شارع الرشيد ... سيد الشوارع

  شارع الرشيد .. سيد الشوارع

في واحد من أهم شوارع بغداد التاريخية على مر العصور، قادتنا ذكرياتنا على أديمه وأرصفته وأبنيته التي تقف على ألف ومائتان وأربع (دنكات)، تحكي كل قطعة فيه وكل دنكة منه ذكرى وموقف وتأريخ أجبرنا على تسجيل معظم ما شهدناه وسمعناه في ذاكرتنا الداخلية طوال هذا الزمن الذي عشناه بحلوه ومره وفي لحظة عبق التواصل مع الماضي، أنبثق شلالاً نحت سطوراً خطها القلم على الورق تنقل الذكرى عبر الزمن الى الحاضر مستمتعين بما رأينا مسحورين بما مر أمام ناظرنا في ذلك الزمن الذي يتراءى لنا كأنه طيف خيال، لكننا لمسنا هذه الذكريات لمس اليد وكنا جزء منها وأصبحنا بعضاً منها، عشنا أياما وليالٍ نستكشف الشارع جيئة وذهاباً كي نوثق الكل توطئة لنقله جميعه أو أجزاء منه الى زمننا هذا وجيلنا هذا، والذي اندثرت معالم جميلة وضاعت أثار حقيقية كدحت أجيال قبلنا كي ترسخها معالم حقيقية، وأبدعت وأجهدت نفسها في محاولة نقل تلك الرسالة الى أجيال لاحقة طامعة في أننا سنحفظ الأمكنة ونطورها، إلا أننا وبغفلة من الزمان نكصنا في أمور كثيرة ومنها المحافظة على تراثنا وتطوير شارع بغداد السحري كي يبدو وهو يطل على أعتاب القرن الحادي والعشرين في أبهة الماضي وزهوه.

ومثلما عاشت بغداد عصور ذهبية عدة غلبت عليها الآداب والفنون والعلوم، فأن شارع الرشيد كان هو بوابة بغداد الذهبية لهذه المدينة ومخزن ذكرياتها وعبق أمكنتها الجميلة والأثيرة لكل بغدادي على مر الزمن. كان ألأدب يحتفى به بالمقاهي والمسارح والفن تتراكض الجموع للأنتماء لمدارسه، ورؤيته على الواقع في دور العرض الممتدة على طول الشارع، والأزياء تعرض على واجهات محلاته التي كانت تزاحم كبريات المحلات الأوربية وتفخر، كما كان شاهداً على الكثير من الأحداث السياسية والمنتديات الشعرية والمسيرات الشعبية والسياسية واستعراضات الفرق الفنية والتراثية. أنه بحق شارعاً وسط مدينة أختزل كل تأريخها طوال أكثر من ثمانين عاماً عشنا نحن جزء كبيرا من حياته وكنا شهوداً على فترات ازدهاره ونتابع بكل أسى تدهوره واندثاره.


 
واحدة من المسيرات السياسية التي كان يشهدها شارع الرشيد في ستينيات القرن الماضي
تلك هي أمجاد أعرق الشوارع وأشهرها أطلاقاً بل تحول إلى أشهر معالم بغداد حيث خزين الذكريات ودروب الطامحين بالحياة الحلوة والأمل والأحلام المنشودة. ويتخيل عشاق شارع الرشيد من أهل بغداد القدامى كل عامود من أعمدة بناياته وكأنه كائن ناطق يروي حياة ومسيرة وتاريخ مدينة خالدة وراسخة في قلوب ووجدان كل العراقيين. هذا الشارع العريق .. شارع الذكريات والزمن الجميل تحول اليوم إلى مكان لا يليق باسمه ومكانته وصورته في أذهان ملايين العراقيين جيلاً بعد آخر، لكننا نقول وقد يصلح العطار ما أفسده الدهر، عاكسين المقولة متمنين عودته الى عصوره الزاهية يتبعها شفاء بغداد والعراق من سقمهما.


 
شارع الرشيد في زمن ألألق الجميل

أن إعادة سرد بعض من الذكريات وعرض الأمكنة، ما هو ألا تقديم جزء من ذاكرتنا الأثيرة وبسطها أمام الجيل الحالي كي يتمتع بها ويستمتع بما كان عليه السلف، وينطلق لبناء غد أفضل لهذا الصرح العظيم الذي يعاني ألأهمال حاله حال الكثير من المرافق، ونحن نراقبه وهو على فراش الموت يحتضر.


 

مدخل سوق القماش وتبدو المدرسة المستنصرية وجامع منّان

ستبدأ انطلاقتنا من لحظة نزولنا من الجسر العتيك (الشهداء لاحقاً) بإتجاه ساحة الرصافي ويبدو على يمين الجسر جامع منّان والمدرسة المستنصرية نسبة الى بانيها الخليفة العباسي المستنصر بالله، وعلي يسار الجسر ترى سوق السراي المتخصص ببيع القرطاسية والكتب والمجلات القديمة وبجانبه سوق السراجين يجاوره جامع الوزير.


 
سوق السراجين الملاصق لسوق السراي

وعند مدخل سوق القماش ترى (صالح أبو اللبن) جالساً وراء سدود اللبن وهو يغرف ويبيع غير عابئ بأحد، ومتصرف بغداد يمر يومياً به ويحذره بضرورة تغطية اللبن المرة تلو ألأخرى، وصالح لايرعوي، ألى أن تم أقتياده مخفورا الى بناية المتصرفية في القشلة ترافقه سدود اللبن والأصدقاء والمتطفلين بجموعهم تسير وراءه لمعرفة ما سيؤول اليه مصيره، أدخل صالح الى باحة المتصرفية وأمر المتصرف أن يصب جميع اللبن فوق رأسه كعقوبة له، خرج بعدها من باب المتصرفية والناس المتجمعة تسأله ( خير صالح شنو الي صار، كال يمعودين مو زين طلعنه بوجه ألأبيض).


 
أبو اللبن

نستمر بالمسير، فعلى جهة اليمين كانت هناك محلات قديمة وموقف لباصات المصلحة هدمت وبني مكانها عمارة أطلق عليه أسم (سوق مكة التجاري)، أما على جهة يسار الشارع فقد شيدت محلات شغلت معظمها من الصاغة وباعة المصوغات الذهبية والفضية وباعة حقائب السفر، وفي جانبها موقف لباصات المصلحة القادمة من ساحتي الميدان وباب المعظم في طريقها الى جانب الكرخ، كما كانت هناك مقهى بطابقين هي مقهى الرصافي وتحتها محل لبيع الفشافيش والمشويات، هدمت بعدئذٍ.


 
محلات الصاغة ويبدو جامع منان على جهة اليسار وجامع الوزير على جهة اليمين والملاصق لسوق السراجين

أما في منتصف الساحة فقد أقيم نصب يمثل أحد شعراء العراق الكبار ألا وهو معروف الرصافي، قام بعمله الفنان أسماعيل فتاح الترك، وأكمله في داره الكائنة في العيواضية، وتسنى لي حضور عملية أخراجه من دار الفنان الترك ونظراً لضخامة حجم التمثال فقد تم تهديم الباب والسياج الخارجيين للدار، أما العمارة التي تنتصب خلف تمثال الرصافي فقد كانت تسمى بعمارة الطب وكنت ترى على طول جبهتها الأمامية رمز الطب وهو الأفعى ملتفة حول ألأنبيق وهناك صيدلية الطب الشهيرة، وفوق الصيدلية عيادات أطباء نذكر منهم الدكتور أسماعيل حسن التتار طبيب الجلدية، والدكتور أحمد كدك طبيب العيون، والدكتور العسكري حميد رشيد طبيب الكسور والعظام. وأكثر ما عرف في هذا الشارع (الصيدلية الإسلامية) لصاحبها سامي سعد الدين واشتهرت دعايتها بعرض (قطرة برلين) الشهيرة.


 
ساحة وتمثال الرصافي وبناية وصيدلية الطب

سنتجه يساراً الى حيث نهاية الشارع في ساحة الميدان، ونمر بطريقنا على شارع المتنبي، شارع الكتب والمكتبات الشهير والذي تعرض فيه أمهات الكتب والمطبوعات القديمة والحديثة، وكان يسمى هذا الشارع قديماً بشارع (ألأكمكجية) نسبة الى فرن الصمون العسكري الموجود فيه.


 
شارع المتنبي، شارع الكتب والمكتبات

وكذلك نعرج على مطعم (ألأخلاص) الشهير بالكباب والكص و(زيارة) المتخصص في معرفة قيمة كل نفر يؤكل بالمطعم بمجرد النظر ألى الزبون، وفي إحدى المقابلات الصحفية معه في صحيفة الجمهورية آنذاك سؤل أذا كان قد أخطأ مرة بالحساب قال نعم وكان الشخص قد أستبدل مكانه مما تعذر عليّ معرفة حسابه وأبلاغ صاحب المطعم،

وكذلك هناك مقهى الشابندر ملتقى الأدباء والشعراء ونعرج كذلك على (كعك السيد) الضارب في القدم والمشهور عند أهل بغداد.


 
 وهناك محل (شربت الحاج زبالة) ومقهى البرلمان ومقهى الزهاوي..

ومقهى حسن عجمي وشارع سوق الهرج الذي يباع ويشترى فيه كل شيء قديم حتى المسروقات.

وفي شارع الرشيد هناك حلاق الجمهورية لصاحبة (حكمت الحلي) ومقابلة (المصور ألأهلي) والذي أسسه عبد الرحمن محمد عارف وقد تنقل محل المصور الاهلي من الميدان الى الحيدر خانة الى باب الاغا وهناك محلات خياطين عدة في الشارع..

وكذلك الجوامع القديمة المنتشرة بين أزقة الشارع ومنها جامع الأحمدي وجامع السليمانية والجامع التأريخي الذي أمر بأعادة أعماره الملك غازي (رحمه الله) وجامع السراي وضريح الفقيه أحمد بن حنبل، ومن أشهر الجوامع في الشارع هو جامع الحيدرخانة والذي أنطلقت منه أغلب الانتفاضات الكبيرة وضمت جوانبه أهم التجمعات الجماهيرية وفي ساحته خطب أغلب الشعراء والساسة قديماً.
 


شارع الرشيد ويبدو للعيان جامع الحيدرخانة الشهير
ولا ننسى مقهى أم كلثوم الشهيرة لصاحبها (عبد المعين الموصلي)، وكنت تسمع فيها أغاني كوكب الشرق دائماً.

 مقهى السيدة أم كلثوم بالقرب من الميدان

حتى نصل الى منطقة ساحة الميدان وأحيائها وأزقتها كمحلة القلعة ومحلة السور والصابونجية ومحلة جديد حسن باشا والتي ضمت الكثير من مقرات الصحف التي كانت تصدر وقتئذٍ، ومقهى الأمانة والأداب في الميدان والتي درسنا فيها أيام الجامعة ومطعم (رمضان) للسمك الجري في نهاية سوق الهرج.


 
ساحة الميدان

ومطعم كبة السراي في نهاية سوق السراي والذي أكل أغلب مرتادي السوق من السياسيين والفنانين والقضاة والمحامين والعامة من كبته الشهيرة.


 
كبة السراي الشهيرة

نعود جرياً ألى ساحة الرصافي بعد أن ألقينا الضوء على أغلب المحلات في هذه المنطقة والمعروفة بالحيدرخانة وساحة الميدان، لنرتاح قليلاً ونشرب أستكان من الجاي المهيل في مقهى فتاح والمطلة على ساحة حافظ القاضي، قبلة السياسيين والشباب الجالسين للعب الطاولي والدومنة ومراقبة المارة في ذهابهم وأيابهم.

ويترائى لنا في الجهة المقابلة المتحف البغدادي وتماثيله التي تحاكي أهل بغداد في أعمالهم وفي أوجه حياتهم المختلفة وادواتهم المستعملة ونتذكر الأمسيات التي كنا نحضر بها للأستماع الى قراء المقام العراقي ونخص بالذكر منهم الأستاذين يوسف عمر وحسين ألأعظمي والسيد محمد العاشق والسيد حمزة السعداوي.


 
المقام العراقي يصدح في المتحف البغدادي في السبعينيات

نودع رواد المقهى ونستمر بالسير في شارع الرشيد بإتجاه سوق الصفافير التراثي وقبلة السياح قديماً والزائرين للعراق للتبضع من منتجاته التراثية، بحيث لا يخلوا أي بيت من بيوت العراقيين من قطعة تزين جدران بيوتهم تذكرهم بالماضي.


 
سوق الصفافير المطل على شارع الرشيد

في بداية السوق تشاهد (سعيد أبو اللبن) وشنينته المشهورة والقدح بمائتين وخمسين فلساً في السبعينيات وهو مبلغ كبير آنذاك في مدخل السوق وعلى جهة اليسار نشاهد درجاً يقودنا الى مطعم من مطاعم بغداد المتميزة طبخاً وذوقاً أنه مطعم (أبو حقي) وفيه تأكل تبسي الباذنجان والبامية على لحم الدوش واليابسة والقوزي على التمن.


 
مطعم أبو حقي في مدخل سوق الصفافير

يقابل سوق الصفافير من الجهة الثانية لشارع الرشيد فرع ننزل له بدرج أنه (عكد الجام) تتركز فيه محلات بيع الزجاج والمرايا وفيه محل زميلنا (يوسف عبد الملك)، الذي عمل لي جامة كبيرة وضعتها على مكتبي عند تعيني في السكك وكانت مثار أعجاب وحسد بقية رفاقي في الدائرة.

وبالعودة ثانية الى الشارع نشاهد محلات تكثر في هذه المنطقة لبيع المرايا المصنعة بطريق فنية. وباجتيازنا لعكد الجام نصل الى (السوق المقبط) المتخصص ببيع الشراشف والبطانيات والبياضات المنزلية وتقودنا أزقته الى سوق دانيال وسوق السجاد ومحلات بيع الأقمشة الرجالية وبدلات الأعراس.
 وفي المقابل هناك عكد يسمى (تحت التكية) وهو متخصص ببيع الملابس المستعملة وفيه محل أحد أصدقائنا (سيد هاشم سيد عذافة) والذي كان يدعونا لفتح البالات الجديدة التي ترد له وأنتقاء أفخرها في وقت كان كثيرون يلبسون من تحت التكية.


 
عكد تحت التكية لتجارة الملابس المستعملة

وتعد هذه المنطقة قلب بغداد التجاري والمالي وهي تموج بالحركة الدائمة صباح مساء، في سوق الشورجة تتزاحم الذكريات لأيام التسوق ومتعة المرور من السوق في الأيام العادية وأوقات المناسبات وهي تعد رئة بغداد التجارية الخاصة بالأطعمة والشموع والتوابل والتجهيزات المنزلية والكرزات ويسير شارعها بشكل متعامد مع شارع الرشيد وصولاً الى شارع الجمهورية الذي كان الجزء الخاص بشورجة الجملة في بيع الدهون والرز والبقوليات.


 
سوق الشورجة الشهير

كما تقف على بوابة السوق من جهة شارع الرشيد عمارة البهبهاني المدورة والتي كان يملكها الحاج هاشم احمد البهبهاني ويقف شامخاً شاهداً على الزمن جامع مرجان التأريخي والذي بناه الوالي امين الدين مرجان عام1358م في موقع باب بدر وهي من ابواب سور دار الخلافة العباسية في عهد المعتضد بالله والذي يعد تحفة في فن العمارة ألأسلامية التي مزجت بين الفن ألأسلامي والمغولي.


 
جامع مرجان وعمارة البهبهاني

نترك سوق الشورجة، ونتجه الى شارع السموأل وفيه خان مرجان التاريخي والذي تم تأهيله وتحويله الى مطعم في سبعينيات القرن الماضي حمل نفس الاسم. كما يحوي الشارع على محلات الصيرفة ومحلات بيع الأقمشة الرجالية والسجاد والخياطين وفيه أيضا مطعم (أبن سمين) لصاحبه زميلنا في مصلحة السكك (ثامر أبن سمين


 
مطعم خان مرجان في شارع السموأل

وتقودنا خطواتنا الى شارع المستنصر أو شارع النهر كما يطلق عليه العامة حيث تنتشر المحلات المتخصصة بالأزياء النسائية ومن هذه المحلات (المقص الذهبي، وحتاحت وبنت البلدي ودار العرائس لبدلات الزفاف).


 
شارع المستنصر أو شارع النهر عند العامة

وتنتشر في شارع النهر محلات الصاغة ومنهم أبو القاسم ومحمد الورد وعلاء خروفة وغيرهم كثير كذلك نشاهد عمارة الدامرجي والتي اتخذت منها غرفة تجارة بغداد مقراً لها وتوجد قرب نهر دجلة محلات تنظيف السجاد بالماء وهي الطريقة التي لازالت مستخدمة لحد ألان. وتوجد في الشارع كذلك المحكمة الشرعية ودائرة كتاب العدول لجانب الرصافة.


 
محلات الذهب والصاغة المنتشرة على طول الشارع

نعود مجدداً الى شارع الرشيد سالكين طريق شارع البنوك وفيه بناية مصرف الرافدين والبنك العربي والبنك المركزي العراقي ومقابل شارع البنوك نرى ساحة وقوف للسيارات وخلفها محلات بيع المواد الكهربائية.


 
بنايتي مصرف الرافدين والبنك المركزي العراقي

بعد البنك المركزي نتذكر أن هناك كانت سينما الحمراء الشتوي احترقت في النهاية الخمسينيات من القرن الماضي ولم يبن مكانها شيء، وبجنبها محل (فريد كنجة) لبيع القداحات ومواد التدخين والغليونات ومواد ثمينة أخرى.


 
محل فريد كنجة في شارع الرشيد والمطل على عكد النصارى

يقابل ذلك الفرع المؤدي الى كنيسة اللاتين في عكد النصارى، حيث بني مقابلها ما يعرف الأن بالسوق العربي للألبسة الرجالية والنسائية 

 

  كنيسة اللاتين في عكد النصارى

ونعبر الى منطقة رأس القرية وهناك ساحة الغريري ونصب عبد الوهاب الغريري الذي أزيل ووضع مكانه تمثال عبد الكريم قاسم وهي تشرف على محلات بيع أنتيكات ومكاتب مختلفة ومتعددة.


 
محلات بيع الأنتيكات المطلة على ساحة عبد الوهاب الغريري

يقابلها محل أحذية (الكاهجي) ومحل خياطة (صداري ذوي المهن الطبية) وعيادة الدكتور (قاسم البزركان) طبيب ألأنف والأذن والحنجرة وعيادة الدكتور هادي السباك طبيب العظام والكسور وعيادة الدكتور (فرحان باقر) طبيب الباطنية الشهير عالمياً ..

وكذلك عيادة الدكتور ( جاكي عبود) طبيب الأمراض العقلية ألأشهر في العراق  ويعد من اوائل الاطباء في العراق ممن افتتحوا مستشفيات خاصة بهم، حيث اسس مستشفى (الدكتور جاك عبودي للأمراض العقلية والعصبية) ومقرها على الطريق المؤدي الى معسكر الرشيد وفي المباني أيضاً هناك عيادة الدكتور (أحمد العندليب) والذي أنطلقت منها عملية أغتيال عبد الكريم قاسم عام 1959 ويقابل العيادة محلات أحمد حميد السعدي لبيع المواد الكهربائية ألمختلفة.


 
نترك الساحة ونتجه الى حيث خياطة (أحمد خمّاس) الخياط الشهير وكذلك الخياط (فيصل حسين) ولاننسى محل المصور (بابل) مصور الرؤساء والشخصيات السياسية ...

وأمامهما في الجهة المقابلة شركة (سنجر) لبيع وتصليح مكائن الخياطة وكذلك محل جواد الساعاتي، وهو أول عراقي يفتح محلاً لبيع وتصليح الساعات.

ولاننسى ان نعرج على مكتبة مكنزي للكتب والمصادر ألأجنبية والتي كان يعتمد على كتبها طلبة الكليات العلمية في بغداد، وفوق المكتبة بناية ومكاتب شركة بيت لنج وهي شركة الهند الشرقية للملاحة ولها باب كبيرة على الجانب ألأخر ويقع على شارع النهر.


 
بناية بيت لنج وتحتها مكتبة مكنزي بالأبواب البيضاء

وعندما نسلك الفرع المجاور لمكتبة مكنزي ندخل الى نهاية شارع النهر حيث تكثر محلات صاغة الفضة وأعمالهم التراثية الجميلة من أساور وقلائد وخواتم لازالت هذه الصنعة قائمة لحد ألان. نستمر بالسير الى حيث مقتربات جسر الأحرار الذي كان يسمى سابقا جسر (مود)، وتبرز أمامنا بناية مقهى شط العرب الشهير ملاذنا أيام الدراسة وحياة الطلبة وبجانبها مطعم جبهة النهر وعلى الجهة الأخرى يقع مطعم شريف وحداد الشهير.

وقبل أن نتجه الى ساحة حافظ القاضي لابد أن نذكر محل (ألبان السماوي) والتي كانت تضاهي بمنتجاتها مثيلاتها العالمية وعلى جهة يسار الشارع هناك بناية الشركة العامة للمقاولات الإنشائية والتي رأسها في بداية تأسيسها (المهندس عدنان القصاب) وكذلك موقع ضريح أبو شيبة في أحد جدران شارع الرشيد، وكذلك محل المصور (أرشاك) والذي كان يطلق على نفسه مصور العائلة المالكة.


 
المصور أرشاك في الوسط

وعند نزولنا من جسر الأحرار تطل علينا ساحة (حافظ القاضي) والتي كانت تزين بجمالها ونظافتها عقد هذا الشارع الجليل حيث مكاتب شركات السيارات ومكاتب شركات التبريد وصيدلية أسيا أول صيدلية في العراق وعوينات اسيا والمصور (شيك) المصور الخاص لطلبة الكلية العسكرية والضباط حديثي الرتب، ولا ننسى مكاتب السفر المنتشرة على طول محيط الساحة..

كذلك محل ناجي جواد الساعاتي، وكذلك أحذية (صادق محقق).


 
الصورة تغني عن التعليق في أحيان كثيرة

وباتجاهنا الى محلة سيد سلطان علي نستذكر أحذية Red Show (الحذاء ألأحمر) لصاحبها السيد (سعد العرس) وكذلك محلات (بايونيير) للألبسة والتجهيزات الرياضية ومحل حلاقة (توكالون) للنساء.

نصل بسيرنا الطويل وذكرياتنا التي لا تنتهي الى المول الأشهر في العراق آنذاك ألا وهو (اوروزدي باك) والكائن في نفس منطقة سيد سلطان علي، والذي يعتبر مفخرة لكل عراقي من حيث أناقة المبنى وجودة السلع التي كان يعرضها في أقسامه المختلفة كالعطور الباريسية والبدلات الرجالية الفاخرة والأحذية ذات الماركات المميزة، والكافتيريا الكائنة في الطابق الثالث منه والمطلة على نهر دجلة مقابل محلة الشواكة من الجهة الأخرى للنهر.


 
اوروزدي باك من الداخل في العام 1967

ومكتبته التي كانت تعتمد نظام الطلبية (ألأوردر) عند عدم توفر الكتب المطلوبة، وفي بابه الخارجي يستقبلك البواب مرحبا فاتحا لك الباب للدخول الى عالم التسوق السحري والبائعات الجميلات والمنتقين بدقة متناهية.

ويجاور ألأوروزدي باك جامع سيد سلطان علي والذي سميت المحلة بأسمه.
 في الجهة المقابلة من الشارع تبدو لنا سينما الوطني وسينما الرشيد، وقد تم تحوير الوطني الى سينما ومسرح النجاح، أما الرشيد فقد تحولت الى مخزن لبضائع المحلات المجاورة.


 
سينما ومسرح النجاح، الوطني سابقاً

وندخل بعدها الى محلة المربعة حيث تكثر المحلات والفنادق رخيصة ألأسعار وقد أستوطنت المنطقة من قبل ألاف المصريين الذين قدموا للعمل في العراق في نهاية سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي.


 
منطقة المربعة موطن ألآف المصريين خلال السبعينيات

في الجهة المقابلة هناك نشاهد محل (أبو علاء) للسراويل الرجالية رخيصة الثمن والتي كان أغلب الزملاء الكرخيين يتبضعون منه كسعد عبد الله والمرحوم قاسم المشهداني (أبن أبو الحش) ورعد حسن لبجة وغيرهم كثير، وكان أبو علاء يصرف بضاعته بالأقساط كذلك ألا أن أغلب زبائنه تهربوا من دفع ما عليهم من ديون مما أجبره على غلق محله وتكبده خسارة فادحة في رأس ماله.


 
في أحد هذه المحلات كان محل أبو علاء لبيع السراويل الرجالية

هنا أيضاً يتبادر الى ذاكرتنا مقهى (البرازيلية) في هذا الجزء من الشارع وهو المقهى الذي يقع بين محلتي المربعة وسيد سلطان علي قرب سينما (برودواي) والتي سميت بعدئذٍ سينما علاء الدين، احترقت بعد فترة وأقيم بدلها قيصرية لمحلات تبيع أصباغ ولوازم رجالية..

وكان المقهى مكان للقاء طلبة الكليات ميسوري الحال والطبقة المثقفة وقد أطلق عليه بالمقهى ألأرستقراطي..

نظراً لتقديمه الشاي في أكواب بدلاً عن ألأستكانات وتقديم القهوة التركية والنسكافيه..

شهد المقهى عصره الذهبي في خمسينيات القرن الماضي مع رواده من جيل الكتاب والرسامين حتى تحدث الفنان جواد سليم عن المقهى في مذكراته وقال (ألان عرفت اللون، الأن عرفت الرسم) أنها أعظم أشادة من فنان كبير بحق هذا المقهى ومكانته في المجتمع العراقي آنذاك، وقد جلست مرة على مقاعده وأحتسيت قهوته مرة واحدة مع زملاء لي كنا نزور (اوروزدي باك) وفي أحدى المرات دعانا الفضول للدخول والجلوس فيه وذلك للتمتع بأجواءه التي تغلفك بسحر خاص وهيبة كبيرة وخاصة عندما تعود لتقص على أقرانك عن عطر القهوة ورائحتها المميزة وأختلاف الرواد عن باقي من تلتقيهم في المقاهي ألأخرى. فمن خلال واجهتها البرازيلية الزجاجية المطلة على الشارع، كان الجالس يتمتع بحركة الناس في الشارع، اذ كان يمثل قلب بغداد النابض، حيث يمور بالحيوية، ويغرق في نشاط غير عادي على مدى اليوم. ويستمد منه الباحث والاديب والشاعر ما يعزز ويحفز قريحته للبوح بجميل الكلام وروعة الصور الادبية، واستلهام تدفقات المخيلة، وانثيالات الذاكرة المنهمرة. ومع انه كان مكانا مناسبا ومريحا لطلبة الجامعات حتى حقبة السبعينيات غير انه عد مقهى للنخبة، واحد مظاهر المجتمع المخملي وقتذاك، ومستقرا للفئة الارستقراطية والمتعلمة وشريحة الموظفين، والطبقة الراقية والمتميزة اقتصاديا.

ان المظهرية التي اعتمدها، والشكلية التي كان عليها المقهى، وطريقة واسلوب تقديم الخدمات التي اتبعها العاملون فيه، وما كان يقدمه من مشروبات وانواع اخرى مثل "الدوندرمة"، منحته صفة مغايرة ومختلفة للمقاهي العراقية الاخرى، وان كانت تشتهر بتراثيتها وتقاليدها واجواءها الثقافية الخاصة مثل: مقاهي "البرلمان وحسن عجمي والزهاوي والبلدية والشابندر". وجعلت بعض الشرائح الاجتماعية تتردد في الولوج اليه والجلوس على ارائكه وكراسيه ومناضده مع بساطتها، لان نوادلها كانوا يرتدون زيا موحداً، وهو مخالف للمألوف والمتعارف عليه في المقاهي البغدادية...

وكانت وظلت حتى انقراضها تحتوي على ماكنة القهوة التي تحمصها ثم تطحنها وتقدمها عطرة في الفناجين.

وكذلك فاترينات العرض للجبنة البلغارية. والماكنة التي تقدم انواع "الدوندرمة" من الموصوفة بـ "كلاسيه"، الدوندرمة بالشوكولاتة، الدوندرمة بالفواكه، فضلا عن الشاي والعصير والشاي حليب والنسكافيه.

وليس ببعيد عن المكان هناك محلات (نعيم نعمو) للألبسة الرجالية الفاخرة وكذلك محلات بيع وتقديم المشروبات الكحولية، وصولا الى منطقة السنك والعبخانة حيث محلات (ستراك) و(قبطانيان) الأرمنيان لبيع الباسطرمة واللبن وهناك أيضا في نفس المنطقة مركز شرطة العبخانة.


 
منطقة العبخانة وعلى الركن محل قبطانيان لبيع المشروبات الكحولية والباسطرمة
نصل في جولتنا بعد ذلك الى مكتبة (طريق الشعب) والتي أغلقت بسبب ألأسم على ما يبدو بعد أنهيار الجبهة الوطنية والقومية التقدمية بين الأحزاب في السبعينيات، مقابلها مكتبة أخرى هي مكتبة اليقظة العربية، وندخل فرع صغير على جهة اليمين حيث مقر دائرة التعاون العامة والعائدة لوزارة العمل والشؤون ألأجتماعية ، عملت بها لمدة أربع سنوات قبل نقل خدماتي الى وزارة الخارجية العام 1978، ومن هذا الفرع الصغير كان يحلوا لنا النزول الى ضفة نهر دجلة والتمتع بمشاهدة دار السيد عبد الرحمن النقيب أول رئيس للوزراء في العراق الحديث ، في عملية أعادة ترميمه مع مرقد أبن الجوزي بجانبه كذلك والذي كان يبهرنا بطرازه المعماري والتراثي الرائع.


 
شرفة دار عبد الرحمن النقيب

نعود مجدداً الى شارع الرشيد بعد أن متعنا النظر بالأبنية التراثية المستريحة على ضفة النهر الخالد بكل سكينة وصفاء، الى حيث الأبنية الحديثة ومنها بناية المصرف الزراعي وبجانبه المصرف الصناعي والذي كان مديره العام لفترة طويلة الدكتور (فرهنك جلال) أستاذنا في كلية ألأدارة وألأقتصاد، حتى عدت فترته كأطول فترة قضاها مدير عام في الدولة العراقية. في الجهة المقابلة من الشارع بنيت على أنقاض بدالة بغداد، البدالة الجديدة أطلق عليها (بدالة السنك)، وكنا نراقب بشغف عملية بنائها مرحلة أثر مرحلة حتى حضرنا عملية نصب الهوائيات والصحون اللاقطة الكبيرة على سطح البناية والتي تم أنزالها وتثبيتها بطائرات الهليكوبتر لعدم أمكانية ذلك من خلال شارع الرشيد، وهذه البناية استهدفت بالقصف عدة مرات حالها كحال مؤسسات ومنشأت عديدة.


 
بدالة الرشيد وبجانبها كراج السنك

نستمر في الشارع حيث متحف العائلة المالكة المحاذي للمصرف الصناعي وفيه عرضت بعض المقتنيات التي سلمت من عمليات السلب والنهب والحرق التي رافقت هجوم العامة والجيش على قصر العائلة المالكة في الحارثية.


 
متحف العائلة المالكة في منطقة السنك

وهناك تبرز بناية كانت مقراً للمعهد الوطني والذي كان يعمل دورات تقوية صيفية للطلاب في الدروس العلمية بشكل خاص واللغة الإنكليزية كذلك،

ويشرف عليه المرحوم (كامل الدباغ) وباقة من خيرة الأساتذة، وتحت المعهد هناك مؤسسة الساعات السويسرية الوكيل العام لساعات أوميغا في العراق، وكذلك في ركن المبنى أفتتح (أبو يونان) مطعمه الشهير للكص والهمبركر، كما كانت هناك بناية كمرك ومكوس بغداد وفندق تايكرس بالاس، تم هدمها لاحقا وأقيم على أنقاضها جسر السنك.


 
بدالة بغداد القديمة وعلى اليسار بناية المعهد الوطني وشركة الساعات السويسرية
ثم هناك أيضا محل أحذية (21) المعروف بعمل الأحذية يدوياً، ونستمر الى حيث بناية الأموال المجمدة والتي عمل بها مديراً عاما قبل نقل خدماته الى وزارة النقل السيد (كاظم عبد الحميد السعدي) وهو أبن خالة (علي صالح السعدي) أمين عام حزب البعث خلال الستينيات من القرن الماضي، وقد عملت معه لفترة في قسم التطوير ألأداري التابع لمكتب وزير النقل في العام 1974.

مقابل هذه الدائرة (أسواق حسو وشركاؤه) التجارية المعروفة وهي عبارة عن محل كبير فيه ما يحتاجه البيت من كهربائيات الى ملابس ولعب أطفال وغيرها وما يسمى اليوم في دول الغرب للتسوق وقفه واحده ..... One Stop Shoppers. وخدمات ما بعد البيع أي صيانة وتصليح الأجهزة الكهربائية ومنها جهاز التلفزيون بالنظام المعروف عالميا after sale service  .. وأستمرت تلك الخدمة الى نهاية الستينات حيث أغلقت الشركة بعد أصدار قوانين التأميم الاشتراكية عام 1964التي تحد من ألاستثمارات الأهلية.

ولم تكن شركة حسو وشركاؤه الوحيدة التى أغلقت أبوابها بل شركات عديدة مثل وكالات بيع السيارات ماركة فورد وشيفروليه ومحلات نوفكس الشهيرة ببيع الملابس الرجالية ومكتبة مكنزي وغيرها من المعالم الشهيرة.


 
أسواق حسو التجارية الشهيرة

وبجانب الأسواق نصل الى مجمع سينما (روكسي وريكس)، واللتان تعرضان عدة أفلام في وقت واحد، ثم بناية كانت فيها محلات شاهين للألبسة الرجالية.


 
محلات شاهين للألبسة الرجالية

مقابلها كان هناك محلات شركة (فوستر وصباغ) لبيع الأدوات الكهربائية، وأذكر أن والدي أشترى من هذه الشركة تلفزيون ماركة (نورمانده) وهو ألماني الصنع في العام 1964. وفي الجهة المقابلة بناية قديمة سكنها الألماني الفريق (دي غولتز) قائد الجيش العثماني بعدها شغلها الوالي (خليل باشا) ثم ألت لسكن (الجنرال مود) بعدها أصبحت مقراً لوزارة الاقتصاد لتنحسر عنها بعد ذلك الشهرة والأضواء.

وعلى جهة يسار شارع الرشيد يأخذنا فرع نهايته لغاية شارع الجمهورية ألا وهو شارع الخيام، حيث سينما الخيام الشهيرة بمقاعدها الوثيرة والمتحركة وجدرانها المغطاة بلوحات تبرز أعمال وشخصيات من وحي رباعيات الشاعر عمر الخيام.


 
الرسوم التي كانت تزين جدران سينما الخيـام في عصرها الذهبي
لقد كان هذا الشارع قبلة للشباب والعوائل وخاصة أيام الأعياد حيث تكثر فيه المطاعم ومحلات البضائع الرجالية وفي نهايته مطعم كباب حلب وفرع أخر لأحذية (21) والذي كان يضع تسعيرة الأحذية بالدراهم آنذاك.


 
شارع الخيام في السبعينيات قبلة الشباب أيام الأعياد
نصل بجولتنا الى نهاية شارع الرشيد وفي نقطة التقاءه مع جسر الجمهورية،

حيث محلات (جقماقجي) للتسجيلات وألأشرطة الغنائية، وقد تميز بأرشيفه الفني الثر مما كان يدعو ألأذاعة الى أستلاف بعضاً منه، يقابل جقماقجي مطعم سولاف المعروف، وبجواره دار الخضيري التراثي.


 
نهاية شارع الرشيد من جهة الباب الشرقي والبناية التي تضم تسجيلات جقماقجي على اليمين
مهما أختلف الناس في تقدير أهمية وهيبة سيد الشوارع اليوم وناقشوا سماته المعمارية كشارع حديث – قديم فسيظل شارعا مرتبطاً بأحداث العراق الحديث، جلس الشعراء وألأدباء والفنانون على أرائك وكراسي مقاهيه يناقشون مسائل مهمة آنذاك، وزاره القرويون باحثين عن طبيب مشهور يداوي عللهم وتجار ليتزودوا ببضائع من أسواق الشورجة وصدحت فيه أصوات مغنيات مشهورات كأم كلثوم وعفيفة أسكندر، ولا ننسى مكتبة مكنزي ومكتبة أوروزدي باك وروادهما ، ومحلاته الشهيرة أوروزدي باك وأسواق حسو كما عرضت سينماته أخر ألأفلام وأبرزها وأنتشرت فيه مقرات الصحف القومية ونهضت فيه ثلاثية الوجود العراقي ( العشق والولادة والموت)، ونتجت عنه محصلة أولى وأخيرة هي تأكيد ونهوض الوجود العراقي وشارعه الجميل والآخاذ من بين ركام المباني وزحام البشر ليولد من جديد سيداً للشوارع.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

845 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع