حلاوة الروح

                                          


                                عايدة رزق

فى الوقت الذى كانت فيه جماعة من البشر يبثون صورا لرجال ينتمون لمنظمات إرهابية.. وهم يقفون فخرا بجوار جثث مقطوعة الرأس..

كانت هناك وكالات أنباء عالمية تبث صورا لرجال يعملون فى وكالة الفضاء الأوروبية وهم يقفزون فرحا بعد أن تأكدوا من نجاح مهمتهم الخاصة بارسال سفينة فضاء تهبط لأول مرة فى التاريخ على سطح مذنب عملاق يحمل اسم «تشو».. انجاز هائل سيفتح للبشرية آفاقا جديدة ومثيرة.. وسيحمى كوكب الأرض من دمار هائل فى حالة اقتراب أحد هذه المذنبات منه.. وهو ما حدث بالفعل فى العام الماضى حين سقط نيزك حجمه 20 مترا فوق الأراضى الروسية وانفجر تاركا اصرارا بالغة السوء.

ويالهما من مشهدين.. الأول صادم.. مطلخ بالدماء.. تفوح منه رائحة الجهل والتوحش والهمجية.. يتصدره رجال يملكون عقول متحجرة وقلوب قاسية باردة.. ومفاهيم مغلوطة.. وأفكار هدامة..

أما المشهد الثانى.. فتغلفه بهجة النجاح لعلماء أفذاذ.. يملكون خيالا خصبا.. وروحا تواقة للمعرفة.. ورغبة عارمة فى تحسين حياة البشر.. المثير فى هذا المشهد أن مصر كانت موجودة فيه.. فأسماء لها علاقة بالحضارة المصرية القديمة مثل رشيد وفيله تم اطلاقها على سفينة الفضاء وعلى المركبة التى استقرت على سطح المذنب بعد سبع ساعات من انفضالها عن السفينة.. وهى الساعات التى شعر خلالها العلماء بأن دقات قلوبهم ستتوقف خوفا من فشل المهمة.. كما أن الفريق الذى شارك فى هذا الانجاز الضخم.. ضم أربعة علماء مصريين ثلاثة منهم لم تتجاوز أعمارهم الأربعين.. وهؤلاء لعلماء لانعرف شيئا عنهم.. لأن لدينا وسائل اعلام لاتهتم كثيرا بالعلم والعلماء!

مشهدان آخران.. يثيران الآسى والمرارة.. لحدة التناقض بينهما.. مشهد يضم عناصر من جماعات ارهابية تحاول اسبوعيا اثارة الشغب.. واشعال النيران.. وقطع الطرق.. وتفجير القنابل.. واشاعة الفوضي.. ومشهد يضم باحثين فى أمريكا والغرب يواصلون العمل ليل نهار لانتاج عقاقير ولقاحات تمنع العدوى وتعالج الأمراض وتحارب الشيخوخة وتقضى على الأوبئة.. باحثون لاتتوقف عقولهم عن التفكير لحظة.. يعملون فى صمت من أجل انقاذ حياة الملايين.. يخافون الى حد الموت من ارتكاب خطأ ما يعرقل مهمتهم.. وهو ما عبرت عنه العالمة البرتغالية «آنا برتيو» فى سيرتها الذاتية حيث قالت: إن خوفنا نحن العلماء يشبه خوف الذين أبحروا حول العالم بمفردهم.. وظلوا طوال الطريق خائفين مرعوبين من ارتكاب غلطة ما تجرفهم بعيدا عن الهدف.. وهذا الخوف الدائم هو الذى جعلهم متيقظين للابحار فى الاتجاه الصحيح.. «آنا برتيو» مثل غيرها من العلماء الذين يعملون بلا كلل ليتيحوا للبشرية فرصة للحياة بشكل أفضل.

مازالت المشاهد المتناقضة تتوالي.. ففى الوقت الذى أسس فيه مجموعة من طلاب جامعة المنصورة رابطة اطلقوا عليها اسم «معا نحقق التغيير».. مهمتها تنظيف الشوارع.. وزراعة الأشجار.. ودهان الأرصفة والحوائط وتشجيع الاهالى على ركوب الدراجات لمواجهة الزحام...

واختناقات المرور.. والحد من تلوث البيئة.. فى هذا الوقت كانت هناك مجموعة من الشباب يحرضون المواطنين على النزول الى الشوارع للتجمهر والتظاهر ضاربين عرض الحائط بضرورة الاستقرار الذى يساعد على انتعاش السياحة وعودة المستثمرين والمضى قدما فى تنفيذ مشاريع التنمية والتى بدأت تؤتى ثمارها.

وفى النهاية.. لاينبغى أن تشغلنا تلك المشاهد الكئيبة.. فمصيرها الاختفاء.. فأصحابها يمرون الآن بمرحلة تسمى حلاوة الروح!.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

880 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع