كامليا.. سيرة إيرانيّة» (1)

                                 

                           زينب حفني

صاحبة هذه السيرة فتاة إيرانيّة. تسرد تفاصيل من حياتها مع سقوط نظام شاه إيران عام 1979، وكانت وقتها في السادسة من عمرها. سيرة تُسلّط الضوء على ثورة الخميني والاضطهاد الذي تعرّض له المعارضون لحكم الفقيه.

وأنتَ تقرأ كتاب كامليا، وتُلاحق بعينيك كم الأسى الذي تجرعته هذه الفتاة، والابتزاز الذي تعرّضت له على يد سجّانها، أن تسأل نفسك.. هل دوماً الشعوب هي التي تدفع أثمان رفع صوتها في وجه الظلم والاستبداد؟ تحكي كامليا في الفصل الأول كيف خرج الناس إلى الشوارع احتفاء بنجاح الثورة ومغادرة الشاه وزوجته «فرح ديبا» إلى القاهرة. وكيف كانوا يرقصون في الشوارع مرددين بصوت واحد.. «رحل الشاه! رحل الشاه». وتحكي كيف كانت أمها من اللواتي هِمنَ حبّاً في الشاه لدعمه حقوق المرأة، وأن والدتها إبّان حكمه أول امرأة من مدينة جمران ترفض ارتداء الحجاب.

تصف كامليا ما حدث بعد الثورة من إعدامات. فتقول: «كان وقتاً مناسباً للانتقام. كانت الأوراق مملوءة بصور ضحايا فرق الإعدام وهي تسبح في دمائها. كل ما كان عليك أن تفعل هو أن تُصبح وجهاً مألوفاً في جامع الحي ثم تقدّم تقريراً يقول إن جارك هو من الاستخبارات.. في كل يوم كانت تجلب مجموعات من الناس بعضهم برئ والبعض الآخر يحمل درجات مختلفة من الذنب إلى فرقة الإعدام. لم تكن هناك محاكم.. كان هناك مجلس يحمل اسم العدالة الثوريّة يوافق على عمليات الإعدام فوراً».

في الفصل الثاني تقفز كامليا في سرد الأحداث إلى المرحلة التي أصبحت فيها صحفيّة، وفترة اعتقالها، فتقول: «كنتُ قد أمضيتُ في السجن نحو شهرين. وقبل ذلك نُقلتُ من سجن التوحيد إلى المحكمة الثوريّة.. وأنا أرتدي ملابسي استعداداً للذهاب للمحكمة، انهمرت دموعي. وداخل زنزانتي دفنتُ وجهي في القماش الأسود. كانت رائحة عطر أختي تتغلغل في القماش. كأن أختي كانت حاضرة معي هناك.. صممتُ على أن أجد الخلاص بأن أكون مسلمة مؤمنة، ولكي أصبح كذلك يجب أن أضحّي، لذلك ضحيّتُ بذكرى عائلتي».

وفي الفصل الثالث، تعود كامليا بذاكرتها إلى الوراء مع قيام الحرب العراقيّة الإيرانيّة «كلما أطلق الإعلان عن حالة الطوارئ عبر موجات إذاعة طهران، أينما كنّا، نتجمّد في أماكننا.. في بداية الحرب، كانت طائرات العدو تخرق جدار الصوت مُصدرة ضجيجاً مُروّعاً». وفي موضع آخر تقول: «كنّا نعيش حياة مزدوجة، وكانت منازلنا جزراً صغيرة ومنعزلة بعيدة عن عيون هيئة أمور التربية، وعن عيون الحكومة الجديدة وآذانها.. كان الكثير من وسائل الرفاهية التي نعتبرها ضروريّة في حياتنا مُحرّمة».

في موضع ثالث تقول: «في اليوم الذي اغتيل فيه الرئيس المصري أنور السادات، قدّم أحد أنصار حزب الله علبة من الحلوى لوالدي، وهو يهتف: ها قد نال أنور السادات ما كان ينتظره. رفض والدي قائلاً: «أنا لا أفرح عندما يُقتل الناس إلى درجة أن آكل حلوى».

تحكي كامليا عن خالها علي الذي اتهم بالانقلاب على الثورة، فتقول: «كانت أمي في كل يوم تجلس خائفة بجوار جهاز المذياع، حابسة أنفاسها بينما المُعلن يقرأ أسماء الذين أعدموا». في موضع آخر تصف حال خالها بعد خروجه من السجن «.. لقد كان رجلاً عجوزاً في الخامسة والثلاثين. شعره الطويل كان قد أصبح أبيض بأكمله.. نظرتُ إلى خالي، يدور في فلك عالمٍ آخر».

«كانت أمي الشخص الوحيد الذي أعلن حزنه على مدى أربعين يوماً وليلة بعد وفاة الشاه». وما زال هناك الكثير من هذه السيرة يستحقُّ أن يُحكى في مقال تابع.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

702 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع