموجة الصاعدة، هي الحركات الرجعية، ولاسيما  الأصولية التكفيرية المتطرفة(مثل داعش وأخواتها)، التي استغلت الفراغ الأمني وضعف  الأنظمة الحاكمة وظروف الحروب والقلاقل التي تمر بها البلدان العربية وخصوصاً المشرقية، فأصبحت تصول وتجول في مختلف أرجاء المنطقة، بل أصبح لداعش دولة(الدولة الإسلامية في العراق والشام) ولها خليفة، مفروض على جميع المسلمين، الذين أخرج فقهاؤهم هذه الفتوى السقيمة: "مَن اشتدتْ شوكتَه وجبتْ طاعتُه". كما أصبح لداعش إقليم وشعب. فهي تسيطر على مدن ومناطق  من أراضٍ شاسعة تعادل مساحة أسرائيل 12 مرّة تقريبا، أو تقارب مساحة الجزر البريطانية. وثروة كبيرة من موارد حقول النفط التي تسيطر عليها.  
فهل أصبحت داعش مرشحة للبقاء والتمدد، والتفاوض معها كأمر واقع،  شانها شأن طالبان، التي أصبح لها سفارة في قطر؟
وهل سنرى عاجلاً أو آجلا سفارة أو سفارات لداعش في إحدى البلدان العربية مثلاً؟     
إذاً فالمسألة التي تواجهنا هي ليست مجابهة الآخر فحسب، بل مجابهة الأنا، في المقام الأول. مجابهة العقل المجتمعي العربي  في وجهه المتخلف.


أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1061 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع