عندما قدمّت برنامج / الرياضة في أسبوع

       

 عندما قدمّت برنامج (الرياضة في أسبوع)

   

                  المدى/مؤيد البدري

يمثّل تاريخ 24 آذار من عام 1963، نقطة تحول مهمة خلال حياتي الرياضية التي امتدت منذ تخرجي عام 1957 وحتى الآن. وتكمن نقطة التحول هذه بالتحول من المجالين التدريسي والصحفي اللذين كنت أمارسهما إلى المجال التلفزيوني.


العوائل العراقية قد اقتنت هذا الجهاز العجيب الذي يظهر صورة المتحدث والمذيع والمطرب والأفلام وكل شيء يعرض فيه، لذلك فإن العوائل التي ليس لديها هذا الجهاز كانت تذهب لزيارة العوائل التي لديها هذا الجهاز لتقضي سهرة تكاد شبه يومية معهم. وربط أهل بغداد سهرتهم وذهابهم للنوم بانتهاء البث التلفزيوني اليومي.
يقول الأستاذ الراحل مجيد السامرائي الذي كان يقدم البرنامج الرياضي من التلفزيون فى بدايته:

استوقفني رجل لا أعرفه وقال لي..أستاذ أنت تظهر في التلفزيون وأريد أن أسألك سؤالاً واستحلفك بالله أن تجيبني عليه إجابة صحيحة.. قلت له: ما هو سؤالك؟ قال هل أنت تشاهد وترى الناس الذين يتابعونك في بيوتهم؟ قلت له طبعاً لا.. إنكم فقط تشاهدونني أما أنا فلا أرى أحداً مطلقاً. وهنا قال الرجل: الآن سأسمح لعائلتي بمشاهدة التلفزيون!

       

رغم أن العراق كان أول بلد عربي بدأ فيه البث التلفزيوني في الثاني من ايار عام 1956 الذي يصادف عيد ميلاد الملك فيصل الثاني، إلا أن التلفزيون بقي ضعيف الإمكانات الفنية والبشرية لأنه اعتمد في بدايته على العاملين في شركة (باي) الانكليزية التي قامت بإنشائه.
بدأ تأثير التلفزيون واضحاً ومهماُ بعد ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 حيث بدأ التعرف على رجال الثورة صوتاً وصورة، وبدأ يأخذ مكان الإذاعة العراقية التي تأسست قبله بعشرات السنين.
عندما دخلتُ التلفزيون لأول مرّة في شهر آذار من عام 1963، لم يكن وضع التلفزيون قد تغيّر كثيراً (البنكلة) هي نفسها منذ سبع سنوات، والبرامج تكاد تكون صورة متكررة يومياً، والعاملون هم نفسهم الذين بدأ بهم من مخرجين ومصورين وفنيين بالصوت والإضاءة.
كانت العادة أن يخرج البرامج الحية (المخرج الخفر) وفي يوم 24 آذار من عام 1963 كان المخرج الخفر الراحل كمال عاكف الذي سألني عما أنوي تقديمه في البرنامج.. فقدمت له صورة موجزة عنه واصطحبني للأستوديو وعرفني على المصورين الذين ما زلت اذكر أسماءهم وهم: قاسم الصافي – ويشوع – وجورج – ويحين. والتي استمرت علاقتي بهم حتى اعتزالي في عام 1993.
لم أفكر مطلقاً بأن أكون مقدم برامج أو معلقاً رياضياً، ولكنها الصدفة والصدفة وحدها هي التي قادتني إلى ذلك.
كنت أنا وزكي الجابر قد سافرنا معاً الى الولايات المتحدة في 12 أيلول 1958 للدراسة العليا هناك ورجعنا الى العراق في ايلول عام 1960.

    

وتشاء الصدف أن يعيّن الجابر مديراً للتلفزيون فاتصل بي عن طريق زميل الطفولة الأخ ضياء حسن لتقديم برنامج رياضي... ترددت في بداية الأمر، وقلت للأخ ضياء حسن، أرجو أن تبعدني عن هذه المهمة، لأنني لا أجيد الوقوف أمام الكاميرا وليس لي رغبة بالظهور في التلفزيون، ولكنهما أصرا على ذلك، وفعلاً رضخت لإرادتهما وقدمت أول حلقة من التلفزيون في التاريخ المذكور ولهما يعود الفضل الأول والأخير لدخولي التلفزيون.
أما التعليق الكروي فإن صاحب الفضل عليّ هو أستاذي الراحل إسماعيل محمد، الذي علمني أسس التعليق الصحيح وأخذ بيدي وسمح لي بدقائق في بداية الأمر إلى أن أصبحت قادراً على التعليق مباراة كاملة.
أتاح لي التلفزيون التعرف على نخبة من الأدباء والفنانين والشعراء، حيث كانوا يتواجدون بالقرب من الأستوديو لتقديم برامجهم، لأن جميع البرامج كانت تقدم على الهواء مباشرة لعدم وجود (الفيديو تيب) الخاص بالتسجيل والذي بدأ عام 1966 مع بداية كأس العرب التي نظمها الاتحاد العراقي لكرة القدم فى ملعب الكشافة وفاز ببطولتها العراق.

           

تعرفت خلال تلك الفترة على الراحل الدكتور مصطفى جواد والأستاذ سالم الآلوسي وأستاذي في المدرسة الابتدائية الدكتور علي حسين أمين وعلى الفنانين يوسف العاني وناظم الغزالي ووديع خوندة ويوسف عمر ورضا علي وأحمد الخليل وسليمة مراد وعفيفة اسكندر ولميعة توفيق ومائدة نزهت وأحلام وهبي وكثيرين غيرهم.

ومن المخرجين الذين كانوا يعملون في تلك الفترة المرحوم حيدر العمر والفنان خليل شوقي وعبد الهادي مبارك وكريم مجيد والمرحوم ناظم الصفار والمرحوم مهدي الصفار وغيرهم.
أما مخرجو برنامج الرياضة في أسبوع، فكان أولهم كمال عاكف وآخرهم عبد الحليم الدراجي وبينهم المخرجون الخفراء المذكورة أسماؤهم سابقاً، وخالد المحارب والمرحوم قاسم عباس وفيصل جواد كاظم (أرجو من الله أن يمنّ عليه بالشفاء) إلا أن عبد الحليم الدراجي بقي الفترة الأطول في إخراج البرنامج بمساعدة الأخ د. فاضل جتي.
ومن الفنيين الذين عملوا معي في المونتاج السينمائي كان علي مكي وعلي حسين، أما مونتاج الفيديو فعمل الكثيرون وكانوا يتناوبون أسبوعياً حسب جداول عملهم ومنهم – مارتن يوسف – صباح ميخائيل – محمد حسن عباس – مدحت – جمعة لازم – سيروان – رويدة.
إلا أن عملية المونتاج الكبرى كان يقوم بها المخرجون المرحوم قاسم عباس وفيصل جواد كاظم وعبد الحليم الدراجي.
ومن مصوري الكاميرا المحمولة تامر جعفر وداخل حمد وصدقي ومن المصورين السينمائيين قبلهم عبد الله سلمان – شكوري – سالم رديف – قاسم – حسن.
وإثباتاً للحقيقة لم يكن برنامج الرياضة في أسبوع من نتاج شخص واحد، وإنما كان من نتاج جميع الذين ذكرت أسماءهم واعتذر إذا كنت قد نسيت بعضهم لأنني من دون شك لا استطيع أن أتذكر جميع الذين عملت معهم بعد 47 سنة.
وكلمة أخيرة أقولها، لولا هؤلاء جميعاً لما تمكن المشاهد من مشاهدة حلقة واحدة من البرنامج لأننا عملنا كعائلة واحدة كان هدفها تقديم الأفضل للمشاهد في ظروف لم تكن سهلة على الإطلاق.

    

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1268 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع