"اليوم العالمي للشعر" يعزف أبياتاً داعبت تاريخ العرب وحاضرهم

          

         ٢١مارس الاحتفال باليوم العالمي للشعر


الكويت - الخليج أونلاين:لم تنتهِ التعريفات إلى تلخيص معنى يحدد "الشِّعر"، لكن يبقى الاتفاق على أنه نوع أدبي خاص، لا يقوله سوى من وُهب حُسن الكلم، وتعدد أساليبه ومختلف معانيه، وهؤلاء عينة من الناس امتازوا بالإبداع.

يعتبر الشعر أحد أشكال التعبير، وأحد مظاهر الهوية اللغوية والثقافية، وهو ما يجعله من أغنى ما تمتلكه الإنسانية؛ إذ إنه يخاطب القيم الإنسانية التي تتقاسمها كل الشعوب.

والشعر قديمٌ، ولا يُعرف أول بيت شعري لأول ناطق به، لكن باحثين أكدوا أن الشعر سبق عصر الكتابة، وكان إحدى وسائل التعبير في مجتمعات قديمة، وهو أحد الطقوس التي كان اليونانيون القدماء يتعبّدون بها.

ولأهميته، حيث إن من بين سماته قدرته على تحريك الشعوب، واعتباره مصدراً للغذاء الفكري، وتمكّنه من تحويل كلمات قصائده البسيطة إلى حافز كبير للحوار والسلام، خصّصت منظمة "اليونسكو" الـ 21 من مارس/آذار من كل عام يوماً للاحتفال بالشعر العالمي.

والهدف من هذا اليوم، بحسب "اليونسكو"، هو تعزيز القراءة والكتابة، ونشر وتدريس الشعر في جميع أنحاء العالم، وتجديد الاعتراف وإعطاء زخم للحركات الشعرية الوطنية والإقليمية والدولية.

يعود الفضل في اقتراح يوم عالمي للشعر لكل من الشعراء الفلسطينيين فدوى طوقان، ومحمود درويش، وعز الدين المناصرة، الذين شاركوا في أمسية شعرية عام 1997 في باريس، ووجه الشعراء الثلاثة نداءً إلى مدير عام اليونسكو بعنوان "الشعر روح الإنسانية، الشعر جسد العالم"؛ وطالبوا فيه بضرورة تسمية يوم عالمي خاص بالشعر، فاعتمدت المنظمة ذلك عام 1999.

وبحسب اليونسكو، فإن "للشعر أثراً كبيراً في تعزيز إنسانيتنا المشتركة؛ بجزمه أن جميع الأفراد -في كافة أرجاء العالم- يتشاطرون ذات التساؤلات والمشاعر.

كما أثبت الشعر، الذي يعدّ حجر الأساس في الحفاظ على الهوية والتقاليد الثقافية الشفهية، على مر العصور، قدرته الفائقة على التواصل الأكثر عمقاً للثقافات المتنوعة".

تعريفه وتاريخه عند العرب

والشعر يعرّفه العرب بأنه كلام موزون له قافية محددة، يعبّر به الشاعر عن أفكاره وميوله ومشاعره.

وعرف هذا الفن منذ زمن طويل؛ حيث كان الجاهليون قبل الإسلام ينظمون الشعر، ثم حدثت بعض التعديلات نتيجة لتطور الزمن، وظهرت أنواع أخرى من الشعر؛ مثل "الشعر الحر".

ويعتبر الشعر العمودي أصل الشعر العربي، وإليه تنتمي جميع أنواع الشعر الحديث التي جاءت بعده، كما أنه يخضع عند تأليفه للقواعد التي قنّنها الخليل بن أحمد الفراهيدي، وهذه القواعد تسمى في اللغة "علم العَروض"، وهو ما يجعل الشعر العربي العمودي صعباً لغير الضالعين في معرفة هذا العلم.

وللشعر العربي أهداف يرمي إليها تسمى بـ "أغراض الشعر العربي"، والقصد أنها الموضوعات التي نظم فيها شعراء العربية شعرهم، وتتمثل بـ "المدح والهجاء والرثاء والفخر والوصف والغزل والاعتذار والحكمة".

ومن بين الأمثلة في المدح ما أجاد به امرؤ القیس، حين مدح بني تمیم لمّا أجاروه، قائلاً:

کأني إذ نزلتُ علی المُعلی

نزلت علی البواذخ مِن شمام

فما ملك العراق علی المُعلی

بِمُقتدر ولا ملك الشآم

ويزخر الشعر العربي بالكثير من الصور الشعرية المثيرة للإعجاب في مجال الفخر، لعل من بين أبرزها ما قاله عنترة العبسي:

هلّا سألت الخيل يا بنة مالك .. إن كنت جاهلة بما لم تعلمي

يخبرك من شهد الوقيعة أنني .. أغشى الوغى وأعف عند المغنم

وفي الهجاء اشتهر بيتا شعر للإمام الشافعي يقول فيهما:

تموت الأسد في الغابات جوعاً .. ولحم الضأن تأكله الكلابُ

وعبد قد ينام على حرير .. وذو نسب مفارشه الترابُ

أما الرثاء فمن أشهر شعرائه الخنساء، ومن أجمل ما قالته فيه:

قذى بعينيك أم بالعين عوّار .. أم ذرَّفت إذ خلت من أهلها الدارُ

كأن دمعي لذكراه إِذا خطرت .. فيض يسيل على الخدين مدرارُ

الاعتذار

ويعتبر الشاعر النابغة الذبياني زعيم ومنشئ شعر الاعتذار، بعد أن أثارته ظروفه مع الملك النعمان بن المنذر، أشهر ملوك المناذرة قبل الإسلام، ومنه قوله له:

أتاني أبيتَ اللعنَ أنكَ لمتني .. وتلكَ التي أهتم منها وأنصبُ

فبتُّ كأن العائدات فرشن لي .. هراساً به يُعلى فِراشي ويُقْشَبُ

حَلَفْتُ، فلم أترُك لنفسك ريبة .. وليس وراء اللَّه للمرء مَذهَبُ

لئن كنتَ قد بُلّغتَ عني وشايةً .. لَمُبْلغُكَ الواشي أغَشُّ وأكذَبُ

أمّا في الغزل فمن بين أشهر الأبيات الشعرية ما قاله جرير:

لقد كتمت الهوى حتى تهيمني .. لا أستطيعُ لهـذا الحُـبِّ كتمانـا

لا بارك الله في الدنيا إذا انقطعـت .. أسباب دنياك من أسبـاب دنيانا

وفي الوصف كان من أشهر القصائد تلك التي يقول فيها امرؤ القيس:

وقد أغتدي والطير في وكناتها .. بمنجرد قيد الأوابد هيكلِ

مكرٍّ مفرٍّ مقبل مدبر معاً .. كجلمود صخر حطَّه السَّيل من علِ

وأما الحكمة، فمن بين أشهر ما قيل فيها قول الإمام الشافعي:

دع الأيام تفعل ما تشاء .. وطب نفساً إذا حكم القضاء

ولا تجزع لحادثة الليالي .. فما لحوادث الدنيا بقاء

وكن رجلاً على الأهوال جلداً .. وشيمتك السماحة والوفاء

واعتبر النقّاد الشعر العربي مصدر حكمة وتربية وتهذيب، إذ كان الشاعر يربي قومه على الفضيلة، والأخلاق الحميدة، ويزجرهم في الوقت نفسه عن الأفعال الدنيئة؛ فيقبّح البخل ويشجّع على السخاء، ويسفّه الجبن ويشدو بالجود، فتشب النفس على الفضيلة، وتسمو في مدارج الرفعة والخير.

وأسهم الشعر العربي في إحداث تغييرات كبيرة في المجتمعات العربية؛ لكونه محركاً للثوار، وهو ما يتوضح في القصائد الحماسية الوطنية التي كانت ترفع من الروح المعنوية ضد المحتلين والغزاة لبلدان العرب على مرّ الأزمنة.

والتاريخ العربي المعاصر يحمل بين طياته الكثير من الأمثلة حول تأثير الشعر في الاستقلال، ومقارعة الظلم، ولعل من بين أبرز الأبيات الشعرية الدالة على ذلك قصيدة الشاعر التونسي، أبو القاسم الشابي، حيث تناقلتها الشعوب العربية، ولتأثيرها الكبير تحولت إلى أغنية وطنية عربية خالدة، سجّلتها المطربة الشهيرة أم كلثوم، قال فيها:

إذا الشعب يوماً أراد الحياة .. فلا بدّ أن يستجيب القدر

ولا بد لليل أن ينجلي .. ولا بد للقيد أن ينكسر

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1341 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع