"الوشم".. هوية عراقية جديدة ودعاية للاصطفاف المذهبي

       

بغداد – محمد البغدادي – الخليج أونلاين:انتشرت في السنوات الأخيرة موضة الوشم بأوساط الشباب العراقي، لكن هذا "الفن الغربي" تحوَّل من تجميل الجسد بأشكال ورسوم إلى طريقة لإثبات الهوية والانتماء الديني والمذهبي، وبات إحدى وسائل الدعاية للاصطفاف السياسي أو الحزبي.

كرار العامري شاب عراقي وشم على ساعده الأيمن "سيف الإمام علي"، وعلى ظهره وشم لعبارة "يا ثارات الحسين".

يقول كرار: "الوشم الذي أضعه على جسدي لا يعني تعصباً لطائفتي، إنما هو طريقة للتعبير عن معتقداتي الدينية بطريقة لا تسيء إلى باقي المعتقدات والمذاهب".

وأضاف العامري لـ"الخليج أونلاين": "أعبّر من خلال هذا الوشم عن جزء من الوفاء والحب للإمام الحسين، ولآل بيت الرسول، وفي الوقت نفسه يمنحني شعوراً بالفخر والعزة"، مؤكداً أن أغلب أصدقائه في الجامعة يعبِّرون عن توجهاتهم ومعتقداتهم من خلال وشم عبارات أو رسومات على أجسادهم.

- الوشم والسياسة

يملك عمار الحلاوي، (27 عاماً)، وشوماً عدة يغلب عليها الطابع السياسي، كلَّفته نحو 5 آلاف دولار، يقول بخصوصها: "من أبرز وأعز الوشوم عندي عبارة (العراق مهد الحضارات)، وتتوزع الوشوم المتبقية بين رسم لوجه تشي غيفارا، وعبارات مقتبسة عن لينين".

وأضاف الحلاوي لمراسل "الخليج أونلاين": "هذه الوشوم تعبِّر عن توجهاتي الحزبية والسياسية، وفي الوقت نفسه عن طباعي الثورية ضد الظلم الذي تمارسه الأحزاب الدينية الحاكمة في العراق".

وتنتشر صفحات صالونات دق الوشوم في العراق على مواقع التواصل الاجتماعي وتحظى بمتابعة عدد كبير من الشباب، كما تظهر إعلانات صغيرة في شوارع العاصمة بغداد وبعض المحافظات العراقية الأخرى تحمل أرقام هواتف ومعلومات مقتضبة عن رسامي الوشوم.

سامر القيسي فنان وشوم، قال لـ"الخليج أونلاين": "معظم الشباب يطلبون وشوماً تحمل معاني سياسية تتراوح بين شعارات وصور لمَراجع دينية شيعية، أو لزعماء كتائب وفصائل مسلحة".

وأضاف: "أغلب الزبائن الذين يقصدون صالوني هم مقاتلون في كتائب وفصائل مسلحة تابعة للحشد الشعبي؛ من أجل رسم وشم يعبّر عن الفصيل أو الجناح المسلح الذي ينتمي إليه".

و"الحشد الشعبي"، هو قوات عسكرية شبه رسمية، شُكِّلت في ظروف استثنائية استجابةً لفتوى المرجع الديني الشيعي علي السيستاني لوقف تمدد تنظيم الدولة، بعد سيطرة الأخير على مساحات شاسعة شمالي وغربي العراق، صيف عام 2014، وعادة ما اتُّهمت من قِبل منظمات دولية بارتكابها جرائم حرب بحق المدنيين.

وتابع القيسي حديثه، قائلاً: "كل إنسان حر في أن يعبر عما يؤمن به وهذا أمر طبيعي، حتى إن بعضهم يوشم جسده بصور تعتبرها الأحزاب الدينية الحاكمة رموزاً لعبادة الشيطان، لكن أنا أقوم بعملي ولا أتدخل في خيارات ورغبات الزبائن".

وعن الإبر والمواد المستخدمة، يقول القيسي: إن "مصدرها السويد، نقوم بشرائها عن طريق الإنترنت، فالإبرة تُستخدم مرة واحدة فقط، ويجب تبديلها دائماً لمنع انتقال الأمراض الجلدية، وهي مكلفة جداً"، مشيراً إلى أن "أسعار الوشم تتراوح بين 50 دولاراً إلى 300 دولار".

- تخندق طائفي

من جهته، يقول عبد الهادي الجنابي، المختص في علم النفس: "بسبب الحروب المتعاقبة على العراق، وما تعرض له من اقتتال طائفي، تخندق المجتمع، فكل طائفة تتمسك بمذهبها وبمعتقداتها، وهذا ما انعكس على الشباب فنجد أغلبهم يقصد صالونات الوشم من أجل تزيين جسده بالعبارات التي تمثل انتماءه المذهبي".

وأضاف الجنابي: "عشاق الوشم فخورون بأنفسهم كثيراً، ويودُّون أن يعلنوا بفخرٍ أنهم يفعلون ما يودون فعله، إنهم أشخاص عاديون، إلا أن لديهم إحساساً كبيراً بذواتهم التي لا يرغبون في إخفائها، كما أنهم لا يكترثون بالرأي العام، ولديهم الرغبة في أن يعرف الآخرون ما يؤمنون به".

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

541 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع