العفو الدولية: لمعاقبة مطلقي النار على متظاهري العراق

      

دعت منظمة العفو الدولية السلطات العراقية الى تحقيق فوري ومحاسبة كبار الضباط المسؤولين عن استخدام القوة القاتلة واطلاق الرصاص الحي على متظاهرين سلميين بالمنطقة الخضراء في بغداد الجمعة، ما أدى إلى قتل 4 أشخاص وأصابة أكثر من 100 آخرين.

 إيلاف من بغداد: قالت منظمة العفو الدولية ان 12 شاهدا من بين المتظاهرين اكدوا لها ان المحتجين كانوا غير مسلحين وانما سلميين عندما فتحت قوات الأمن النار ضدهم فيما رمى بعضهم عبوات الغاز على القوات بعد أن أطلقتها عليهم أو رشقوها بالحجارة بعد أن فتحت النار. واوضحت في تقرير لها اليوم اطلعت على نصه "إيلاف" ان مقاطع فيديو وصور عن التظاهرات اطلعت عليها لم تظهر في أي منها وجود متظاهرين مسلحين.

لا أسباب مشروعة

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "لم يكن لدى قوات الأمن التي تحمي المنطقة الخضراء أي سبب مشروع لإطلاق النار على المتظاهرين الذين لم يمثلوا أدنى خطر على حياتهم أو حياة الغير. على الحكومة أن تفتح سريعا تحقيقات في وقائع القتل وأن تأمر قوات الأمن بالامتناع عن استخدام القوة القاتلة إلا عند الضرورة القصوى لإنقاذ أرواح".

وتعتبر مظاهرة الجمعة الماضي الأحدث في سلسلة من التظاهرات الحاشدة – التي بدأت في يوليو عام 2015 –  احتجاجا على الفساد الحكومي وانعدام الكفاءة.. وقد تم تصعيد المظاهرات في فبراير الماضي عندما دعا القيادي الشيعي مقتدى الصدر أتباعه للانضمام للمظاهرات، فألتحقوا بها بعشرات الآلاف وفي 30 أبريل الماضي تسلق المتظاهرون للمرة الاولى أسوار المنطقة الخضراء واحتلوا مبنى البرلمان لفترة قصيرة ما أدى لبعض الأضرار المادية والتعرض لبعض نواب البرلمان.

وفي 22 من الشهر الحالي أنكر سعد الحديثي المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي أن تكون قوات الأمن استخدمت الذخيرة الحية أثناء العملية .. وقال إن مسلحين اخترقوا المظاهرة حيث راسلت العفو الدولية مكتب رئيس الوزراء طلبا لتفاصيل إضافية لكن لم يصلها رد.

قتلى وجرحى

وبحسب المنظمة فقد توفي حسين محمد حسن – وهو أحد المتظاهرين – بسبب شظية من رصاصة أصابته في الرأس بحسب شهادة وفاته التي اطلعت العفو الدولية عليها. كما توفي متظاهر آخر جراء الإصابة برصاصتين اخترقتا كبده وقلبه بحسب قول جار تحدث إلى الأسرة بعد أن استلمت الجثمان. ورد في شهادة الوفاة أن سببها هو رصاصة في الصدر. وطلبت أسرة الضحية من المنظمة عدم ذكر اسمه وحيث لم تتمكن العفو الدولية من الاطلاع على شهادات وفاة جمال جليل نوفان ومنتظر الحلفي  المتظاهرين الأخرين الذين قال الشهود إنهما قُتلا في المظاهرة.

وأفادت "مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان" أن ما يناهز الـ 200 متظاهر قد أصيبوا إضافة إلى توقيف 200 آخرين لكنه العفو الدولية لم تستطع تأكيد أعداد المصابين.. وابلغها شهود عيان إن المتظاهرين بدأوا بالتجمع في ساحة التحرير وسط بغداد حوالي الساعة الرابعة والنصف مساء وضمت صفوف المتظاهرين أهالي أكثر من 200 شخص أصيبوا في انفجارات بغداد في مايو على يد تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف "داعش" بحسب المشاركين ومفوضية حقوق الإنسان حيث أعرب الأهالي عن غضبهم من عدم حماية الحكومة لهم من التفجيرات.

واكد شهود إن شرطة مكافحة الشغب في ساحة التحرير منعت المتظاهرين من عبور جسر الجمهورية فوق نهر دجلة إلى بوابات المنطقة الخضراء المحصنة جيدا، حيث تقع المؤسسات الحكومية وعديد من السفارات الأجنبية ولكن في نهاية المطاف سمحت شرطة مكافحة الشغب في الساحة وقوات الجيش العراقي لمئات المتظاهرين بالعبور بعد تفتيشهم فردا فردا.

فتحوا النار

وعند أحد مداخل المنطقة الخضراء، من بعد جسر الجمهورية مباشرة، تجمع مئات المتظاهرين وراحوا يلوحون بالعلم العراقي ويهتفون "سلمية! سلمية!" ويطالبون بالدخول وكان أهالي ضحايا التفجيرات في الصدارة بحسب رواية عدة متظاهرين. وقال العديد من المتظاهرين الذين كانوا عند مداخل المنطقة الخضراء إنه بين الساعة 4 و4:30 مساء فتحت عناصر من قوات مكافحة الشغب وجنود من اللواء 56 النار على المتظاهرين دون تحذير .. واوضحوا إن قوات الأمن استخدمت الذخيرة الحية والرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع وأطلقت قنابل صوتية فضلا عن شاحنتي مياه كانتا مركونتين داخل المنطقة الخضراء.

وقال أحد المتظاهرين: "وصلت إلى سور المنطقة الخضراء، وبعد نحو 15 دقيقة فتحت قوات الأمن النار علينا، وأطلقوا النار نحونا مباشرة. رأيت الناس يسقطون على الأرض إلى يساري ويميني، ومنهم اثنان عرفت فيما بعد أنهما ماتا". واشار متظاهر آخر الى إن مقذوفة مرت قرب خده الأيمن وهو واقف أمام المنطقة الخضراء وفي يده علم العراق .. فيما قال متظاهر إن عديد المتظاهرين راحوا يطرقون على أبواب السور وفي النهاية فتحت قوات الأمن الأبواب وسمحت لهم بالمرور. واضاف المتظاهر إنه عندما دخل المنطقة الخضراء ضربه رجل أمن يرتدي قناع غاز على كتفه بكعب بندقيته فسقط أرضا ثم ضربه مجددا وهو على الأرض وعندما قابلته العفو الدولية في 23 مايو كان كتفه الأيمن مضمدا وعليه آثار لكدمات.

يقدمون الزهور للجنود

واشارت منظمة العفو الدولية الى انها قد اطلعت هي على مقطعي فيديو يظهر فيهما مئات المتظاهرين أمام الأمانة العامة لمكتب رئيس الوزراء يقدمون الزهور لجنود وضباط الجيش المكلفين بحماية المنطقة الخضراء.

وقال متظاهران إن بعد وهلة فتحت قوات الأمن داخل المنطقة الخضراء النار على المتظاهرين المتواجدين أمام الأمانة العامة، وطاردتهم إلى خارج المنطقة الخضراء. استمرت قوات الأمن في إطلاق النار على الفارين ومن كانوا متجمعين خارج الأسوار، وطاردتهم في مختلف الاتجاهات، شمالا وغربا وحتى طرف جسر الجمهورية البعيد ونحو ميدان التحرير.

واوضحت المنظمة ان هناك متظاهرة معها ظرف رصاصة حية قالت إنها التقطتها من على الأرض عند نهاية الجسر من جهة المنطقة الخضراء. قال آخر إنه سمع أعيرة نارية من ميدان التحرير فمضى إلى المنطقة الخضراء. قال: "وأنا على الجسر رأيت شابا يُصاب برصاصة وهو يركض في الاتجاه المعاكس". وجميع المتظاهرين الذين تحدثت إليهم العفو الدولية قالوا إن إطلاق النار استمر نحو ساعتين  واوضح المتظاهر المصاب في كتفه إنه رأى في المستشفى أطباء يُخرجون رصاصات من عشرات المتظاهرين المصابين.

وهناك متظاهر مكث في ميدان التحرير قال إنه رأى شرطة مكافحة الشغب تقطع الطريق على سيارتي إسعاف بميدان التحرير، إذ منعت السيارتين من العبور على الجسر نحو مدخل المنطقة الخضراء نحو نصف ساعة قبل أن تسمح لهما بالعبور. قال متظاهر إنه رأى 150 شخصا على الأقل راقدين مصابين على الأرض أمام مدخل المنطقة الدولية وأمام البرلمان، في حين قال آخر إنه رأى أكثر من 100.

لمحاسبة المسؤولين

واكدت منظمة العفو الدولية انه بموجب "مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين"، فإن على السلطات "أن تستخدم، إلى أبعد حد ممكن  وسائل غير عنيفة قبل اللجوء إلى استخدام القوة والأسلحة النارية" و"لا يجوز استخدام القوة والأسلحة النارية القاتلة عن قصد إلا عندما يتعذر تماما تجنبها من أجل حماية الأرواح".. كما ورد في المبادئ أنه في حالة الوفاة أو الإصابة الخطيرة، فعلى السلطات المختصة إجراء تحقيق وإرسال تقرير فوري إلى السلطات الإدارية أو القضائية المختصة.

ودعت الحكومة الى ضمان أن الاستخدام التعسفي أو المسيئ للقوة والأسلحة النارية من قبل مسؤولي إنفاذ القوانين يخضع للعقاب بصفته عمل إجرامي. يجب محاسبة كبار الضباط المسؤولين إذا كانوا يعرفون أو مقدر لهم معرفة أن مرؤوسين لهم لجأوا للاستخدام غير القانوني للقوة والأسلحة النارية ولم يتخذوا جميع التدابير التي بوسعهم للحيلولة دون وقوع هذا الاستخدام أو منعه أو التبليغ به.

وقال ستورك ان "على الحكومة العراقية أن تأمر قوات الأمن المنخرطة في واجبات إنفاذ القوانين بإنهاء الاستخدام المفرط للقوة، لا سيما القوة القاتلة وأن تحاسب المسؤولين عن ذلك، بمن فيهم القادة".

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

726 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع