شاهد.. نازح عراقي يتحدى عسر الحال ويصنع سيارة

         

عماد الشمري-أربيل:"حلم يراودني منذ الصغر ويقف عسر الحال أمامه حائلا، فيصارعه شغفي بصناعة طائرة. وكان الحلم يكبر كلما شاهدت طائرة تحلق في الأجواء، ورغم محاولات من حولي لتثبيط طموحي فإن إرادتي لم تنثن، غير أن قلة ذات اليد خفضت سقف الأمنيات"، هكذا اختصر رمضان حاجي محمد قصته.

ويكمل حاجي محمد حديثه للجزيرة نت أن حلمه أخذ بالتحقق مع تقدمه في العمر، خاصة بعد أن عمل في مهنة حدادة الشبابيك والأبواب، ليتمكن من جمع مبلغ لشراء أهم المواد المطلوبة لصناعة سيارة.

إلا أن التعثر عاد مرة أخرى بعد أن انقلب الوضع في محافظة نينوى (شمالي العراق) رأسا على عقب في 2014، عندما اجتاح تنظيم الدولة الإسلامية المنطقة، مما اضطره للنزوح إلى مخيم في أربيل (في إقليم كردستان العراق)، مضيفا أنه رغم ذلك لم يتسلل اليأس إليه بل واصل السعي لتحقيق حلمه.

ويكمل حاجي محمد حديثه بالقول إنه عمد في السنة الأولى من النزوح لافتتاح ورشة بسيطة لتصليح بعض الأجهزة المنزلية، لتكون مصدرا يتكسب منه ويعيل أسرته المكونة من ستة أفراد.

وقال إنه تمكن من عمله في الورشة من جمع الكثير من المعدات القديمة من الخردوات (السكراب)، إضافة إلى جمع مبلغ بسيط من المال مكنه من شراء بعض المستلزمات التي تمكنه من صناعة سيارة.

وأضاف أنه عمل -بجهد فردي- على صناعة سيارة، ليتمكن بعد سنة من صناعة سيارة تجول بها وسط المخيم، مشيرا إلى أنه فخور جدا بهذا الإنجاز.

من جهته، يقول عمر نجل رمضان حاجي محمد إن والده أثبت للجميع أن ولعه قابل للتحقق، واليوم صار يدعمه كل من كان يعارض جهوده لصناعة السيارة، مضيفا أن حلم والده في صناعة طائرة ليس مستحيلا خاصة إذا لقي دعما.

الإرادة والتعلم
أجمل التفاتة في طيات قصة رمضان هي اعترافه بأن حلمه توشح بمطالعة ومتابعة خارجية للعلوم التكنولوجية، وأنه لم يتعلمها دراسيا لأن ظروفه الصعبة منذ الصغر منعته من إكمال دراسته، فقد هجر المدرسة مرغما من الصف الثالث الابتدائي، لكن إرادته دفعته لمتابعة التقارير والبرامج العلمية رغم عدم اقتناع الكثيرين بقدرته على تحقيق شيء يعجز عنه أهل الاختصاص العلمي.

بصمة معروف
اليوم لم يكن الاختراع والشهرة وتحقيق الحلم بعيدة عن الناس، فإلى جانب افتخار الأصدقاء والأهل بالإنجاز، فقد أضفت سيارة حاجي محمد منفعة للكثير من قاطني مخيم بحركة، إذ يقول عمر السلطان -أحد النازحين في المخيم- إنه من خلال هذه السيارة الكلاسيكية استطاع هو وغيره من قاطني المخيم تعلم السياقة مجانا.

وأضاف أن هذه السيارة صارت أشبه بإسعاف فوري، فهي تعمل على نقل المرضى من الخيام والكرفانات إلى العيادة الطبية في المخيم، وهو ما يعتبر فضلا يتمنون رده للحاجي محمد، وذات الأمر أكده النازح أيمن علي، مشيرا إلى أن الحاجي محمد يعلمهم كيفية تصليح أعطال السيارة كمهنة ربما تنفع في المستقبل.

اجتمعت الظروف المعيشية الصعبة وأحاطت بالموهبة مضيقة الخناق على تحقيقها، لكن الإصرار والإرادة اللتين نمتا من حدة الذكاء الطفولي وشَّحتا الحلم بالأمل، لتجعلا من صاحبهما محط أنظار الكثيرين بصناعة ما عجزت عن تحقيقه شركات حكومية وأهلية في مجال الميكانيك عربيا.

https://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2019/4/18/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D9%86%D8%B2%D9%88%D8%AD-%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A9

المصدر : الجزيرة

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1034 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع