تاريخ أول مدرسة صناعية في بغداد ...أسسها مدحت باشا

          

تاريخ أول مدرسة صناعية في بغداد...أسسها مدحت باشا

       

عبدالكريم الوائلي:لم يشهد العراق وجود اية مؤسسة حديثة للتعليم المهني منذ بدء الاحتلال العثماني للعراق في القرن السادس عشر وحتى ولاية مدحت باشا عليه بين عامي 1869-1872 وقد استوقفت هذا الوالي الذي كان قد اكتسب شهرة عريضة في ميدان الاصلاحات في الدولة العثمانية ظاهرة كثرة المدارس الدينية في بغداد وخلوها من اية مدرسة لتعليم الطلاب الحرف والصناعات وذلك ما دعاه الى انشاء مدرسة للصناعة في بغداد ومدرستين اخريين في الموصل وكركوك وقد جرت محاولة لفتح مدرسة صناعية في البصرة الاانه لم يكتب لها النجاح في حينه.

هذا ماذكره جاسم محمد حسن العدول الاستاذ المساعد في كلية التربية قسم التاريخ بجامعة الموصل ضمن المواضيع التـــي تناولهــا كتـاب (بغداد فـــي التاريخ) مـــن كنـــوز دار الكتــب والوثائـــق.

                  

حيث يشير العدول الى ان مدرسة الصناعة في بغداد قد انشئت في عام 1871وكانت تعرف في عهد مدحت باشا باسم (مكتب السنية) كما عرفت باسم (مكتب الصنايع) وانشأ فيها عددا من المخازن والمعامل والاقسام الداخلية وغير ذلك من المرافق التي تحتاجها المدرسة واستخدم في بنائها طابوق سور بغداد الشرقية نظرا لعدم وجود معامل للطابوق انذاك.

لقد قدر عدد طلاب مدرسة الصناعة عند بداية تاسيسها بنحو 200طالب الا ان عددهم اخذ يقل بشكل ملحوظ بعد رحيل مدحت باشا عن العراق اذ اصبح في عام 1874 ثمانون طالبا ولعل المشكلة الاساسية التي اعترضت مدرسة الصناعة كانت ايجاد مصادر لتمويلها وحلا لهذه المشكلة فقد تقرر القيام بحملة تبرعات واسعة النطاق في مختلف الاوساط الشعبية وفي العديد من المدن العراقية كما شكلت اموال الاوقاف مصدرا اخر من مصادر تمويل المدرسة وعلاوة على ذلك مثلت مبيعات المدرسة من السلع التي كانت تنتجها مصدرا مهما من مصادر تمويل المدرسة.

     

ضمت المدرسة عند بداية تاسيسها اقسام الحدادة والحياكة وصناعة الاحذية وقسم النجارة وقد اشتملت الدروس التي كان يتلقاها الطلبة في المدرسة على مواد نظرية واخرى عملية وقد تالفت المواد النظرية من الجبر والحساب والهندسة والجغرافية والتاريخ والدين واللغتين الفرنسية والتركية „اما المواد العلمية فكانت تضم الحدادة والبرادة والميكانيك وصناعة النسيج (الصوفي والحريري والقطني) وصناعة السجاد والكنبار والنجارة وصناعة الاحذية وغير ذلك اما مدة الدراسة فيها فهي خمس سنوات بعد المرحلة الابتدائية التي كانت مدة الدراسة فيها اربع سنوات ويحصل الطالب بعدها على شهادة الدبلوم وكانت اعمار الطلاب تتراوح بين سن العاشرة والخامسة عشرة. كان جميع طلبة مدرسة الصناعة يدرسون على نفقة الحكومة وكانوا يقيمون في قسم داخلي يديره رئيس يسمى المبصر الاول يساعده ثلاثة مبصرين يعملون تحت اشراف مدير المدرسة وكان الطلاب يرتدون زيا مدرسيا موحدا هو عبارة عن بدلة رمادية اللون ﺃﻣﺍﺍدارة المدرسة فقد كان يتولاها في الغالب مدير من اﻷتراك وبالنسبة للكادر التدريسي فقد كان يتالــف مـــن مدرسين عراقيين واجانــب.
امتازت مصنوعات مـدرسة الصناعة بجودتها العالية وقـــد اشتملت علــى صنــع الميداليات التي كانت تمنحها الدولة لبعض الموظفين الذين اثبتوا جدارة في عملهم كما كانت تنتج انواعا مختلفة من الاقمشة التي تستخدم في صناعة المفروشات والملابس الصيفية والستائر والمناشف وغيرها اضافة الى انتاج انواع اﻷسرة والكراسي والمناضد ودواليب الملابس.

 

استمرت مدرسة الصناعة في بغداد حتى نشوب الحرب العالمية الاولى عام 1914 وعندها حولت لاغراض الانتاج الحربي بمساعدة من الخبراء الالمان وبقيت على هـــذه الحال حتـــى نهايـــة الاحتـــلال العثمانـــي لبغداد عام 1917 حيث اقــــدم العثمانيون قبيل انسحابهم على تدمـــير جميع مكائن المدرسة ومكاتبها واحرقـــوا بناياتها وغدت المدرسة في عهد الاحتلال البريطاني مرآبا ومعمــــلا لتصليح السيارات وبعد انتهــــاء فترة الاحتـــلال اصبحت قصرا للملك فيصل الاول ثــــــم للملك غازي من بعده وتحولت منذ عام 1938 الى مقر للمجلس النيابي وبقيت كذلك حتى انهيار النظام الملكي في العراق في 14 تموز 1958 وتحولت بعدها الى محكمة عسكرية خاصة ثم متحفا عسكريا عام 1967

   

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

754 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع