صفحات منسية عن ٩ شعراء عراقيين يهود

  

شاعر يهودي عراقي يشارك في مبايعة الشاعر احمد شوقي كأمير للشعراء

ايلاف/سامر مراد:ونحن نقرأ كتاب "شعراء يهود عراقيون" تأليف الشاعر والباحث عدنان جمعة، يبدو لنا بجلاء الجهد الكبيرالذي بذله المؤلف في البحث والاستقصاء والاستنتاج، ونجد أن سبعة من الشعراء التسعة الذين تناولهم الكتاب قد نشروا دواوين شعرية في العراق قبل رحيلهم عنه، أما الشاعران الآخران وهما جاد بن مئير الذي يقيم في أستراليا حاليا، وروني سميك الذي يعيش في أسرائيل، قد كتبا الشعر وهما خارج العراق، وطبعا دواوينهما خارجه أيضا.

ويبدو أن المؤلف قد انتبه إلى أنه من الأمانة إنصاف هؤلاء الشعراء، الذي كتبوا قصائد حب وحنين للعراق، ولكن الزمن أسدل غبار النسيان على اغلبهم، ولم يعودوا معروفين كشعراء بما يتناسب مع إبداعهم الشعري، سواء داخل العراق أو خارجه.

تصدرت هذا الكاتب الذي صدر بـ 160 صفحة من القطع المتوسط، عن منشورات المتن في بغداد، مقدمة بقلم الشاعر والكاتب قاسم محمد مجيد الساعدي تحدث فيها بإيجاز عن أهمية وطبيعة الكتاب بشكل عام مشيداً بجهود المؤلف، وشاكراً إياه " بحجم الجهد المضني والليالي التي سهر من اجلها ليكون الكتاب بيد القارئ ويتعرف على شعراء يهود عراقيين... كانت السياسة قد اقتلعتهم من جذورهم بقوة وبلا رحمة".
نقرأ في الكتاب صفحات منسية عن الشعراء الذين تناولهم، والذين كان أكبرهم سناً، هو الشاعر والباحث والاقتصادي مير شاؤول بصري، الذي توفي عام 2005 عن 94 عاما، وكان والده تاجراً للقماش في بغداد ووالدته من عائلة (دنكور) التي ينتمي لها أكبر حاخامات يهود العراق. وكان احد شخصياتها (عمه) الذي كان يشغل منصب رئيس المحكمة الشرعية ببغداد عام 1848.
وكان مير بصري كما يخبرنا المؤلف قد درس في مدرستي التعاون والأليانس في بغداد، ولازم (الأب أنستانس الكرملي) و (الدكتور مصطفى جواد) حيث أخذ عنهما اللغة العربية، كما درس تاريخ العراق على يد (عباس العزاوي) والعروض على يد (الشاعر محمود الملاح)، وشغل بعد دراسته الاقتصاد في جامعة بغداد وتخرجه منها العديد من المناصب في العراق منها منصب رئيس غرفة تجارة بغداد في عام 1943 ومنصب مدير عام في وزارة الخارجية العراقية. ثم أنصرف للآعمال الحرة ولكتابة الأدب والتأريخ وعمل محررا وباحثا في الصحافة العراقية، وقد صدرت له كتب عديدة في الشعر والاقتصاد والأدب منها (الحرية 1928) و(مباحث في الاقتصاد العراقي 1948) و (رجال وظلال 1955) و(رسالة الأديب العربي 1969) و (أعلام اليقظة الفكرية في العراق الحديث 1983 ) و ( أعلام السياسة في العراق الحديث 1987) و ( أعلام الكرد 1991) و ( أغاني الحب والخلود 1991) و( أعلام الأدب العراقي الحديث في جزئين 1994)
ويشير المؤلف إلى أن بصري كان قد بدأ نظم الشعر بالعبرية والفرنسية ثم تركهما إلى العربية، و أنه كان متأثرا في أسلوبه بأبي فراس الحمداني وأبي نواس من القدماء، وبالبارودي وإسماعيل صبري وإيليا أبو ماضي وميخائيل نعيمة وجبران خليل جبران فضلا عن الزيات والمنفلوطي وطه حسين من المعاصرين.
وإذا ما عدنا إلى الحديث عن شعراء الكتاب وفق التسلسل الذي اتبعه المؤلف، سنجد أن الشاعر إبراهيم عوبديا الذي توفي عام 2007 عن 83 عاما، لم يتوقف عند إصدار 12 ديوانا شعريا، بل أصدر كتبا أخرى منها "أغنيات عراقية – من الغناء الشعبي العراقي الحديث" عام 1994، و "في ميدان الأدب العربي، أدباء وشعراء" عام 1999، و "في دنيا المقامات والغناء العراقي" عام 1999، و "أنا والشعر 60 عاما" عام 2003.
وبالانتقال إلى الشاعر مراد ميخائيل الذي رحل عام 1986 عن 80 عاما، نجد أن أهم ما يذكره المؤلف عنه كونه قد شارك بمهرجان مع الشعراء والأدباء العرب في مبايعة الشاعر احمد شوقي كأمير للشعراء مع كل من: معروف الرصافي، جواد علي، رفائيل بطي، عبد الكريم العلاف، جميل صدقي الزهاوي، محمد مهدي الجواهري، احمد حامد الصراف، وعبد الرحمن البنا. وكان عنوان القصيدة التي شارك فيها "نحن الشعراء"، و لم يعترض عليها معترض من الشعراء كقصيدة نثر وقتذاك.
أما الشاعر أنور شاؤول المتوفي عام 1984 عن 80 عاما، فكان قد ولد في محلة (الكَلج) بمدينة الحلة واشتغل معلما، ثم انتقل إلى بغداد واشتغل معلما في المدارس الأهلية ودخل كلية الحقوق العراقية وتخرج منها سنة 1931.
أصدر ديوانين شعريين هما: "همسات الزمن" 1956، و "فجر جديد" 1983. كما أصدر مجموعات قصصية هي: "الحصاد الأول" 1930، "أربع قصص صحية" 1935، "قصص من الغرب" 1937، "في زحام المدينة" 1955، "قصة حياتي في بلاد الرافدين" 1980.
ومن الأعمال الأخرى التي أنجزها شاؤول مسرحية مترجمة تأليف وليم تل 1932، قصة "عليا وعصام" 1948 التي تحولت إلى فيلم سينمائي فيما بعد، "الطباعة وفنونها" 1967، "قصة حياتي في وادي الرافدين" 1980.
ولدى التحدث عن الشاعر جاد بن مئير يخبرنا المؤلف انه هاجر عام 1950، ودرس المحاماة في الجامعة العبرية في أورشليم عام 1955 ونال إجازة المرافعة عام 1957 ثم عمل في القسم العربي للنقابة العامة للعمال في إسرائيل وحرر مجلة التعاون الشهرية فيها.
هاجر جاد بن مئير عام 1968 مع زوجته وأولاده إلى استراليا ومارس التجارة، ثم المحاماة، بعد التحاقه بجامعة (موناش) وحصوله على إجازة محامٍ ومرافع في محاكم مقاطعة فكتوريا عام 1979.
وكان بن مئير قد شغف منذ نعومة أظفاره بحب الشعــــر العربي وخاصة عندما كان طالبا في مدرسة شماش الثانوية في بغداد حيث قرأ أشعار ( الرصافــــي والزهـــاوي وأحمد شوقي وإبراهيم ناجي وأحمد رامي ) بالإضافة إلى كبار شعراء العصر الذهبي العباسي كالمعري والمتنبي وأبو فراس الحمداني وغيرهم ممن ألهموا شغفه بالأوزان والقافية والموسيقى الشعرية في اللغة العربية الشاعرة.
صدرت له الدوواين التالية : "يا طيور الأنس" 2004، "يا منال يا منالي" أغنيات باللهجة المصرية القاهرية 2004، "حوار القلوب" 2007.
ويتحدث المؤلف بعد ذلك عن الشاعر شموئيل موريه الذي توفي عام 2017 عن 85 عاما، فيتطرق إلى إصداره 35 كتاباً باللغات العربية والإنجليزية والعبرية، إضافة إلى تحقيق الكتب وإعداد التراجم، حيث بلغت 35 كتاباً بهذه اللغات، وكذلك المئات من المقالات والدراسات ومقدمات الكتب التي نشرت في المجلات والصحف وفي المواقع الإلكترونية، يعتبر الأستاذ موريه واحداً من ابرز وألمع الكتاب اليهود الإسرائيليين عموماً والذين نشروا بالعربية والعبرية والإنجليزية، وخاصة في مجال الأدب والمسرح العربي، بشكل خاص، وأبرز كتاباته في ما يخص العراق يواجهنا كتاب يهود العراق (بالعربية)، والفرهود (بالإنجليزية)، وبغداد حبيبتي (بالعربية) وتحقيق كتاب الجبرتي (بالعربية).
ويذكر أن موريه ساهم بدور بارز ومتميز في تشكيل وإدامة عمل رابطة الجامعيين اليهود النازحين من العراق وأصبح رئيسها الفعلي.
ولدى تناوله الشاعر فريد فنان، يخبرنا المؤلف عدنان جمعة انه اضطر إلى مغادرة مسقط رأسه مدينة البصرة عام 1951 عندما كان في العشرين، وإنه قمة في التألق، فبعد ستين عاما من سبات عميق فرضه الواقع الجديد والحاجة الملحة لتوفير المعيشة، رجع فريد إلى الشعر الذي كان دائما هوايته.
وحول اسم العائلة “فنان”، الذي يعتبر غريبا بالمقارنة مع أسماء يهود الشتات، ينقل لنا ذلك رد فريد الذي يقول: ((كان والدي مديرا للبرق والبريد في البصرة. وكان مكتبه يحمل اسم “المكتب الفنّي”، ولذلك تحوّل لقب الوالد إلى “فنِّي”)). ومع قدوم عائلته إلى إسرائيل أمسى اللقب أسم العائلة، عِلما أنّ الاسم الأصلي للعائلة هو “يحسقيل”، الذي يُعتبر أسماً شائعاً لدى يهود الشتات العراقي.
ثم ينتقل بنا المؤلف إلى الحديث عن الشاعر مراد العماري الذي توفي عام 2012 عن 80 عاما، فيكشف لنا أن عائلته سميت نسبة إلى مسقط رأسه في مدينة العمارة، لوالده عبد الله مقهى تساعده فيها أمه مسعودة، وقد انتفع كثيرا من وجود مجلَّد لتجليد الكتب والصحف بقرب المقهى، وبهذا تيسر له وهو في الحادية عشرة من عمره أن يقرأ الوقائع العراقية ويطلع على التعيينات والقوانين التي يشرعها البرلمان العراقي، ما أغنى معلوماته السياسية بصورة رائعة.
ويشير بعد ذلك إلى أن العماري قد عمل في صحف عراقية مثل "الشعب" التي كان يديرها يحيى قاسم، وعمل في "التايمز" العراقية الصادرة باللغة الانكليزية، واشرف على تحرير مجلة "الرابطة" التي كانت تصدرها جمعية الرابطة التي يرأسها عبد الفتاح إبراهيم، وفي عام 1946 انضم العماري إلى الحزب الوطني الديمقراطي، وعمل في صحيفة "الأهالي" التي كان يكتب فيها مقالاته الافتتاحية باسم مستعار هو"م"..
ويستشهد بقول د. موريه: إن "ذكريات العماري تعبر عن نشاطه الصحفي والأدبي الجم، وان مختارات شعره منظومة بأسلوب عربي جزل وقافية يتشوف لها المعنى غير مقحمة أو قلقة، وموسيقى تذكرنا بكبار شعراء العراق في الأربعينيات من القرن الماضي."
أما الشاعر الأخير الذي يتحدث عنه مؤلف الكتاب الشاعر والباحث عدنان جمعة، فهو روني سميك الذي ولد 1951، وهاجر مع والديه عندما كن عمره 18 شهراً، وهو لا يزال يملك شهادة الميلاد التي أصدرتها له الحكومة العراقية، وجواز السفر الذي تلقاه والداه حين غادرا العراق.
نشر (10) دوواين منها (صولو) 1970، "سبعة سطور عن معجزة نهر اليرقون"، "زر الضحك" عام 1998، "حزب الحليب"، 2005، "الجزائر" 2008. قام عام 1997 بتسجيل ألبوم "انتقام الطفل المتلعثم"، في نيويورك، و"خط الفقر" في فيينا، مع موسيقار الجاز إليوت شارب. وفي 2001 ظهر الألبوم الثالث "مختصر تاريخ الفودكا". ترجمت قصائده إلى 39 لغة، منها العربية، حيث قام الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم بترجمة ديوانه "ياسمين"، وصدر عن دار الكرامة.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

945 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع