الرواية العراقية.. نماذج ابداعية متقدمة لكنها تحتاج الى التسويق

                    

بغداد/ ايلاف:تعيش الرواية العراقية اجمل سنوات عمرها حتى ان الكثير من الادباء يعدّوها (ديوان العرب) بعد ان كان الشعر هو صاحب هذه الصفة ،خاصة بعد الاقبال من قبل جمهور القراء على قراءة النتاجات الروائية ،ومن الطريف ان يحتفل الروائيون العراقيون بالانجازات التي حققها النجاح الكبير للرواية العراقية خلال السنوات الاخيرة وتقدميمها نماذج ابداعية متقدمة واحرازها لجوائز عديدة على مستويات عربية وعالمية، لكن الذي يتوقف الروائيون العراقيون ازاءه هو التسويق الذي يعدونه مشكلة حقيقية ،وبؤشرون العديد من الاسباب وراء ذلك ،وقد اعرب روائيون عراقيون التقتهم (ايلاف) ان التسويق هو المحنة التي يعاني منها الروائي العراقي حيث ان النتاج الروائي لا يصل الى المحافظات العراقية ولا يصل نتاج المحافظات الى بغداد الا نادرا وبنسخ قليلة جدا بسبب غياب المؤسسة الرسمية الناشرة .

شوقي كريم : التسويق محنة الروائي العراقي
فقد اكد الروائي شوقي كريم حسن ان محنة التسويق هي ما يعاني منه الروائي العراقي، وقال : قدمت الرواية العراقية فيما بعد التغيير (2003) حتى اليوم مايمكن ان نسميه الثورة السردية العراقية اذ تجاوز عدد الروايات الصادرة ٦٥٠ رواية.. وان اخضعناها للمجسات النقدية سواء على مستوى التلقي العام او الخاص واعني النقدية العراقية والعربية. لسوف نجد ان المحذوف منها كثير لكن الراسخ المتمكن الذي يتوافر على المقومات الابداعية السردية يساوي ضعفي ما قدمته الرواية العراقية منذ سليمان فيضي والرواية الاستيقاضية حتى سنة التغيير، واستطاع هذا النوع ان يقدم نماذج روائية اثارت جدلا نقديا في الداخل والخارج، ونوهت الى النهضة الروائية، هذا غير كمية الجوائز التي حصل عليها كتاب عراقيون وهي بعددها تساوي اربعة اضعاف ما حصل عليه الادب العراقي مجتمعا منذ ١٩١٧ حتى ساعة التغيير.
واضاف : لكن المحنة التي يعيشها المبدع العراقي كبيرة ، اذ غابت المؤسسة الناشرة ومعها غاب المسوق الذي يمكنه تخطي الاطر السياسية وموانعها من اجل ايصال المطبوع الى عموم الوطن العربي والعالم، هناك قاريء يريد الاكتشاف لكن عجزنا عن بناء مؤسسة تسويقية مثلما كانت علية الدار الوطنية ، ومثلما موجود في الكثير من بلدان العالم جعلنا نستكين الى ما نحن عليه.
وتابع : المحزن حقا، أن تلك الروايات لاتصل الى محافظاتنا كافة تصور الرواية التي تصدر في البصرة مثلا لاتجد لها سوقا في الرمادي او صلاح الدين، والتي تصدر في الموصل لاتصل الى الناصرية الا بنسخ محدودة وبجهود الكاتب الشخصية، وتحت باب الاهداءات. حاول بعض الكتاب استغلال معارض الكتاب في بلدان محددة للتسويق الفردي لكن تلك المحاولات تظل فردية لاتمثل الكم المسكوت عنه تسويقيا، ويمكن ان تعرف وتسوق الرديء الذي لايمثل الجديد المبتكر الخالص الجمال. ولهذا يجب ان نجد خلاصا.. نجد منافذ عابرة لوجع السياسة.. والا ستخبو هذه الثورة السردية وتموت بعد سنوات في مهدها.
علي بدر : الرواية طبقات
لكن الروائي علي بدر له رأي مخالف ، فقد قال :للرواية العراقية تسويقها جيد جدا، ودور النشر العراقية في تصاعد مستمر، ولكن من الطبيعي هناك تفاوت بين روايات وروايات، حسب الأهمية، والمكانة والزمن واشياء أخرى كثيرة.
واضاف : الروايات العراقية الجيدة، تباع منها بالآلاف، بابا سارتر في طبعتها الحادية عشرة، أليس هذا تسويق، و لا وجود لطبع مئة نسخة ،لان 500 نسخة و100 نسخة نفس الشيء، ثم ان المطابع لا تطبع 100 نسخة ،هذه اساطير .
وتابع : الكل تطبع في بيروت ...وبيروت فيها موزعون اذا عرفوا ان العمل جيد يذهبون بأنفسهم للمطبعة، ولكن قل لي من هذه الرواية العظيمة التي لم تسوق ولم تر النور؟ كلهم يطبعون في بيروت لا وجود لطبع في العراق، وانا شايف كتبهم في بيروت ..، بعض كتبهم الجيدة تسوقت بشكل ممتاز ..، سوقت دار الرافدين لرواية مقتل بائع الكتب بشكل جيد وباع منها اكثر من 3 آلاف نسخة
وختم بالقول : عندك روائيون (ماخذين) العالم العربي طولا وعرضا، الرواية طبقات مثل كل شي بالكون ...والشكوى من التسويق بضاعة قديمة....والعالم العربي لا اهمية له بمقدار العراق...والذي لا ينتجح ببلده لن ينجح في اي بلد آخر
سعد محمد رحيم :مشكلة التسويق مزمنة
اما الروائي سعد محمد رحيم فيرى المشكلة في عدم وجود مؤسسة حكومية للتوزيع، وقال: مشكلة تسويق الكتاب العراقي، والرواية العراقية تحديداً، مزمنة، بدأت منذ التسعينيات، ولا زالت تتفاقم.. والأطراف المسؤولة عنها متعددة.. لم تعد هناك مؤسسة حكومية للتوزيع كما في زمن النظام السابق، ولا أظن أن في بال الحكومة الحالية مثل هذا المشروع لغياب رؤية للدولة بصدد الكتاب ودور الثقافة والأدب في الحياة العامة.. كما أن القطاع الخاص ضعيف، ولا يوجد جزء منه مهتم بالإنتاج الثقافي لأنه لا يدر أرباحاً مقنعة.
واضاف: تبقى دور النشر نفسها التي تساهم في صناعة الكتاب حيث راحت تؤدي وظيفة التوزيع وإن بنطاق ضيّق، وفي الآونة الأخيرة نجحت هذه الدور نسبياً في جذب القارئ العراقي والعربي للكتاب العراقي، ولاسيما الرواية بعد بروز أسماء لافتة وحصول الروائيين العراقيين على جوائز عربية واهتمام الإعلام العربي بذلك.. وهذا عامل مشجع لتكوين مؤسسة خاصة بالتوزيع والترويج. وبطبيعة الحال تكون المؤسسة هذه بحاجة إلى إستراتيجية عمل واضحة تبدأ من التنسيق مع دور النشر، ومن ثم الإعلان عن الكتاب بطرق مبتكرة من خلال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، واستخدام تقنيات الإعلان الحديثة للفت انتباه الجمهور. وإيصال الكتاب عبر المعارض المتنقلة والدائمية إلى أكبر عدد من الناس. ويمكن التعاون أيضاً بهذا الخصوص مع وزارتي التربية والتعليم العالي باعتبار أنهما مؤسستان تعليميتان لابد من أن تهتما بالثقافة وتحويان الشريحة المحتملة الأكبر التي يمكن، أو يجب أن تقرأ.
وتابع : تزدهر قراءة الروايات على نحو أفضل إذا ما وجدت برامج ثقافية مثيرة على القنوات الفضائية وفي الإذاعات فضلا عن العروض في الصحف والمجلات التي تقدم الأعمال الروائية بطرق سهلة وجذابة.. فبعد سنوات عجاف باتت الرواية العراقية مقروءة الآن أفضل مما كان خلال العقود الثلاثة السابقة، وعقلية تجارية ذكية يمكنها استثمار هذه الظاهرة بفعالية تجني منها الربح، وتحقق تسويقاً جيداً للروايات سواء في داخل العراق أو خارجه.. وتكون الحصيلة أعظم من ناحية الانتشار والترويج إذا ما وجدت صناعة دراما وسينما عراقية متقدمة تعتمد الأعمال السردية العراقية. وهنا نواجه مشكلة أخرى للأسف وهي تخلف هذه الصناعة ومحدودية إمكانياتها.
عبد الرضا الحميد : : غياب المسوق الوطني
من جانبه اكد القاص والروائي عبد الرضا الحميد غياب المسوق الوطني ، وقال اتفق تماما مع المقولة القائلة (الرواية العراقية.. تقدم نماذج ابداعية متقدمة لكنها تحتاج الى التسويق ) ولكني لا اقصر فضاءها على الرواية العراقية فقط بل على عموم الابداع العراقي، الشعر، المسرح، التشكيل، القصة، واسباب ذلك عدة منها: غياب المسوق الوطني الذي يعنى بالابداع العراقي اكثر من عنايته بما يدره هذا الابداع من مدخولات مالية عليه، والخشية، في بعض البلدان والعربية منها بخاصة، من الابداع العراقي عموما، لانه حصان جامح على مر تاريخه، لا يمكث في منطقة ابداعية الا ليجترح منطقة اخرى له مغايرة ومختلفة ومجددة ومدهشة.
واضاف : التسويق في العديد من النماذج العراقية يعتمد على امرين، الاشاعة والجهد الشخصي، واعني بالاشاعة تطوع مؤسسات او اشخاص لترويج نموذج معين بدواع ايديولوجية او مقاربة للآخر لاسباب متعددة وكثيرة لعل بعضها يدخل في دوامة السياسة، واعني بالجهد الشخصي جهد المبدع ذاته عندما يحول نفسه الى مؤسسة تسويقية لابداعه، وعندنا اسماء كثيرة في هذا المنحى.
وتابع : ومن الاسباب الاخرى ..شيوع الغث من المنتج الروائي العراقي بعد العام 2003 اسقط ظلاله على المنتج الروائي المتميز ، وكذلك الاغراق في المحلية العراقية وقف حائلا دون انتشار بعض الروايات العراقية المتميزة، فضلا عن ان الروائيين العراقيين في معظم وقائعهم حالات انانية متنافرة متضادة غيورة وتكاد تكون عدائية، على العكس تماما من الروائيين المصريين الذين يحتفون باي منجز فردي.
وختم بالقول : المؤسسة الاعلامية قاصرة عن مواكبة الانتاج الروائي العراقي بل ربما غير معنية به، ومن كان منها معنيا به فانه غير منتشر في البلدان الاخرى، اذ لاتوجد مؤسسة اعلامية عراقية دولية حققت حضورا في العالم حتى الان.

علي لفتة سعيد :نحتاج الى قرار
فيما اكد القاص والروائي علي لفتة سعيد توزيع الكتاب يحتاج الى قرار من مجلس النواب فتح الطريق امام خروج الكتاب العراقي ، وقال: لا يمكن عد الرواية العراقية على انها رواية ساكنة او انها تلاحق الواقع الذي يمر به العراق.. بل هي تقدم نماذج مختلفة باختلاف عدد كتابها ومبدعيها.. حتى لكأن العراق مثلما هو بل الشعر سيكون هو بلد السرد ان لم يكن هو الاول عربيا من خلال عدد الاصدارات التي شهدها العراق بعد عام 2003 والتي كشفت ليس فقط عن ثورة في اصدارات السرد لكتاب معروفين بل كشفت عن ولادات جديدة لجيل شاب من الروائيين بينهم كاتبات عراقيات حققن حضورا على المستوى التلقي.
واضاف : ان الرواية العراقية تتقدم النماذج الروائية العربية لكنها بكل تأكيد تحتاج الى عملية تسويق علمية وليست اعتباطية يقوم بها المؤلف ذاته او بعض دور النشر التي تهتم بتوزيع الكتاب فيما اغلبية الدور لا يهمها من التسويق شيئا سوى انها تحصل على المال وتطبع الكتاب وكأن أمر التوزيع ليس من مسؤوليتها.
وتابع : ان توزيع الكتاب يحتاج الى قرار من مجلس النواب فتح الطريق امام خروج الكتاب العراقي اولا ومن ثم إعادة الدار الوطنية للتوزيع لعملها ونشاطها واجبار طور النشر على ممارسة عملها بتوزيع الكتاب وتسويقه الى الخارج والقيام بتوقيع عقد شراكة مع دور نشر عربية لها مكتبات معروفة ونشاطات تجارية من أجل ممارسة المثل في توزيع الكتاب.
محمد جبير : نعم .. التسويق مشكلة حقيقية
الى ذلك اكد الناقد الادبي محمد جبير ان تسويق الرواية العراقية مشكلة حقيقية، وقال :قدمت الرواية العراقية ولازالت تقدم نماذج متميزة في الكتابة السردية الابداعية تؤشر الى تطور نوعي مميز على صعيد الانتاج الابداعي العربي ، لكن المشكلة الحقيقية التي تقف امام تعرف المتلقي العربي على المشاريع الابداعية السردية هو التسويق للكتاب الروائي او القصصي او الابداعي وذلك جراء الحظر المفروض على الكتاب العراقي منذ ايام الحصار التي فرضت على العراق في تسعينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا .
واضاف: فقد انتج العقل السردي العراقي اعمال متميزة على المستوى المحلي او العربي وتقدمت في المحافل الابداعية العربية مثل كتارا والبوكر ونجيب محفوظ والطيب صالح وكانت تلك المشاركات علامات بارزة لاسيما مقتل بائع الكتب لسعد محمد رحيم وخاتون بغداد لشاكر نوري واعمال اخرى لحميد الربيعي ورغد السهيل وعلي لفته سعيد وعلاء مشذوب وحامد فاضل وزيد الشهيد وحسين محمد رشيد فضلا عن اعمل عبد الخالق الركابي وطه حامد الشبيب ولطفية الدليمي ووارد بدر السالم ومحمد حياوي وعباس لطيف وخضير الزيدي واسماء اخرى كثيرة .
وختم بالقول : اليوم العراق هو بلد الانتاج الروائي المميز بحق.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

905 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع