في الذكرى الحادية عشر لرحيله عبدالرحمن عارف: سيرة مجد..

           

في الذكرى الحادية عشر لرحيله عبدالرحمن عارف: سيرة مجد..

         

مجلة الگاردينيا:يوافق اليوم الرابع والعشرون من شهر آب الذكرى السنوية الحادية عشر لرحيل المغفور له باذن الله الرئيس عبدالرحمن محمد عارف الذي غادرنا الى جوار ربه الكريم يوم الجمعه 24/أب/2007 في مدينة عمان بالاردن عن شيخوخة صالحة، وسيرة مجيدة فقد أكرمهُ الله بحب الشعب العراقي لهُ، وأكرمهُ بأن توفاه في يوم جمعة مبارك، وأكرمهُ الله بأن يكون مثواه الاخير بين أبنائهِ الشهداء جنود وضباط الجيش العراقي الباسل في مقبرة شهداء الجيش العراقي في مدينة المفرق الاردنية.
وسيبقى التاريخ يذكر الرئيس الراحل عبد الرحمن محمد عارف بكلمات ناصعة وأحرف من نور، رجل طاهر عفيف صان امانة العهد وخدم العراق خدمة صادقة، عاش خدمته يتناول راتبه الشهري وبعد خروجه من المنصب بقي يعتاش على راتبه طيلة حياتهُ ليحافظ على تاريخه ابيضا ناصعا لذلك يطلق العراقيون على عهده من 1966 الى 1968 بالفترة الذهبية.
استلم المرحوم ابا قيس حكم العراق بالانتخاب من قبل اعضاء المجلس بعد استشهاد شقيقه الراحل عبدالسلام محمد عارف بحادث سقوط طائرته وهو في رحلة تفقدية يتفقد احوال شعبه في جنوب العراق، وبقي ابا قيس في الحكم لغاية 17 تموز 1968.
لا يكاد يختلف اثنان على ان الفترة الممتدة من 15 نيسان 1966 لغاية 17/ 7/ 1968 كانت من أهدأ فترات الحياة السياسية في العراق، هذهِ الفترة التي حكم فيها الرئيس الراحل عبد الرحمن محمد عارف العراق. والذي أسس لتقاليد نادرة اتسمت بقبول الرأي الاخر واشاعة روح التسامح والتأخي وفسح المجال للحريات الصُحفية و الفردية فكانت تلك الفترة من أروع فترات الحياة السياسية في العراق المضطرب حتى الان.

                    
 
صلاة الجنازة على جثمان الراحل عبدالرحمن عارف في مدينة عمان يوم 24 آب 2007

غادرنا الرئيس الوديع المسالم في الاردن عن عمر 91 عاماً، يسجل له يفخر انه لم يوقع على حكم اعدام اي عراقي فأصبح عبدالرحمن عارف رئيس اجمع العراقيون على محبتهِ لان عصرهُ وصف بأنهُ - العصر الذهبي- نظراً للهدوء والاستقرار الذي شهدهُ العراق وسماحه لكل القوى بالعمل العلني و ابداء ارائها بشكل دستوري، وكانت حرية الصحافة مصانة بل كثير من الصحف كانت تنتقد الدولة بشكل علني دون مسائلة ولا محاسبة ولا كتم انفاس..
الامم المتحدة اصدرت وثيقة تقر بان عهد المرحوم عبدالرحمن كان من افضل الفترات التي مرت بالعراق، فقد كانت  هناك علاقات ودية و طبيعيه بين العراق في عهد الرئيس الراحل عبد الرحمن محمد عارف وبين جميع دول العالم و هذهِ من نوادر العلاقات الدولية بأن دولة مثل العراق تتمتع بأحسن العلاقات الدولية سواء مع دول الجوار او المحيط الاقليمي او المحيط الدولي، فلاول مرة تكون علاقات العراق مع جميع جيرانه تركيا وايران والكويت والسعودية والاردن وسوريا على افضل ما يكون، بلا مشاكل ولا نزاعات، بل ان المرحوم زار ايران في عهد الشاه ونال استقبالا وحفاوة منقطعة النظير سواء بالاستقبال الفخم له ولعقيلته او باصدار ايران لطابع بريدي تذكاري يخلد زيارته الى ايران. كما زار تركيا وحظي باستقبال مهيب وحفاوة بالغة وزار سيادته رحمه الله معظم الاقطار العربية وكان له حضور مؤثر في مؤتمرات القمة العربية كما أنه لعب دوراً مهماً في لم الشمل العربي في مؤتمر القمة العربية الخرطوم عام 1968 كما انه هو أول من حظر تصدير النفط لأمريكا بعد العدوان الإسرائيلي على الامة العربية في حزيران 1967، إضافة الى أنه كان الصديق والاخ الصدوق للرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر وللعاهل السعودي فيصل بن عبدالعزيز وللملك الحسين ملك الاردن وسائر الحكام العرب. ولم يعش العراق اي ازمة علاقات مع اي قطر عربي او بلد مجاور بل كانت علاقاته متميزة مع جميع دول العالم عدا الكيان الصهيوني وبقي العراق في عهده القطر العربي الوحيد الذي لم يوقع هدنة ولا صلح مع اسرائيل.
زار المرحوم عبدالرحمن وبصحبته عقيلته كلا من ايران وتركيا وفرنسا والزيارة الاخيرة كانت في عهد الرئيس الفرنسي شارل ديغول التي اسهمت العلاقة المتميزة بين العراق وفرنسا في تحييد موقف فرنسا من الصراع العربي الصهيوني ولاول مرة تقف فرنسا في عهد ديغول مع الحق العربي.


        

ومن الامور التي تسجل للمرحوم عبدالرحمن عارف انه بعد انتهاء حرب 67 توجه الى إلى موسكو بصحبة الرئيس الجزائري بومدين بتكليف من القادة العرب خلال مؤتمرهم في القاهرة، وطلبا من القيادة السوفيتية الإسراع بتعويض الجيشين المصري والسوري عما فقدوه من معدات عسكرية إبان عدوان 67، لمساعدة مصر وسوريا على النهوض مجدداً، وأن موسكو لبت النداء وبدأت الإمدادات العسكرية السوفيتية تتدفق إلى القاهرة ودمشق.

 الرئيس الراحل لم يكن يتناول من الدولة غير مصروفه الرسمي راتبه الشهري البالغ 600 دينار وهو وشقيقه المرحوم عبدالسلام اصرا على السكن في منزلهما الاعتيادي ولم يكلفا الدولة سكنا خاصا على نفقة الدولة مطلقا.

في عهده افتتح العديد من المشاريع الخدمية العملاقة منها افتتاح ملعب الشعب الدولي، ومبنى الجامعة المستنصرية، والعديد من المستشفيات والجسور ومشاريع الاسكان وفي عهده وزعت الاف قطع الاراضي بسعر رمزي لموظفي الدولة من مختلف الفئات، وفي عهده لم يعدم عراقي واحد، فقد كان شعار الرئيس الراحل عبد الرحمن محمد عارف ان التسامح هو اكبر مراتب القوة وان الانتقام هو اول مظاهر الضعف، حتى أنه عفا عن المتآمرين عليه.

ومما يسجل للرئيس الراحل عبدالرحمن عارف انه لم يفرط بمصالح الشعب العراقي وحقوق العراق لا بمياهه وأراضيه، أما ما يتعلق بالسياسة الداخلية فإنه رحمه اللَّه كسب محبة أبناء الشعب العراقي كافة، كما انه أمر بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين من أي جهة كانت ولم يبق في العراق معتقل سياسي وأطلق حرية الصحافة وتأسست وصدرت صحف عديدة وأخذ الكتاب في الصحف يتحدثون بحرية عن كل الأمور بل أن بعض المنشورات الحزبية التي كانت  تصدرها الأحزاب والقوى السياسية المختلفة كان الرئيس الراحل عبد الرحمن محمد عارف يأمر بنشرها بالصحف حيث كان يؤمن بأهمية الاستماع إلى ما يقوله الآخرون ليعرف ما هي الأخطاء ومواطن الخلل.
كما انه سمح بخروج العديد من التظاهرات السياسية، التي كانت تخرج بشكل سلمي وبحماية قوات الشرطة، وترفع الشعارات التي ترغب بها فكانت هناك تظاهرة شيوعية، وكانت هناك تظاهرة بعثية اكبرها التظاهرة التي انطلقت في ذكرى 5 حزيران عام 1968 وكان يتقدمها المرحوم احمد حسن البكر.
كان الرئيس الراحل يقول دائماً جئنا لنحكم بالعدل وليس لإرهاب الشعب فلندع الشعب يعبر عن رأيه بأسلوب حضاري وديمقراطي ونستمع إلى ما يقول ونصحح أخطاءنا ونتشاور مع الجميع.
كان الرئيس الراحل ينفتح على المواطنين ويتجول بسيارته ويلتقي جميع شرائح أبناء الشعب ويتمشى في شارع أبي نوّاس والكاظمية وغيرها ويلتقي مع أبناء الشعب مباشرة، وكان يقول دائماً الحمد لله ليس لدينا أعداء من الشعب فإني لم ألوث يدي لا بدماء الشعب العراقي ولا بأمواله، ولقد كان أسلوبه هذا في قمة الديمقراطية، والسياسة الداخلية الرصينة والواضحة لذلك أحبه الشعب العراقي ويخلده التاريخ، بأن عصره كان العصر الوحيد وهو عصر الهدوء والاستقرار
كما شهدت مناطق شمال العراق في عهده هدوءا متميزا وكانت له علاقة متميزة مع المرحوم الملا مصطفى البارزاني وكان يزوره في مقره بمنطقة كلالة، ويحتفظ بعلاقة ود ومحبة معه. حيث قام بالزيارة التاريخية إلى كردستان العراق واستقبل استقبالاً حافلاً من قبل أبناء الشعب العراقي هناك وإخواننا الأكراد والتقى مصطفى البرزاني رحمهُ الله واستقبله هناك استقبالاً حاشداً لا مثيل له حل جميع المشاكل العالقة وأنهى الاقتتال بين الأخوة أبناء الشعب الواحد وأصبح الأمن والاستقرار في عهده يعم جميع أنحاء العراق

          

شهد العراق في عهده استقرارا سياسيا واقتصاديا وارتفع سعر صرف الدينار العراقي ازاء الدولار الى 3.3 دولار. وصار العراقي يتجول في مختلف دول العالم بجواز سفر مرحب به في كل انحاء العالم وثلاثة ارباع دول العالم كانت تقبل الجواز العراقي دون الحاجة لتاشيرة دخول.


       

لقد كانت لزيارته إلى إيران للفترة من 14-19 مارس 1967 إبان حكم شاه إيران الأثر الكبير بتعزيز العلاقات بين البلدين ومن المعروف أن العلاقات العراقية الإيرانية مرت بمراحل مختلفة عبر التاريخ تتراوح بين الهدوء والهدوء النسبي والساخنة  كان الرئيس الراحل عبد الرحمن عارف شديد الحرص على أمن واستقرار العراق، لقد كانت زيارته إلى إيران بمبادرة وطنية وإحساس منه لتعميق وتثبيت أسس الأمن والاستقرار بالمنطقة وبدون إحساس طائفي أو عنصري بل الذي يربط شعوب المنطقة هو الدين الإسلامي الحنيف. منوهاً الى أن الزيارة التي قام بها الرئيس الراحل لإيران تعد أول زيارة يقوم بها رئيس عراقي لإيران في العهد الجمهوري.


      

كما زار الجمهورية العربية المتحدة عدة مرات والتقى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي كانت تربطه معه أحسن الروابط الاخوية.


             

كما وأنه استقبل جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال (رحمه اللَّه) ملك المملكة الأردنية الهاشمية في اول زيارة له في العهد الجمهوري،  وبقيت العلاقات العراقية الأردنية في ذلك العهد على أحسن وجه.
 كما قام الرئيس الراحل عبد الرحمن محمد عارف بزيارة إلى تركيا إبان عهد الرئيس التركي جودت صوناي وكان لهذه الزيارة الأثر الكبير بتعزيز العلاقات العراقية التركية، بالمقابل قام الرئيس التركي بزيارة الى العراق.
رحم الله الرئيس الطاهر العفيف ابا قيس وانزل عليه شآبيب الرحمة وجعل قبره روضة من رياض الجنة.

                     

الرئيس عبدالرحمن عارف وزوجته فائقة عبدالمجيد فارس العاني 1966


                  


             الرئيس عبدالرحمن يتفقد مواطنيه في لواء الكوت


      

   عبدالرحمن عارف في زيارته الخالدة الى فرنسا مع الرئيس شارل ديغول

                           


                  كتاب صادر عن سيرة المغفور له

فيلم تذكاري زيارة الرئيس الراحل عبدالرحمن عارف الى ايران زمن الشاه.

https://www.youtube.com/watch?v=FoAiCK3oNYU&app=desktop

   
    

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

726 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع