الإهمال الحكومي والحروب يسيران بنخيل العراق نحو الانقراض

                  

معظم الفلاحين تركوا زراعة النخيل ولجأوا إلى زراعة محاصيل أخرى

بغداد - عمر الجنابي - الخليج أونلاين:بعد أن كان العراق واحداً من بين البلدان الأولى بالعالم في زراعة النخيل، وإنتاج أكثر من 600 نوع من أجود أنواع التمور بالعالم، شهد خلال السنوات الأخيرة تراجعاً كبيراً في أعدادها التي كانت تزين البلاد وتميزه مدنه عن مدن العالم.

أعداد النخيل بالعراق تراجعت في السنوات الـ10 الأخيرة من 33 مليون نخلة كان قد وصل إليها العراق حتى ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، إلى 15 مليون نخلة في عام 2017، حسب ما أكدته جهات مختصة في وزارة الزراعة وفلاحين عراقيين.

وقال المهندس الزراعي محجوب علي، في حديث لمراسل "الخليج أونلاين": إنّ "زراعة النخيل في العراق كانت تُعدّ من أشهر الزراعات بالعراق، وتُعدّ رافداً مهماً وكبيراً من روافد الاقتصاد العراقي، لكنها عانت كثيراً الإهمال الحكومي الذي تسبب في شح المياه وانتشار القوارض، والأمراض التي تسببت في موت الملايين من أشجار النخيل وتحويل الأراضي إلى أراضٍ غير صالحة للزراعة".

وأضاف أنّ "معظم الفلاحين تركوا زراعة النخيل ولجأوا إلى زراعة محاصيل أخرى كالحنطة والشعير؛ لكونها تدرُّ لهم أموالاً أكثر من التمور التي باتت لا تساوي شيئاً أمام التمور الإيرانية المستوردة التي غزت العراق بعد عام 2003".

من جهته، عزا الخبير الزراعي فاضل البرزنجي سبب تراجع زراعة النخيل في العراق، إلى تحويل الآف الدونمات الزراعية المبستنة بأشجار النخيل إلى تجمعات سكنية، فضلاً عن انتشار الآفات الزراعية وارتفاع الملوحة.

وقال البرزنجي في حديث لمراسل "الخليج أونلاين": إنّ "الإهمال الكبير وغياب القانون والرقابة الحكومية تجاه الزراعة في العراق، وإهمال شريحة الفلاحين والمزارعين الذين يعدّون ثروة للبلد، شجَّع الفلاحين على تحويل آلاف الدونمات الزراعية إلى مجمعات سكنية تفتقر للخدمات كافة".

وأضاف أنّ "وزارة الزراعة لديها إحصاءات وتقارير تؤكد أن أكثر من 10 آلاف دونم في العراق تُحوّل سنوياً إلى أحياء سكنية"، لافتاً إلى أنّ "استمرار إهمال ملف الزراعة في العراق، ولا سيما بساتين النخيل، فإن نخيل العراق يسير نحو الانقراض بعد أن كان العراق يُلقب ببلد النخيل".

مدينة البصرة واحدة من أبرز المناطق العراقية التي اشتُهرت ببساتين النخيل وأصنافها المميزة والتي كانت محط اهتمام الحكومات السابقة ما قبل 2003، حتى أصبحت المدينة الأكثر تضرراً بزراعة النخيل، حسب ما أكده المزارع يوسف البصراوي.


وقال البصراوي في حديث لمراسل "الخليج أونلاين": إنّ "النخلة التي كانت أيقونةً للعراقيين عامة وأهالي البصرة خاصة والتي كانت مصدر إلهام الكثير من الشعراء والأدباء، ذُبحت كما ذبح ملايين العراقيين من عام 2003 ولغاية اليوم؛ بسبب السياسات الخاطئة والحروب التي شهدتها المدينة".

وأضاف أن "مدينة البصرة كانت تحظى باهتمام كبير من قِبل حكومات العراق ما قبل 2003، وخصوصاً في مجال زراعة النخيل، حيث كانت الحكومة العراقية تحرص على مكافحة البساتين العراقية من الآفات الزراعية، كآفة الدوباس، عن طريق استخدام الطائرات؛ لكونها أكثر فاعلية من أي وسيلة أخرى، كما كانت تعمل على توفير الأدوية والأسمدة كل موسم".

من جانبه، قال المزارع ياسر البلداوي، في حديث لمراسل "الخليج أونلاين": إنّ "الحروب التي شهدها العراق منذ عام 2003 أسهمت كثيراً في تدمير الزراعة بالعراق وحولت بساتينه إلى أكوام من الرماد، حيث تعرضت آلاف البساتين للحرق والتدمير نتيجة للعمليات العسكرية ضد تنظيم داعش التي شهدتها بعض مناطق محافظة صلاح الدين ومناطق حزام بغداد ومناطق محافظة ديالى التي تشتهر بزراعة النخيل والحمضيات".

وأضاف أن "القوات الأمنية بين الحين والآخر تجرف عدة بساتين في مناطق حزام بغداد؛ كجرف الصخر واليوسفية واللطيفية جنوباً ومناطق التاجي والطارمية والراشدية شمالاً؛ بحجة وجود خلايا نائمة لتنظيم داعش، وصولاً إلى مناطق عزيز بلد والإسحاق وسامراء في محافظة صلاح الدين، كما حرمت مئات الفلاحين من الدخول إلى بساتينهم؛ ما تسبب في موت بساتين بأكملها".

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

736 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع