اليهود وانتشار دور العرض السينمائية في العراق

       

 اليهود وانتشار دور العرض السينمائية في العراق

   

                          بقلم:مازن لطيف

كانت دور السينما في العراق حتى أواخر السبعينيات من القرن الماضي معلماً من معالم بغداد.. ومنبراً من منابر الثقافة والاتصال بالحضارة الاورورية من جميع النواحي الفكرية والاجتماعية والادبية، يوم كانت بعض دورها الرصينة تهتم بشراء وعرض الافلام العربية والعالمية الشهيرة. دور السينما في العراق لها تأريخ عريق ونقل يهود العراق بسبب احتكاكهم بالحضارة الأوروبية وثقافتهم ومعرفتهم باللغات الغربية، الفنون الثقافية بكل تفرعاتها إلى بغداد ومدن العراق الاخرى. ومن هذه الفنون، السينما، إذ اهتم يهود العراق باستيراد الافلام وإنشاء دور عرض الافلام السينمائية. هناك الكثير من الشركات التي كان يمتلكها اليهود سيطرت على السينما في العراق منها:

        

شركة كولمبيا التي غيرت اسمها فيما بعد إلى الشركة العراقية للأفلام السينمائية وقد أسس هذه الشركة عزرا سودائي واخواه، وقد اختصوا باستيراد الافلام الامريكية، وقد امتلكت الشركة عدة دور عرض في بغداد من بينها سينما روكسي، سينما برودواي، سينما بغداد، سينما مترو وسينما الرشيد.

                      

وكذلك شركة السينما البغدادية، التي تأسست سنة 1934 شركة مساهمة برأسمال قدره (34،310) دينار عراقي من قبل أربعة من يهود العراق قيمة السهم الواحد عشرة دنانير موزعة إلى (3431) سهم.

                

كان أول عرض لفيلم سينمائي في العراق ليلة 26 تموز1909 في دار الشفاء بجانب الكرخ وبعد مرور عامين شهدت منطقة (العبه خانة) عرضاً آخر نظمه تاجر يهودي متخصص في استيراد المكائن اسمه "بلوكي" وعندها أقيمت أول دار سينما في بغداد أطلق عليها "سينما بلوكي" وبعد الحرب العالمية الأولى شهد العديد من مناطق بغداد عروضاً سينمائية في الهواء الطلق نظمتها "دائرة الاستعلامات البريطانية" بجهاز عرض (16 ملم) كانت تنتقل به إلى مناطق عديدة من المدن العراقية، وفي عام 1920 أنشأ تاجر آخر سينما سنترال في منطقة حافظ القاضي في شارع الرشيد ليستبدل اسمها فيما بعد إلى سينما الرافدين.

       

بدأ إنشاء دور العرض السينمائية بكثرة انطلاقاً من العقد الثالث من القرن الماضي. وتعد سينما (سنترال) أول دار عرض سينمائي يجري افتتاحها في بغداد من قبل أحد أفراد الطائفة اليهودية، وتقع في محلة العمار، حيث لاقت هذه التجربة إقبالاً منقطع النظير.

   

وساهمت في تشجيع مستثمرين آخرين على طرق هذا الباب. وبالفعل تم افتتاح سينما (رويال) في محلة باب الآغا، وسينما (العراقي) في محلة الميدان، وسينما (الرشيد) وسينما (الزوراء) في منطقة السنك مقابل مقهى المربعة. وكان أغلب هذه الدور مُلْكاً لليهود أو شراكة مع بعض رجال الأعمال المسلمين. وكانت حفلات العروض التي تقدمها هذه الدور تلاقى إقبالا واسعاً من جانب الشباب اليهودي، فضلاً عن قيامها بعروض أسبوعية خاصة بالعوائل. وعلى الرغم من معارضة بعض الصحف المحلية لإنشاء مثل هذه المراكز الترفيهية لأن الافلام الاجنبية كانت لا تراعي أي حرمة للتقاليد الاجتماعية التي يمتاز بها المجتمع العراقي حسب تلك الصحف، إلا أنها استمرت تحقق نجاحاً في عملها عبر الإقبال المتزايد من جانب عموم أفراد المجتمع آنذاك.

     

شيدت عائلتا "سودائي وبيت مسيّح" في شارع الرشيد، مجمع سينما روكسي على أنقاض ثكنة عسكرية ونصب فيها تمثالان جميلان لآلهة الجمال، وفي عام1937 بنيت سينما غازي في الباب الشرقي من قبل شاؤول وكامل قوبي "بيت عيزر".. كانت هذه الدار تتميز بفخامتها وروعتها المعمارية وروعة الافلام التي كانت تعرضها حيث قدمت روائع السينما العالمية مثل أفلام "ذهب مع الريح" و"رمل ودم" و"السباحات الفاتنات". وفي الأربعينات أصبح الباب الشرقي مجمعاً لدور السينما فأقيمت سينما تاج الصيفي وديانا الشتوي والصيفي. وكانت ترى في الأمسيات طوابير المثقفين يقفون أمام شبابيك التذاكر بأزيائهم الاوروبية والنساء بازيائهن الباريسية ينتظرن أزواجهن لشراء التذاكر. أما العشاق فكانوا يحجزون اللوجات ويأخذون المفتاح لغلقها من الداخل، وقد اشتهرت البسته التالية في سنوات الخير عن اللوج، حيث يقول الحبيب لحيبته:

للسيلما أودّيج باللوج اقعدج

ومن الكرص والبوس والله لشبعج

              

أما أول فيلم عراقي صور في العراق فقد كان فيلم "عليا وعصام" عام 1948، وهو الفيلم الذي وضع روايته وأغانيه الكاتب والشاعر الكبير أنور شاؤول، مترجم مسرحية وليم تل عن الشاعر الانكليزي شريدان. وقامت باخراجه شركة ستوديو بغداد، لمؤسسيها الاخوان سودائي، فلاقت نجاحا منقطع النظير.



  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

842 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع