حياة الرايس تحمّل المثقف جانبا من مسؤولية انتشار الفكر المتطرف

       

      مساحة الحرية في تونس أصبحت مضمونة بعد الثورة

الأديبة حياة الرايس تؤكد أن الكاتب التونسي يعاني أزمة بسبب عدم وجود سياسة لصناعة الكتاب التي تعتبر جزءاً من الصناعات الثقافية.

العرب/تونس- حملت رئيس رابطة الكاتبات التونسيات، الأديبة حياة الرايس، مثقف بلادها جزءاً من المسؤولية عن انتشار الفكر المتطرف، محليا، وشددت في الوقت نفسه على أن مساحة الحرية في تونس أصبحت مضمونة بعد الثورة، التي أطاحت بالرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي (1987-2011).

وقالت الرايس، إن "للمثقف مسؤولية كبرى في عدم مقاومة هذه الآفة (موجة التطرف الديني)، التي اجتاحت عقول بعض الشباب التونسي بعد ثورة 2011".

وأوضحت أن "المثقف يبدو أنه لم يستطع أن يقترب من الفئات الشعبية، ولم يتغلغل أكثر في الخلايا الاجتماعية بمختلف شرائحها، حيث بقي دوره نخبوياً، ولم يستطع أن يؤثر في الشباب كما يجب".

واعتبرت الرايس، التي تعيش في عقدها السادس، أن "موجة التطرف ليست جديدة، وإنما كانت خامدة، مثل الخلايا النائمة، واستفاقت بعد الثورة، في ظل الفوضى التي عاشتها البلاد آنذاك، ولا بد من معالجة هذا الوباء عبر توعية وتثقيف الأجيال الجديدة".

ومنذ مايو 2011 شهدت تونس أعمالاً إرهابية تصاعدت منذ 2013، مخلفة عشرات القتلى في صفوف عناصر الجيش والشرطة والمدنيين والسائحين الأجانب.

واتهمت وزارة الداخلية التونسية في هذه الهجمات كتيبة عقبة بن نافع، التابعة لتنظيم والقاعدة، وجند الخلافة المنتسبة لتنظيم داعش.


أزمة الكتاب التونسي

وقالت الأديبة التونسية إن "عجز المثقف عن القيام بدوره تجاه موجة التطرف صاحبته أزمة أخرى مست الكتاب التونسي، عبر تعطل التوزيع".

وأوضحت أن الكتاب في تونس يعاني أزمة تتمثل أولاً في التوزيع والترويج إلى الخارج، فالكتاب التونسي لا يوزع في العالم بالصفة التي تليق به كنص أدبي ذي قيمة، ما يجعله حبيس المحلية. وشددت الرايس على أن سوق الكتب في تونس لن تنتعش في ظل عدم وجود استراتيجية ترويجية.

وفي سياق حديثها قالت إن الأزمة تتمثل أيضاً في "عدم وجود سياسة لصناعة الكتاب، التي تعتبر جزءاً من الصناعات الثقافية.. وما زالت السوق المحلية صغيرة بالنسبة للكتاب التونسي".

وانتقدت الرايس وزارة الشؤون الثقافية مؤكدة أنها لا تقدم الدعم الى الكُتاب التونسيين إلا باقتنائها بعض النسخ من دور النشر، كما أنها لا تمنحهم عطلة تفرغ، مما يجعلهم مُقلين في إنتاجهم"

وقالت إن "الوزارة تقدم الدعم في الورق إلى دور النشر فقط، ما يعني أن الكاتب في تونس يكتب ويوزع ويقوم بالدعاية الإعلامية باجتهادات فردية بحتة".

وحسب تصريحات صحافية سابقة لنائبة مدير المصالح الفنية بدار الكتب الوطنية (حكومية)، سمية البجاوي، بلغت المؤلفات المنشورة بين عامي 2010 و2016 حوالي 10 آلاف و500 إصدار، بينها نحو 8 آلاف كتاب باللغة العربية.

وأعلن وزير الشؤون الثقافية، محمد زين العابدين، نهاية سبتمبر الماضي، عن انطلاق الموسم الثقافي، تحت شعار "تونس مدن الآداب والكتاب"، داعياً إلى أن تكون سنة 2018 انطلاقة حقيقية لقطاع الكتاب ودعم قطاع النشر.

وتخرجت حياة الرايس من قسم الفلسفة بكلية الآداب في جامعة بغداد، عام 1981، وبدأ اسمها في الظهور بالأوساط الأدبية أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن العشرين.

وعلى مدار نحو ثلث قرن، كتبت مؤلفات قصصية وشعرية ومسرحية عديدها، وهي توظف الأجواء الأسطورية المشرقية القديمة في معالجة قضايا الواقع والعصر.

ومن مؤلفاتها: "ليت هندا" (1991)، و"المرأة، الحرية، الإبداع (1992)"، "وجسد المرأة بين سلطة الإنس وسلطة الجن" (1995)، و"نساء مقهورات" (1995)، و"سيدة الأسرار: عشتار" (2005).

وفيما يخص جديدها الأدبي، قالتة: "أنهيت كتابة روايتي الأولى (بغداد وقد انتصف الليل فيها)، ولم توزع بعد في الأسواق الأدبية".

وأوضحت أنها بدأت مسيرتها الأدبية كقاصة، سنة 1991، بإصدار مجموعتها القصصية "ليت هندا"، ثم ككاتبة مسرحية بإصدار مسرحية "عشتار"، وبعدها كشاعرة بنشر ديوانها "أنثى الريح" (2012)، وغيرها من المؤلفات.

وتابعت "كأنما كل هذه الأشكال الأدبية من شعر ومسرح وأدب رحلات وأدب رسائل وبحوث فلسفية قد هيأتني إلى كتابة الرواية".

ورواية "بغداد وقد انتصف الليل فيها" هي سيرة ذاتية واقعية تشكلت في سيرة أشخاص وأماكن وزمان، وهي وثيقة تاريخية سياسية واجتماعية وثقافية، وفق الأديبة التونسية.

وأوضحت الرايس أن روايتها "عبارة عن مذكرات طالبة تونسية في بغداد، وتتحدث عن سيرتي الشخصية، باعتباري درست مرحلتي الجامعية في بغداد، وقضيت فترة من عمري هناك، خلال سنوات الثمانينيات، وعايشت الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)".

رابطة الكاتبات

وعن ظروف تجميد نشاط رابطة الكاتبات التونسيات (غير حكومية)، قالت الأديبة إنها أسست الرابطة سنة 2002، وهي منضوية تحت لواء "الاتحاد الوطني للمرأة التونسية".

وهذا الاتحاد النسائي كان تحت سيطرة حزب نظام زين العابدين بن علي، حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل إثر الثورة.

    حياة الرايس: المثقف يبدو أنه لم يستطع أن يقترب من الفئات الشعبية، ولم يتغلغل أكثر في الخلايا الاجتماعية بمختلف شرائحها، حيث بقي دوره نخبويا

وتابعت أن الرابطة بُعثت رسمياً إلى الوجود، لكن وقع انقلاب علي، سنة 2004، من دون موجب حق قانوني، ومن دون عقد مؤتمر للتسليم.

وأضافت أنه تم استرجاع الرابطة وعادت إلى نشاطها بعد ثورة 2011، وتم بعثها رسمياً من جديد، سنة 2015، بمكتب جديد وروح جديدة وبرنامج مختلف.

وتهدف الرابطة، حسب الرايس، إلى "نشر الفكر المستنير وقيم الحداثة، وأهمها حقوق المرأة وتشجيع الإبداع النسائي من أجل مزيد من الإنتاج الأدبي والفكري قياساً بما ينتجه الرجل".

وشددت على أن "مساحة الحرية في تونس أصبحت مضمونة بالشكل الكافي بعد الثورة، ولا يوجد مشاكل فيما يخص الحريات الفكرية والتعبيرية، مثلما كانت في العهد السابق".

وقالت إن "المرأة الكاتبة في تونس متميزة في جميع الأشكال الأدبية، فبعد سنوات الخمسينيات أصبح الأدب الذي تكتبه المرأة في ازدياد كبير بعد سنوات من الحرمان".

حضور سياسي صوري

وبشأن الواقع السياسي للمرأة التونسية بعد الثورة، انتقدت الرايس ما وصلت إليه المرأة سياسياً وعلى مستوى مراكز صنع القرار، معتبرة أنه "لا يليق بنضال المرأة التونسية".

وأضافت أن "حضور المرأة في المجال السياسي في تونس مازال ديكوريا.. وجودها صوري لتحقيق مبدأ التناصف فقط".

واعتبرت أنه "دائماً في كل انتقال سياسي في حكومات المجتمعات التقليدية الذكورية يكون حضور المرأة بسيطاً ويتم إرضاؤها بمنصب أو اثنين".

وشددت حياة الرايس على أن "المرأة في تونس لها مسيرة نضالية عظيمة، بداية من الحركة الوطنية الى ما بعد الاستقلال (عن فرنسا عام 1955)، ومن غير المعقول أن يتم تجاهلها".

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

739 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع