ذكريات كروية من الزمن الجميل ...

      

         ذكريات كروية من الزمن الجميل...

      

        

   

كثيرة هي الذكريات عن رياضة كرة القدم في العراق، والتي أبتدأ تأريخها منذ زمن طويل، فالقصة لم تبدأ بالمعقل أو في موانئ البصرة الجميلة، فقد كانت هناك عبارة عن نظرات لشبان عراقيين تتجه عيونهم صوب أقدام جنود ألأحتلال في فترات استراحتهم ليقوموا بعدها بتقليدهم فيما بينهم دون أدراك أو معرفة بقوانين اللعبة.
إن الولادة الشرعية للكرة العراقية (أطلق عليها الطوبة العراقية) قد جاءت بتأريخ السابع من آذار من عام 1918 في مدينة بغداد، عبر مباراة بين فريقين مكون كل منهما من أحد عشر لاعباً وهما منتخب دار المعلمين ومنتخب مختلط المدارس الابتدائية الثلاث (الفضل والبارودية والحيدرية) والمباراة كانت رسمية وقانونية بمعنى الكلمة، وجاءت بتنظيم بريطاني بقيادة الحكم الإنكليزي (العريف هيوستن) وقد فاز بها المختلط (2-صفر) بالوقت المتعارف عليه كروياً وهو 90 دقيقة.

  
 
          فريق عراقي يتدرب والصورة من عام 1923

ويبدو أن احتلال الإنكليز للعراق قد ساهم كثيراً في نشر هذه اللعبة، فقد كانت تمارس اللعبة في القواعد البريطانية في الحبانية والشعيبة وكركوك، فتشكل في الحبانية فريقي ناديي (ألآثوري والسي سي) واللذان ضما مجموعة من اللاعبين منهم عمو بابا ويورا إيشايا وأديسون إيشايا وآرام كرم وغيرهم، وفي البصرة تشكلت فرق الجنوب والاتحاد والبحري والميناء، وفي كركوك كذلك ومن أهم اللاعبين هناك عادل عبد الله وقدوري كافر عثمان وكريم أفندي، ولم يذكر لنا التأريخ ما الذي حصل بعد مباراة المختلط ودار المعلمين ألا مباريات عشوائية هنا وهناك لتزرع البذرة الرسمية ألأولى عبر أنشاء هيئة إدارة شؤون كرة القدم في بغداد في العام 1923، حتى ابصر ألأتحاد العراقي لكرة القدم النور في الثامن من تشرين ألأول من عام 1948 وأثناء تواجد الوفد الأولمبي العراقي في لندن عام 1948 للمشاركة في الأولمبياد. وبعد عودة الوفد الى بغداد قررت اللجنة الأولمبية العراقية التي ولدت في العام ذاته أن يتم تشكيل أتحاد كرة القدم العراقي وحدد يوم الثامن من تشرين الأول من عام 1948 موعداً لأول اجتماع وقد حضره ممثلو عشرة فرق هي (النادي الرياضي الملكي، القوة الجوية، كلية الشرطة، القوة السيارة، الحرس الملكي، وزارة المعارف، نادي الكاجولز، الكلية العسكرية، دار المعلمين العالية، كلية الحقوق)، وأنتخبت الأسماء أدناه لتكون نواة لأول أتحاد كروي في تاريخ العراق وهي:
عبد الله المضايفي    رئيسا
سعدي جاسم    سكرتيراً
ضياء حبيب    عضواً
سعيد واصف    عضواً
    

المرحوم أكرم فهمي رئيس وفد العراق يرفع العلم العراقي في القرية الأولمبية بلندن – تموز 1948
وتشكل في بغداد فريق الحرس الملكي والذي عد من أقوى الفرق العراقية آنذاك، وبعد قيام ثورة 14 تموز 1958 تمزق هذا النادي وتفرق لاعبوه على فرق عديدة تشكلت آنذاك وهي الفرقة الثالثة والثانية والخامسة والكلية العسكرية والقوة الجوية وأليات الشرطة والحدود ومصلحة نقل الركاب والبريد وفرق أخرى كثيرة. وعند الحديث عن هذه الفرق في تلك الفترة ينتابنا الحنين الى تلك ألأيام الذهبية التي بقيت محفورة في الذاكرة، لأن كرة القدم كانت تمارس آنذاك كهواية محببة وليست أحترافاً كمهنة كما هو الحال ألان، فأفرزت اللعبة أساطين كروية يشار لها بالبنان وجيل رائع من اللاعبين المبدعين الذين كانوا لا يتقاضون أجورا لقاء لعبهم مع فرقهم.

 

              إحدى المباريات على أرضية ملعب الكشافة

تركزت لعبة كرة القدم في العاصمة بغداد لما لها من ثقل سكاني وحضاري وحضور أعلامي رافق اللعبة وساهم في انتشارها، وكذلك وجود بعض الملاعب المهيأة لأقامة المباريات المحلية والرسمية علي أديمها، فقد كانت تقام المباريات حصراً على ملعب الكشافة وهو من أهم المعالم الرياضية في البلاد آنذاك، وسمي بالكشافة لأنه ملعب أختص بهذا النشاط الرياضي الكشفي وقد كان يتسع حينها ل 14 ألف متفرج ، وقد تم افتتاحه رسميا في التاسع من شباط من عام 1938 وأقيمت عليه أول مباراة لفريق عراقي مع فريق خارجي حيث ألتقى المنتخب العسكري مع نادي بردى السوري وانتهت المباراة عراقية بستة أهداف مقابل هدفين، كما أحتضن هذا الملعب الطنبوري كما كان يدعى المباراة النهائية لبطولة كأس العرب عام 1966 بين العراق وسوريا في العاشر من نيسان من نفس العام وحضرها جمهور غفير زاد على ال 30 ألف متفرج وكانت برعاية المرحوم الرئيس عبد السلام عارف، وعند تسجيل الفريق العراقي هدف الفوز الثاني نهض الرئيس منفعلاً ومصفقاً والتفت الى العميد فهد جواد الميرة رئيس ألأتحاد العراقي لكرة القدم آنذاك وسأله: متكلي هذا منو اللي سوة الكولين؟ فأجاب الميرة: سيدي هذا كوركيس إسماعيل فأجاب عبد السلام مازحاً: خوش لاعوب ... بس أسمه ما يعجبني. ومن الجدير بالذكر أن المباراة أقيمت مساءً وكانت أول مباراة تقام تحت الأنوار الكاشفة على هذا الملعب.

  

المرحوم عبد السلام عارف يسلم كأس البطولة لمدرب الفريق العراقي السيد عادل بشير

   
 
من اليمين وقوفاً: صاحب خزعل، شامل فليح، حامد فوزي، حسن بله، حسين هاشم، جبار رشك من اليمين جلوساً: نوري ذياب، قاسم محمود(زوية)، شدراك يوسف، هشام عطا عجاج، قيس حميد   
بعد هذا الحضور الجماهيري اللافت والنجاح الذي رافق دورة كأس العرب في بغداد، تم التفكير بأنشاء ملعب أخر يتسع لأكثر من 40 ألف متفرج، وفعلاً أنشئ ملعب الشعب الدولي والذي تبرع به للعراق المستر (كولبنكيان) البرتغالي الجنسية والذي لديه 5% من النفط العراقي وأفتتح بنهاية عام 1966 وأقيمت عليه مباراة افتتاحية بين فريقي المنتخب العراقي وفريق بنفيكا البرتغالي، وضم هذا الفريق تسعة لاعبين من الفريق البرتغالي الذي حصل على المركز الثالث في كأس العالم عام 1966 ومنهم أوزيبو وكولونا وسيمارش وغيرهم وبحضور جماهيري فاق ال 50 ألف متفرج.

   

أوزيبو مع مظفر نوري ومحمود أسد ونوري ذياب أثناء وجوده في بغداد

وبالعودة الى ألأيام الجميلة في عقود الخمسينيات والستينيات وسبعينيات القرن الماضي لألقاء نظرة على واقع الكرة في العراق عموماً وبغداد العاصمة خصوصاً يبرز لنا الاهتمام الذي كان توليه الاتحادات السابقة للعبة من خلال الاستعانة بالخبرة ألأجنبية لتطوير واقع الكرة في القطر فتمت الاستعانة بمدربين من مختلف الجنسيات تركوا بصمات واضحة على مسيرة الكرة وعلى تطوير قدرات اللاعبين واكتشاف مواهب جديدة ومن هؤلاء المدرب السيد يولا المجري والمدرب السيد كوكيزا اليوغسلافي والمدرب الدكتور يوري الروسي والمدرب السيد داني ماكلنن الإنكليزي، إضافة الى المدرب العراقي السيد عادل بشير الذي كان له أبلغ ألأثر في ترك بصماته على المنتخب العراقي لأيام مجيدة في تأريخه.

  
 
المدرب داني ماكلنن ويبدو في الصورة مجبل فرطوس ورياض نوري

  
         المدرب العراقي السيد عادل بشير الرابع من اليمين

وبالعودة الى استعراض الفرق المحلية التي كانت على الساحة الرياضية آنذاك تبرز لدينا فرق عديدة أهمها:
الحرس الملكي: تأسس هذا الفريق عام 1947 وكان يعتبر من أقوى الفرق العراقية ويضم بين صفوفه نخبة ممتازة من خيرة اللاعبين أمثال جميل عباس (جمولي) وعمو بابا وعباس حمادي وفخري محمد سلمان (أبو ليلى) وعلي كريم ولطفي عبد القادر وحمه بشكه وصابر لطيف وإسماعيل مهدي ومحمد مرهون، كما لعب له اللاعب الساحر ناصر جكو ويدرب هذا الفريق المدرب القدير أسماعيل محمد.

   

                     فريق نادي الحرس الملكي

وقد خاض الفريق مباريات كثيرة من تاريخ تأسيسه مع فرق إنكليزية وعربية وإقليمية ولغاية حل فرق النادي المختلفة بعد ثورة 14 تموز 1958 وتوزع لاعبوه بين فرق بغداد الأخرى.
النادي ألآثوري: تأسس هذا النادي في قاعدة الحبانية عام 1955 وأخذ يعبر عن نفسه بعد فترة قصيرة من تأسيسه وكان يضم اللاعبين كاكو كوكيس، جلبرت سامي، أديسون أيشايا، هرمس غابرييل، يوئيل جرجيس، وليم شمشون، سارجس شمشون، يوراث أسحق، عمو سمسم، شمشون جرجس، يورا إيشايا، عمو بابا، أسحق ياكو وكابتن الفريق وهدافه آرام كرم، وتعتبر المباراة التي خاضها هذا الفريق ضد فريق تاج ألأيراني وتوجها بانتصاره عليه (5-3) هي من أروع المباريات التي خاضها فريق عراقي ضد فريق أجنبي.

  

فريق النادي ألآثوري في مباراته مع فريق تاج ألأيراني عام 1956

فريق الفرقة المدرعة الثالثة: كان يلعب لهذا الفريق العملاق كلاً من أنور مراد كحارس للمرمى وجميل عباس (جمولي) وجبار رشك ونوري ذياب ومحمود أسد وشدراك يوسف وكوركيس أسماعيل وشامل فليح وسلمان داوود وطرزان ويلسن وعلي عطية وغيرهم من اللاعبين الأفذاذ.

 

فريق الفرقة المدرعة الثالثة في إحدى مبارياته يتقدمه كابتن الفريق اللاعب جمولي
وقد تبوأ هذا الفريق صدارة الدوري العراقي لسنوات عديدة قبل أن يتم حل الفريق وإرساء الدوري لفرق المؤسسات، علما أن مدربه كان هو المدرب القدير عادل بشير.

   

اللاعب جمولي وحارس مرمى المصلحة محمد ثامر في أحد لقاءات الفريقين في الدوري
فريق مصلحة نقل الركاب: لعب لهذا الفريق ذو السمعة الطيبة والأسلوب الراقي في الملعب كلاً من محمد ثامر لحماية المرمى وكان يلقب بالقط ألأسود لبراعته في التقاط الكرات ومن مختلف الاتجاهات، كما أن زيه الذي يرتديه كان دائماً هو اللون ألأسود، وكذلك لعب للفريق قيصر حميد وقيس حميد ومحمد مجيد وفاضل عبد المجيد ومحمد نجم (الملقب شعيطة) وعصمت السيد والبرت خوشابا، وكان الفريق يرفد المنتخب العراقي بنجوم كبار دافعوا عن ألوان منتخبهم ولفترات طويلة وكان يعتبر مع فريق القوة الجوية الخصمان العنيدان لفريق الفرقة الثالثة، وقد درّب الفريق السيد أسماعيل محمد. ومن أبرز مشجعي الفريق السيد محمد نقش الموظف في مصلحة نقل الركاب إذ كان يحرص على حضور جميع مباريات الفريق مستصحباً معه كيساً كبيراً مليئاً بالبرتقال لتوزيعها على الحكام واللاعبين والجمهور في منظر قل نظيره في الملاعب حالياً.

  

فريق مصلحة نقل الركاب ويبدو الحارس محمد ثامر الأول من اليسار

فريق نادي القوة الجوية: أن فريق القوة الجوية هو من الفرق التي لها باع طويل في لعبة كرة القدم فهو من أوائل الفرق التي تأسست في العراق وقدّم للكرة العراقية لاعبين أفذاذ يشار لهم بالبنان كان أولهم هو اللاعب الأسطوري ناصر جكو، كما نذكر منهم حامد فوزي لحماية الهدف وإحسان بهية وباسل مهدي وقاسم محمود (الملقب بقاسم زوية) وزميله في الهجوم هشام عطا عجاج والذي لقب ب(خنتو العرب) والجناح النفاث لسرعته الخارقة في الملعب وحسن بلة وصاحب خزعل وعمو يوسف ومجبل فرطوس وكاظم شبيب وآرا همبرسوم وحسين هاشم وكثيرون من عمالقة الكرة العراقية، وقد شارك النادي بفعالية حقيقية في تلك الحقب من تأريخ الكرة العراقية وكان أول من درب الفريق هو نائب الضابط (مناتي علي ناصر) بعدها دربه السيد شوقي عبود. وبمرور الزمن تغيرت أسماء الكثير من أندية الكرة في العراق إلا أن نادي القوة الجوية بقي محافظا على أسمه عقود طويلة كمحافظته على سمعته وهيبته وهيمنته على الكرة العراقية عقود عديدة أنجب خلالها النادي لاعبين بارزين كانوا عماداً للمنتخب العراقي لفترات طويلة.

     

 فريق القوة الجوية ويبدو اللاعب هشام عطا عجاج الثاني من اليمين وقوفا وباسل مهدي الرابع وبجانبه صاحب خزعل وحارس المرمى إحسان بهبة جالساً
فريق آليات الشرطة: هو أول فريق عراقي يمثل أندية العراق في بطولة أندية آسيا لكرة القدم التي أقيمت عام 1971 في بانكوك، وقد وصل هذا الفريق الى المباراة النهائية لكنه رفض خوضها لأن غريمه كان فريق يمثل الكيان الصهيوني.

  
 
            ألاعب طارق عزيز صاحب الرأس الذهبية

وقد لعب في صفوف هذا الفريق نجوم كبار نخص بالذكر منهم لطيف شندل وستار خلف في الذود عن المرمى ودكلس عزيز وفانوس ألأسدي وغانم عبد الحميد وشاكر أسماعيل ومنعم حسين وطارق حسين وعصام خليل وطارق عزيز الذي كان يلقب بصاحب الرأس الذهبية وصلاح عبيد واللاعب الكبير عبد كاظم ومظفر نوري وأخيه رياض نوري وبشار رشيد وجاسب شند وهرمز ميخائيل ومجيد علي، وقد ملئت أنتصارات الفريق الساحة الرياضية طيلة عقود من المثابرة والعطاء المتميز لجهود لاعبيه ومدربه السيد محمد نجيب كابان.

    
 
من اليمين وقوفا: لطيف شندل، عبد كاظم، مظفر نوري، باسل مهدي، فانوس ألأسدي، رياض نوري من اليمين جلوسا: عصام خليل، طارق عزيز، دكلس عزيز، جاسب شند، شاكر أسماعيل

نادي السكك الرياضي: من الفرق البغدادية الشهيرة التي ملئت الساحة الكروية بالانتصارات وذات الحضور الجماهيري الكبير تأسس هذا النادي عام 1937 ويعد من ابرز الفرق العراقية ويحظى بقاعدة جماهيرية واسعة كما اسلفنا، وقد ساهم هذا الفريق بعد أعادة تسميته بفريق الزوراء الرياضي في إنجاح الدوري العراقي وذلك من خلال فوزه ببطولته أحد عسر مرة، ومن اللاعبين الذين مثلوا هذا الفريق : جلال عبد الرحمن وكاظم خلف لحماية المرمى وإبراهيم علي ورسن بنيان وحازم جسّام وأخيه أنور جسّام وعلي كاظم واللاعب الأسطورة فلاح حسن وثامر يوسف وعلي حسين بطوش وسعد عبد الحميد وفتاح محمد وحساني علوان، أما مدرب الفريق فهو المدرب القدير جرجيس الياس ثم خلفه في التدريب السيد سعدي صالح.

  
 
         نادي السكك العراقي في سبعينيات القرن الماضي

  
 
صورة أخرى لنادي السكك ومدربه السيد جرجيس الياس والمشرف الأستاذ عامر الحسن السامرائي

      

نادي الزوراء بدلاً عن نادي السكك ويبدو الأول من اليمين عدنان درجال وثامر يوسف وفلاح حسن وحازم جسام وأبراهم علي الأول جلوسا من اليمين ثم الحارس جلال عبد الرحمن
أما على صعيد المحافظات العراقية، فقد كانت مدينة البصرة سباقّة في تأسيس نوادي رياضية تمارس فيها لعبة كرة القدم وأهم هذه النوادي هي نادي الجنوب البصري ونادي ألأتحاد ونادي الميناء والنادي البحري، وقد برز منها نادي الميناء لكرة القدم وهو من أوائل الفرق التي تأسست في العراق حيث تأسس عام 1931 والذي قارع فرق بغداد وأسهم في رفد الكرة العراقية بلاعبين أفذاذ يشار لهم بالبنان ساهموا في رفع مستوى الكرة العراقية لسنين طويلة ولازال عشّاق الكرة يتذكرون أسماؤهم لحد ألآن وهم حارس المرمى قاسم فنجان والمدافعان صبيح عبد علي ورحيم كريم وجنرال خط الوسط هادي أحمد وزميله علاء أحمد والمهاجمان عبد الرزاق أحمد شقيق اللاعب هادي أحمد والمهاجم الرائع جليل حنون هدّاف الدوري العراقي للموسم 1977-1978 واللاعب البارع عادل خضير، وقد حقق فريق نادي الميناء بطولة الدوري العراقي مقتنصاّ أياها من فرق العاصمة بغداد في موسم 1978 وبقي الفريق فترة طويلة من الزمن تحت أدارة المدرب القدير جميل حنون شقيق اللاعب جليل حنون.

  
نادي الميناء ويبدو من لاعبيه علاء أحمد وصبيح عبد علي وجليل حنون وهادي أحمد
مباراة في الذاكرة: خاض المنتخب العراقي مباريات عديدة خلال تأريخه الطويلة، لكن مباريات قليلة منها فقط بقيت محفورة في الذاكرة الرياضية لحد الآن ومن هذه المباريات مباراة المنتخب العسكري العراقي ونظيره المصري عام 1957 والتي ولد فيها نجم العراق ولاعبه الموهوب عموبابا، كما أن مباراة منتخب العراق مع فريق منتخب شنغهاي الصيني هي ألأخرى تعد من أجمل المباريات التي خاضها المنتخب، فقد زار هذا الفريق العراق في شهر كانون ألأول من عام  1966وتجوّل الصينيون في البلاد من شمالها الى جنوبها متبارين مع فرق المحافظات ومحققين الانتصار تلو الانتصار، ففي الحلة فاز الفريق بخماسية وفي الموصل تكرر الفوز بخماسية أيضاً وفي كركوك مني منتخبها بهزيمة ثلاثية وفي البصرة خسر أهل الدار برباعية، وكان المنتخب غائبا آنذاك لمشاركته في دورة معرض طرابلس الدولية والتي حقق فيها المركز الثاني، وعند عودته خاض تلك المباراة التي لا تنسى مع فريق شنغهاي المنتشي بالفوز على جميع الفرق العراقية والتي حسب بعدها أهل الكرة أن لن يقدر عيه أحد، لكن منتخب العراق كان له قول آخر أذ أنتهى الشوط ألأول بتقدم الضيوف بهدف لكن الشوط الثاني شهد انتفاضة المنتخب تؤازره جماهيره التي زحفت لتملأ مدرجات ملعب الكشافة وابتدأت صفوف الفريق العراقي تعزف السمفونية الخالدة التي تركت آثارها في شباك مرمى الضيوف وعلى أديم الملعب وفي ذاكرة الجمهور الكبير وانبرى هشام عطا عجاج ومحمود أسد وكوركيس أسماعيل ونوري ذياب بدك حصون الفريق الضيف لينزلوا به هذه الخسارة التاريخية وليأخذوا بثأر بقية الفرق العراقية، وكما خرجت عناويين صحف الملاعب والرياضي والملعب وهي تعلن أن المنتخب قد ثأر لفرق المحافظات.

  

منتخب العراق وضيفه فريق منتخب شنغهاي الصيني يتقدم الفريق العراقي هشام عطا عجاج

         

لاعبين في الذاكرة: أنجبت الرياضة العراقية الكثير من اللاعبين المبدعين لكن القليل منهم فقط من ترك بصماته على أديم الملاعب وبقيت إنجازاتهم محفورة في ذاكرة الجمهور الرياضي بعد أن حققوا أروع ألأثر وأدخلوا الفرحة والسعادة في قلوب ومحبي الكرة العراقية ورفعوا أسم بلدهم عاليا في المحافل الدولية وأصبحوا بحق من أساطير الكرة العراقية، ومن هؤلاء:
اللاعب ناصر جكو: يعتبر ناصر يعقوب جكو من أشهر وأروع لاعبي زمانه، ولد هذا البطل عام 1917 في محلة العمّار الشعبية في منطقة العبخانة والقريبة من منطقة السنك، وبرع هذا اللاعب الفنان في تسجيل الأهداف ومن مختلف الزوايا والحالات واتسعت شهرته ليصبح بعد ذلك لاعباً في فريق القوة الجوية قادما من الحرس الملكي ويمضي معه زمناً طويلاً، كما أشتهر بتسجيل الأهداف واللعب الهجومي ولم يترك أية مباراة دون أن يضع بصمته فيها من خلال تسجيله هدفاً أو أكثر، وعاصر لاعبين كبار منهم لطفي عبد القادر وعمو بابا وفخري محمد سلمان وعباس حمادي وهادي عباس

  

وجميل عباس وعادل عبد الله وحمه بشكه وعلي كريم وإبراهيم حيدر وغازي أحمد ورؤوف شبيب وغيرهم. وقد أرتقى بنفسه من نطاق اللاعب المحلي والعادي الى نطاق اللاعب العبقري ففرض نفسه على التأريخ الكروي العراقي حتى أصبح ضاهرة بارزة في كرة القدم العراقية وامتد عصره في الفن والأبداع عبر ثلاثة عقود حتى وصفه الناقد الرياضي الكبير أبراهيم إسماعيل ب (الأسطورة الرياضية الخالدة).

                           

                    اللاعب الساحر ناصر جكو

والذين لم يشاهدوا أو يدركوا المهاجم الأسطورة ناصر جكو فبوسعهم أن يتصوروا وبمقارنة بسيطة أن مكانته في كرة القدم العراقية هي كمكانة (مارادونا) في كرة القدم ألأرجنتينية وهي كمكانة (رونالدو) في كرة القدم البرازيلية.
ومن المباريات التي لا ينسى تأريخها هي التي خاضها ناصر جكو مع المنتخب العراقي عام 1951 ضد المنتخب التركي والتي خسرها الفريق العراقي بنتيجة (7-5) لصالح الأتراك، ألا أن ما قدمه ناصر جكو في هذه المباراة بقي خالداً ومحفوراً في الذاكرة الى جانب الهداف آرام كرم الذي سجّل ثلاثة من أهداف المنتخب الخمسة. لقد كان ناصر جكو نجم اللقاءات التقليدية كذلك بين فريقي القوة الجوية والحرس الملكي، تفرغ بعد ذلك للتدريب عام 1958 وقاد فريق الأمانة للفوز بالدوري والكأس، وأعتزل العمل الرياضي عام 1963.

        
عمو بابا: ولد عمانؤيل بابا داود في بغداد بتاريخ السابع والعشرين من كانون الأول من عام 1934 وناداه أقرانه بالمختصر (عموبابا) وأصبح هو أسم شهرته وأطلقه عليه المعلق الرياضي إسماعيل محمد أثناء تعليقه الإذاعي على المباراة التاريخية بين الجيشين العراقي والمصري عام 1955، أكتشفه خبير الكرة أسماعيل محمد وضمّه لمنتخب العراق المدرسي المشارك بالدورة المدرسية العربية الثانية بالقاهرة عام 1951، وأنتقل من الحبانية الى بغداد وأنضم لفريق الحرس الملكي عام 1954، وفي الموسم الرياضي 1957-1958 ظهر في صفوف القوة الجوية ولعب كذلك لفرق مصلحة نقل الركاب والكلية العسكرية والنادي ألآثوري.
يعتبر عموبابا من أشهر وأعظم لاعبي زمانه وهدّاف العراق الأول والمهاجم الظاهرة في كرة القدم العراقية في العقدين الخامس والسادس من القرن العشرين، شكّل ثنائيا متميزاً مع زميله يورا إيشايا أستاذ المراوغة في المتر المربع الواحد، كما هو الحال مع هادي أحمد وكاظم لعيبي وفخري محمد سلمان (أبو ليلى) وألبرت خوشابا وسلمان داود.

                            

  اللاعب يورا إيشايا شكّل مع عموبابا ثنائيا أرعب جميع الفرق

يعتبر عموبابا صاحب أول هدف دولي لمنتخب العراق في عام 1957، سجله في شباك منتخب المغرب أثناء بطولة كأس العرب الثانية، أعتزل اللعب مبكراً في عام 1965 نتيجة تعرضه لإصابة بالغة في مباراة المنتخب العراقي مع نظيره اليماني خلال مباريات الدورة العربية التي أقيمت بالقاهرة في نفس العام.

   
 
المنتخب العراقي المشارك بالدورة العربية في القاهرة ويبدو وقوفاً من اليمين: حامد فوزي وحسن بله وجبار رشك والممثل المصري أسماعيل ياسين وشامل طبرة وأنور مراد وكوركيس أسماعيل والحكم الدولي فهمي القيماقجي والجلوس من اليمين: محمد ثامر وألبرت خوشابا ثم محمـــد مجيد
توجه نحو التدريب منذ العام 1966 مع نادي المواصلات ثم المنتخب العسكري وقاده للحصول على كأس العالم العسكري لعامي 1972 و1977.

   

المنتخب العسكري العراقي الفائز ببطولة العالم العسكرية عام 1972

تسلم مهمة تدريب منتخب العراق عام 1979 وفاز الفريق بتلك السنة بكأس الخليج العربي التي أقيمت في بغداد، ثم لعامي 1982 و1984 والوصول الى نهائيات الألعاب الأولمبية ثلاث مرات للأعوام 1980 و1984 و1988 والى أحراز كأس العرب وذهبية الألعاب ألأسيوية، وكان أكبر إنجاز له هو قيادة منتخب العراق الى نهائيات كأس العالم في المكسيك في عام 1986، حتى أختير مدرب القرن في الأستفتاء الذي نظمته نقابة الصحفيين العراقية.

  

عموبابا يقود المنتخب العراقي في إحدى مبارياته وبجانبه مساعده حازم جسّام

تفاقم عليه مرض السكري الذي أصيب به وتوفي رحمه الله في إحدى مستشفيات مدينة أربيل في عام 2009 وشيّع تشييعاً مهيباً يليق بمكانته في قلوب الشعب العراقي، تاركا وراءه هذا الرصيد الثر من الشهرة والتأريخ المجيد.

                    

        عموبابا في حديقة منزله في بغداد في سنين عمره الأخيرة

  

عموبابا في صورة تمثله مع اللاعب الهنغاري بوشكاش خلال دورة تدريبة له

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

953 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع